اختر لغتك

داعش بعد سرت: عين على «فزان» وعين على «تونس»

من شبه دولة مستقرة على مساحة ممتدة، تُمضي أحكامها القاسية على الناس، إلى مجموعات محاصرة وعناصر فارة من الموت والرصاص. هذا حال الفرع الليبي لتنظيم داعش. فمنذ تشكيل حكومة الوفاق الوطني ورغم التجاذب في المواقف حولها وعدم الاتفاق بين الليبيين على شرعيتها، اختارت في أولى خطواتها مهاجمة التنظيم في مدينة سرت عبر عملية ما يعرف بالبنيان المرصوص.

ويبدو أن العملية بدأت تأخذ مسارها المخطط له بسيطرة القوات التابعة لحكومة الوفاق على المراكز الرئيسية في سرت وعلى تطويق المدينة بالكامل الأمر الذي أدى إلى هروب أغلب عناصر داعش واختباء البقية. ومن بين العوامل التي ساعدت على تحجيم سيطرة التنظيم المتطرف في المدينة، الغارات الجوية التي قامت بها الولايات المتحدة منذ بداية الحملة على مواقع حساسة كانت تعتبر قواعد رئيسية له.

الورطة التي وقع فيها التنظيم وطرده نهائيا من سرت والتضييق عليه في أغلب مناطق انتشاره ستجعله أمام حتمية البحث عن أماكن تمركز جديدة وهذه المرة لن تكون في سواحل البلاد بسبب سيطرة الجيش الليبي الذي يقوده الفريق خليفة حفتر في الشرق وسيطرة المسلحين التابعين لحكومة السراج على المنطقة الغربية، وبالتالي فإن جنوب البلاد خاصة المناطق التي تغيب فيها الدولة أو التي تشهد صراعات داخلية قد يكون وجهة داعش القادمة.

وما قد يسهل تحرك داعش نحو الجنوب هو عدم التوافق على شرعية السلاح في البلاد بين قوات الجيش الوطني، تقوم بمجهودات كبرى منذ أشهر للقضاء على المظاهر المسلحة في بعض المدن وتحارب التنظيمات المتطرفة على أكثر من واجهة، وبين قوات في الغرب مدعومة غربيا تشكلت تحت إمرة حكومة الوفاق الوطني بعد مخاض طويل من المفاوضات شرقا وغربا واختارت أن تكون أولى حروبها في سرت للقضاء على داعش، يعني أن البلاد تتجاذبها قوتان مسلحتان

هذ الإنقسام السياسي والعسكري قد يكون عاملا مساعدا لتنظيم داعش للبحث عن أماكن تمركز جديدة في الداخل الليبي وهو الذي أصبحت له الخبرة في سوريا وليبيا على اختيار المواقع التي تكون في الغالب حيوية وكثيرة الموارد، لكن هذا يبقى مجرد تخمينات في ظل الانهيار المفاجئ الذي أصابه من مدة بداية بالعراق.

التضييق الكبير عليه وإرهاقه في ليبيا قد يغيران من تكتيكاته وربما يفكر أيضا في الاتجاه غربا نحو تونس التي كانت له فيها تجربة فاشلة في شهر مارس الماضي، فلا خيارات كثيرة أمامه في ظل العين الفرنسية الموجودة في كل من النيجر وتشاد والاستعدادات الجزائرية على الحدود مع ليبيا، إلا أن يفكر في تونس التي قد يحاول الاقتراب من حدودها لمعرفة مدى قدرته على المجازفة مرة أخرى، حيث ذكرت بعض المصادر الإعلامية أن عناصر داعش تفرقت ومنها من غير حتى من شكله واستعمل جوازات ليبية مزورة للمرور نحو تونس التي تشهد بدورها هذه الأيام بعض الاحتجاجات الاجتماعية في مناطقها الحدودية الغربية والشرقية.

بل إن بعض المصادر الإعلامية تقول إن عناصر من داعش ليبيا قد تمكنت فعلا من دخول تونس والمشاركة في عملية جبل سمامة الأخيرة التي أدت إلى استشهاد عنصرين عسكريين. لكن الدرس القاسي الذي تلقاه داعش في مدينة بنقردان الحدودية قبل أشهر وفي توقيت قياسي والخبرة التي بدأ يكسبها الجيش التونسي في محاربة الجهاديين وتمركزه الجيد قرب المنطقة العازلة مع ليبيا قد تجعل مهمته في التمركز في تونس شبه مستحيلة.

الشيء المؤكد أن تنظيم داعش يعيش أصعب أيامه بعد تراجع الدعم الذي كان يتلقاه عسكريا من عدة أطراف إقليمية ودولية وبعد هزيمته على أكثر من واجهة في العراق وسوريا وليبيا وقرار القوى الغربية المشاركة في محاربته عسكريا، كلها عوامل تشي بتراجعه بشكل كبير. فالعين المفتوحة في الداخل جنوبا قد تُقطع عنها مصادر التمويل والدعم، والعين المراقبة غربا أصبحت بعيدة المنال خاصة بعد أن تم تحجيمه في صبراتة منذ أن بدأ في تمركزه فيها وهي المنطقة الأقرب إلى تونس، ما يعني أننا قد نعيش نهاية سريعة له، وقد تكون هذه أسرع نهاية لتنظيم صعد بقوة ووضع قدمه في أكثر من منطقة وتسبب في حروب في أكثر من مكان محاولا تأسيس دولة فشل مشروعها سريعا.

 

 

آخر الأخبار

لمنتخب التونسي بين طموحات المونديال وتعزيز الصفوف: رهانات المرحلة القادمة:  الطريق إلى مونديال 2026: تحديات وآمال

المنتخب التونسي بين طموحات المونديال وتعزيز الصفوف: رهانات المرحلة القادمة:  الطريق إلى مونديال 2026: تحديات وآمال

الإعلام في خدمة الطفولة: إتحاد إذاعات الدول العربية يدعم جمعية SOS تونس: مبادرة ذات بعد إنساني

الإعلام في خدمة الطفولة: إتحاد إذاعات الدول العربية يدعم جمعية SOS تونس: مبادرة ذات بعد إنساني

تونس: الفريق القانوني لإسناد أسطول الصمود يؤكد سلامة المشاركين ويكشف تفاصيل الوثائق التي عرضها الاحتلال

تونس: الفريق القانوني لإسناد أسطول الصمود يؤكد سلامة المشاركين ويكشف تفاصيل الوثائق التي عرضها الاحتلال

ناقلة «بوراكاي» وتنامي تهديد «الأسطول الشبح»: ما الذي نعرفه حتى الآن؟

ناقلة «بوراكاي» وتنامي تهديد «الأسطول الشبح»: ما الذي نعرفه حتى الآن؟

المغرب: احتجاجات جيل زد 212 تتصاعد ومطالب بإقالة الحكومة بعد ليلة سادسة من التظاهرات

المغرب: احتجاجات جيل زد 212 تتصاعد ومطالب بإقالة الحكومة بعد ليلة سادسة من التظاهرات

Please publish modules in offcanvas position.