اختر لغتك

جمعية أكسيا تنظم دورة تكوينية حول الذكاء الاصطناعي التوليدي في خدمة الإدارة والرقابة العمومية

جمعية أكسيا تنظم دورة تكوينية حول الذكاء الاصطناعي التوليدي في خدمة الإدارة والرقابة العمومية

في إطار سعيها الدائم إلى مواكبة التحول الرقمي وتعزيز كفاءات الإطارات في مجالات التكنولوجيا الحديثة، نظمت جمعية أكسيا يوم السبت 11 أكتوبر 2025 بمقرها دورة تكوينية بعنوان «الذكاء الاصطناعي التوليدي في خدمة الإدارة والرقابة العمومية»، وقد شهدت الدورة حضورا لافتا بلغ نحو خمسة وأربعين مشاركا من أعضاء الجمعية وإطارات الهياكل الشريكة وهو عدد فاق طاقة استيعاب القاعة بما يعكس اهتماما متزايدا بهذا المجال الذي بات يشكل ركيزة أساسية في تطوير العمل الإداري والبحثي.

هذا وأشرف على هذه الدورة الأستاذ محمد علي نحالي، استاذ جامعي بجامعة تونس الافتراضية وخبير تكنولوجيات التدريس الذي قدم عرضا ثريا جمع بين التأصيل النظري والتطبيق العملي، موضحا أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد أداة تقنية بل أصبح منظومة فكرية ومجتمعية تعيد تشكيل أنماط التفكير وأساليب العمل.

وفي بداية الجلسة، قدم المكون تعريفا دقيقا لمفهوم الذكاء الاصطناعي باعتباره فرعا من علوم الحاسوب يهدف إلى تطوير أنظمة قادرة على أداء مهام تتطلب عادة ذكاء بشريا مثل التحليل والفهم واتخاذ القرار، ثم انتقل إلى توضيح مفهوم الذكاء الاصطناعي التوليدي مبينا أنه يمثل مرحلة متقدمة في تطور الذكاء الاصطناعي، إذ لا يقتصر على تحليل البيانات فحسب بل يمتلك القدرة على إنتاج محتوى جديد من نصوصا وصورا وأصواتا  مستندا إلى أنماط لغوية ومعرفية سبق أن تعلمها من بيانات ضخمة ومتنوعة.

وانطلاقا من هذا المفهوم، أبرز الأستاذ نحالي أن هذه التقنيات تفتح آفاقًا واسعة أمام مؤسسات الدولة والإدارة العمومية، إذ يمكن توظيفها في إعداد التقارير الرسمية وصياغة المراسلات وتوليد الملخصات وتنظيم الفهارس ورسم الخرائط الذهنية ومعالجة البيانات، فضلا عن تصميم العروض التقديمية والفيديوهات التوضيحية، ومن هذا المنطلق دعا المكون إلى ضرورة إتقان فنّ “التوجيه الذكي” أو الـPrompting الذي يقوم على صياغة التعليمات الدقيقة والواضحة للحصول على نتائج موثوقة ومفيدة من أدوات الذكاء الاصطناعي المختلفة مثل ChatGPT وGemini وNotebook LM.

كما حرص المكون خلال العرض على الجمع بين المعرفة العلمية والتجريب العملي حيث عرض للحضور مجموعة من الأمثلة التطبيقية المباشرة التي تظهر كيف يمكن لهذه الأدوات أن ترفع من كفاءة الأداء المهني وتحسن جودة العمل وتساهم في ترشيد الوقت والجهد، وقد شكلت هذه التطبيقات فرصة حقيقية للمشاركين لاكتشاف مدى قدرة الذكاء الاصطناعي التوليدي على تبسيط المهام الإدارية والبحثية المعقّدة.

ومع التقدم في الجلسة، انتقل النقاش بسلاسة إلى الأبعاد الأخلاقية والقانونية لاستخدام هذه التقنيات حيث شدّد المكون على أهمية التعامل الواعي والمسؤول مع الذكاء الاصطناعي نظرا لما قد ينطوي عليه من مخاطر تتعلق بالتحيز أو انتهاك الخصوصية أو الاعتماد المفرط على الآلة، كما أشار إلى أن القوانين التونسية لا تزال تفتقر إلى إطار تشريعي واضح ينظم استعمال هذه الأدوات داخل الجامعات والإدارات العمومية على خلاف ما هو معمول به في العديد من الدول المتقدم، مما يجعل من الضروري وضع مواثيق وطنية تحدد ضوابط الاستخدام الأخلاقي والقانوني.

وفي هذا السياق، دار نقاش ثري بين المشاركين حول مدى مشروعية استخدام الطلبة للذكاء الاصطناعي في إعداد بحوثهم الجامعية حيث انقسمت الآراء بين من يرى في ذلك خطرا على النزاهة الأكاديمية ومن يعتبره فرصة لتطوير أدوات التعلم والبحث، وقد دعا الأستاذ نحالي إلى اعتماد مقاربة متوازنة تقوم على تنظيم الاستعمال بدلا من منعه معتبرا أن الخوف من الذكاء الاصطناعي لا يجب أن يحجب الإمكانات الواسعة التي يتيحها بل ينبغي توجيهه بما يخدم التطور العلمي والمعرفي.

ومن اللافت خلال الدورة، التجربة التفاعلية التي تم خلالها إجراء حوار مباشر بالصوت والصورة مع نموذج ذكاء اصطناعي حول أحد المواضيع العلمية وهو ما أثار دهشة المشاركين وإعجابهم بقدرات هذه النظم على الفهم والإجابة بسلاسة، وقد علق بعض الحضور ممازحين بأن المكون كان يمكن أن يترك الحاسوب يقدم المداخلة بنفسه! غير أن الأستاذ نحالي أكد أن الذكاء الاصطناعي مهما بلغ من تطور لن يلغي دور الإنسان بل سيجعل منه شريكا أساسيا وموجها للفكر والتقنية معا.

وفي ختام الدورة، عبر المشاركون عن ارتياحهم للمحتوى الثري والطريقة التفاعلية التي تم بها تقديم المادة مثمنين مبادرة جمعية أكسيا التي أتاحت لهم فرصة الاطلاع العملي على أحدث التطبيقات الذكية، وقد أجمع الحضور على أن مستقبل الإدارة والبحث العلمي في تونس لن ينفصل عن الذكاء الاصطناعي التوليدي وأن التحدي الحقيقي اليوم لا يكمن في مجرّد استعماله بل في حسن توجيهه وتوظيفه لخدمة التنمية والحوكمة الرشيدة.

وهكذا، فقد شكلت هذه الدورة محطة متميزة في مسار الانفتاح على التقنيات الحديثة ورسخت قناعة مفادها أن الذكاء الاصطناعي ليس بديلا عن الإنسان بل امتدادٌ لقدراته ومعيار جديد لتطوره الفكري والمجتمعي وأن من يحسن استخدامه اليوم سيكون الأقدر على صناعة الغد بثقة ووعي ومسؤولية.

آخر الأخبار

شرم الشيخ تحتضن قمة دولية لإنهاء حرب غزة... وترامب أبرز الحاضرين

شرم الشيخ تحتضن قمة دولية لإنهاء حرب غزة... وترامب أبرز الحاضرين

✨ توزر تحتفي بأبي القاسم الشابي: الحرية والإبداع يلتقيان في الذكرى 91 للشاعر الخالد

✨ توزر تحتفي بأبي القاسم الشابي: الحرية والإبداع يلتقيان في الذكرى 91 للشاعر الخالد

جمعية أكسيا تنظم دورة تكوينية حول الذكاء الاصطناعي التوليدي في خدمة الإدارة والرقابة العمومية

جمعية أكسيا تنظم دورة تكوينية حول الذكاء الاصطناعي التوليدي في خدمة الإدارة والرقابة العمومية

تونس: 19% من السكان بلا تغطية صحية: نصف المجتمع على حافة الفاتورة الطبية

تونس: 19% من السكان بلا تغطية صحية: نصف المجتمع على حافة الفاتورة الطبية

صالح الجدي لـ«توانسة»: "نحتاج إلى عقلية توزيع... لا إلى إنتاج محلي فقط!"

صالح الجدي لـ«توانسة»: "نحتاج إلى عقلية توزيع... لا إلى إنتاج محلي فقط!"

Please publish modules in offcanvas position.