اختر لغتك

ورشة عمل لتعزيز شراكة المجتمع المدني والدولة في دعم المبادرة الذاتية بمركز إفادة 

ورشة عمل لتعزيز شراكة المجتمع المدني والدولة في دعم المبادرة الذاتية بمركز إفادة 

انطلقت اليوم ورشة العمل المخصصة للجمعيات الناشطة في مجال المبادرة الذاتية بتنظيم مشترك بين منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OCDE) بتقديم من الاستاذ شرف الدين اليعقوبي خبير في الحوكمة ومكافحة الفساد ومؤسسة "إفادة"، وذلك في إطار تعزيز مشاركة المجتمع المدني في السياسات العمومية ذات الصلة بالمبادرة الذاتية، وقد انعقدت الورشة يوم 11 جوان 2025 بمشاركة واسعة من ممثلي المجتمع المدني مما عكس الأهمية المتزايدة للموضوع والحاجة الملحة إلى تطوير آليات تعاون فعالة ومستدامة.

وقد شهد اللقاء نقاشات معمقة تناولت دور الجمعيات في تقييم السياسات العمومية المرتبطة بالمبادرة الذاتية حيث تم التركيز على التحديات التي تواجه التعاون بين المجتمع المدني والإدارة والفرص المتاحة لتوسيع الشراكة لتشمل فاعلين إضافيين إضافة إلى ضرورة وجود مرجعيات قانونية وتنظيمية واضحة تدعم المبادرة الذاتية كآلية تنموية فاعلة ومستدامة، وافتتحت الجلسة بكلمة ترحيبية تلتها عرض تقديمي لمشروع المساعدة في السياسات العمومية الذي ترعاه منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والذي يهدف إلى دعم الحوكمة التشاركية وبناء استراتيجيات تنموية متكاملة تشمل الفاعلين المحليين في صنع القرار.

واستؤنفت الجلسات بجلسة معمقة تناولت السياسات العمومية في مجال المبادرة الذاتية حيث برزت إشكاليات جوهرية مثل غياب التنسيق بين المتدخلين وضعف إشراك الفاعلين المحليين في صياغة السياسات، بالإضافة إلى الحاجة الملحة إلى مرجعيات قانونية وتنظيمية واضحة تدعم المبادرة الذاتية كآلية فعالة للتنمية المستدامة، واختتمت بعرض لمجالات العمل المستقبلية التي يمكن من خلالها رفع فعالية هذه السياسات وجعلها أكثر انسجاما مع الواقع المحلي مع التأكيد على ضرورة استمرار العمل التشاركي لضمان استدامة وتأثير البرامج التنموية.

ولم تكن هذه الورشة مجرد حدث عابر لكنها مثلت لحظة كشف حقيقية تعكس واقع العلاقة بين الدولة والمجتمع المدني في تونس، فبالرغم من الجهود المتكررة للإصلاح لا يزال المجتمع المدني يواجه فجوات هيكلية تحول دون مشاركته الحقيقية في صنع القرار إذ يقتصر دوره في الغالب على الاستشارات الشكلية أو التنفيذ بعيدا عن موقع الفاعل المؤثر، وهذا الإقصاء المقنع الذي تمارسه أحيانا البيروقراطية عبر التهميش والتأجيل ورفض الاعتراف بالمقترحات يولد إحباطا ويحد من إمكانيات المبادرات الذاتية التي تمثل أملا حقيقيا في التنمية القاعدية.

ومع ذلك، برز خلالها وعي متزايد بضرورة تجاوز هذا الواقع عبر تأسيس آليات مؤسساتية دائمة للتنسيق والمتابعة بدلا من الاكتفاء باللقاءات الظرفية التي تفتقر إلى المتابعة والنتائج العملية، كما أكد المشاركون الحاجة إلى أدوات تقييم مشتركة تمنح المجتمع المدني دور الشريك المتكافئ لا مجرد مراقب خارجي ما يعزز الثقة ويبني تراكمًا معرفيا وعمليا يرفع جودة السياسات العمومية، كما تطرق النقاش إلى تحديات التمثيلية إذ لا تزال بعض الهياكل الرسمية تنظر إلى المجتمع المدني كأداة دعم تنفيذية وهو واقع يستوجب مراجعة عميقة في ثقافة وآليات الحكم.

ولا يخلو المشهد من بصيص أمل ينبع من وعي المجتمع المدني بضرورة الانتقال من منطق رد الفعل إلى بناء بدائل حقيقية، فقد تجلت هذه الرغبة في مقترحات ملموسة منها إحداث منصات تنسيق دائمة تضمن عرض الخطط الإدارية للنقاش ودمج مخرجات تقييم الجمعيات في صنع القرار الرسمي، إضافة إلى ذلك تم التأكيد على أهمية تمكين المجتمع المدني سياسيا ومعرفيا ليكون قادرًا على الترافع باستراتيجيات مدروسة وامتلاك أدوات تحليل السياسات مع ضمان مشاركة تتجاوز مجرد منح الموارد إلى فتح فضاءات فعل وتأثير ضمن إطار قانوني يحمي الشراكة ويعززها.

وفي النهاية، تشكل هذه الورشة محطة مفصلية في إعادة صياغة العلاقة بين الدولة والمجتمع المدني لتؤكد أن إشراك الفاعل المحلي لم يعد خيارا بل ضرورة حتمية لضمان عدالة وفعالية السياسات العمومية، إذ لا يمكن تحقيق المبادرة الذاتية دون قرار سياسي واضح يقطع مع الإقصاء ويعترف بالمجتمع المدني كشريك فعلي في التغيير لا تابع للسلطة، ومن هنا تبدأ معركة الوعي والإصلاح ويفتح الأمل آفاقا جديدة لمؤسسات تصغي وتتحمل مسؤولياتها فتعيد بناء الثقة وتعزز الديمقراطية بالمشاركة الحقيقية لتصبح السياسات العمومية تعبيرا صادقا عن تطلعات المواطنين لا مجرد شعارات متداولة في المؤتمرات والورش.

كما وأنها خطوة أولى في مسار طويل يتطلب إرادة سياسية حقيقية ومتابعة مستمرة ورغبة جماعية في بناء تونس تحترم مواطنيها وتمنحهم الفرصة ليكونوا فاعلين لا متلقين ليكتبوا معا قصة تنمية حقيقية تنبع من قواعد المجتمع ومراكزه الحيوية حيث يزدهر الحلم الوطني في أفق المشاركة والمسؤولية المشتركة.

 

مندوبة توانسة: ايمان مزريقي واكبت فعاليات الورشة

آخر الأخبار

الإعلان عن المتوجين بجائزة مصطفى عزوز لأدب الطفل 2025: تكريم للإبداع العربي في أدب اليافعين وسط أجواء احتفالية مميزة

الإعلان عن المتوجين بجائزة مصطفى عزوز لأدب الطفل 2025: تكريم للإبداع العربي في أدب اليافعين وسط أجواء احتفالية مميزة

نزيف العقول: 40 ألف مهندس تونسي يهاجرون.. وعميد المهندسين يصف المشهد بـ"الكارثة الوطنية"!

نزيف العقول: 40 ألف مهندس تونسي يهاجرون.. وعميد المهندسين يصف المشهد بـ"الكارثة الوطنية"!

القاهرة تحذّر: لا زيارات إلى حدود غزة دون إذن مسبق!

القاهرة تحذّر: لا زيارات إلى حدود غزة دون إذن مسبق!

الأسعد الدريدي على رأس الإطار الفني للنجم الساحلي: بداية جديدة بعد موسم للنسيان

الأسعد الدريدي على رأس الإطار الفني للنجم الساحلي: بداية جديدة بعد موسم للنسيان

قافلة الصمود من أجل كسر الحصار عن غزة: مبادرة مغاربية تتوجه برسالة طمأنة إلى مصر

قافلة الصمود من أجل كسر الحصار عن غزة: مبادرة مغاربية تتوجه برسالة طمأنة إلى مصر

Please publish modules in offcanvas position.