اختر لغتك

بين التكريم والاستغلال: قراءة في تدوينة الفنان عدنان الشواشي وأزمة المهرجانات الصيفية

بين التكريم والاستغلال: قراءة نقدية في تدوينة الفنان عدنان الشواشي وأزمة المهرجانات الصيفية

بين التكريم والاستغلال: قراءة في تدوينة الفنان عدنان الشواشي وأزمة المهرجانات الصيفية

تأتي تدوينة الفنان عدنان الشواشي كصرخة محتدمة في فضاء الثقافة، تدعو إلى إعادة النظر في واقع "التكريمات" التي تحوّلت إلى ظاهرة صيفية سنوية تحمل بين طياتها تناقضات كثيرة تثير القلق حول مكانة الفنان وقيمته الحقيقية في المشهد الفني.

في جوهر ما طرحه الشواشي يكمن سؤال جوهري: هل أصبح التكريم فنًا مستقلًا بذاته، أم مجرد غطاء لاستغلال الفنانين في موسميّات الفعاليات؟ هو سؤال يعكس أزمة أعمق تتعلق بتراجع مفهوم الاحترام المهني للفنان داخل منظومة الإنتاج الفني والثقافي.

التكريم، حسب المفهوم النبيل، هو احتفاء بالمسيرة والعطاء، هو رسالة تقدير حقيقية تمنح الفنان دفعة معنوية تعكس مكانته. لكن في الواقع العملي، كما يشير الشواشي، تحولت التكريمات إلى مناسبات تُعقد في أوقات محددة (صيفًا تحديدًا)، حينما يكون الفنان مشغولًا بأقصى طاقته، ويُطلب منه تقديم عروض مجانية تحت ضغط التوقيت والمناسبات، في ظل ظروف غير مهنية من حيث التجهيزات والفرق الموسيقية.

هذا التناقض يحمل دلالات مهمة: أولًا، هو استهتار غير مسبوق بقيمة العمل الفني، حيث تُسلب قيمة العطاء مقابل "شهادة" لا تساوي شيئًا في واقع الفنان اليوم. ثانيًا، يكشف ضعفًا في الرؤية الإدارية والتنظيمية لدى بعض هيئات المهرجانات التي تسعى إلى التكريم ليس من منطلق تقدير حقيقي، بل كأداة استقطاب وتجميل لبرامجها، ربما على حساب كرامة الفنان.

التوقيت الصيفي، الذي وصفه الشواشي بأنه "لغز"، ليس مجرد اختيار عشوائي، بل قد يعكس محاولة لاستغلال انشغال الفنانين ببرمجة عروضهم، مما يضعهم في وضع لا يتيح لهم رفض الطلبات المجحفة. هذه النقطة توضح كيف أن بعض منظمي المهرجانات يستغلون توقيت ذروة النشاط الفني لتحقيق مصالحهم، متناسين أن تكريم الفنان يجب أن يكون في ظروف تحفظ له احترامه ووقته.

الرسالة الأعمق التي يحملها الشواشي تنحو نحو استدعاء الضمير الجمعي لكل الهيئات الفنية والثقافية. فتكريم "شيوخ الفن" الذين أفنوا أعمارهم في العطاء، خاصة المتقاعدين والراحلين منهم، يجب أن يكون الأولوية، ويجب أن يتم في أجواء تليق بمقامهم، لا في مراسم شكلية تتكرر سنويًا بلا روح.

كما يلمح إلى ضرورة إعادة التوازن بين العمل والتقدير، فلا ينبغي أن يكون "العطاء" مقابل مجاملة أو أداء "بلا مقابل"، لأن ذلك يضع الفنان في خانة العمالة الفنية الرخيصة، بعيدًا عن الاحترام الذي يستحقه.

التدوينة إذًا، ليست مجرد نقد عابر، بل هي دعوة لإعادة بناء منظومة التكريمات بشكل ينسجم مع مبادئ العدالة الثقافية، ويعكس فهمًا عميقًا للدور الاجتماعي للفنان. فالفن لا يجب أن يكون سلعة تُباع رخيصة تحت غطاء التكريم، بل هو قيمة ثقافية تستحق تقديرًا محترمًا يعزز كرامة الفنان وينمي المشهد الثقافي.

في ظل هذا الواقع، يبقى السؤال المطروح: هل ستستجيب الهيئات الثقافية والمهرجانات لهذه الدعوة؟ وهل ستعيد الاعتبار للفنان بعيدًا عن مناسبات التكريم "السطحية"؟ الإجابة ستحدد إلى أي مدى يستطيع الفن أن يحتفظ بمكانته كرافعة للهوية والثقافة في المجتمع، لا كأداة للاستغلال والتجميل فقط.

آخر الأخبار

النادي الإفريقي يفتح باب الشراكة العالمية: بحث عن مُعدّ تجهيزات بحجم الأسطورة

النادي الإفريقي يفتح باب الشراكة العالمية: بحث عن مُعدّ تجهيزات بحجم الأسطورة

سباق "فيكسيت بهارات 2025" يرسّخ الديبلوماسية الرياضية بين الهند وتونس

سباق "فيكسيت بهارات 2025" يرسّخ الديبلوماسية الرياضية بين الهند وتونس

كرامة المسنين حقوق وحياة في تونس 

كرامة المسنين حقوق وحياة في تونس 

الذاكرة الوطنية التى لا تمحى والصمود أمام العدوان في ذكرى الأربعين  لمجزرة حمام الشط

الذاكرة الوطنية التى لا تمحى والصمود أمام العدوان في ذكرى الأربعين  لمجزرة حمام الشط

"أيام في بالي" لمحمد الماطري صميدة: رحلة تونسية ساحرة في قلب إندونيسيا

"أيام في بالي" لمحمد الماطري صميدة: رحلة تونسية ساحرة في قلب إندونيسيا

Please publish modules in offcanvas position.