في سياق التحول الرقمي الذي تقوده وزارة المالية لتعزيز شفافية المعاملات الجبائية، نظمت الشبكة التونسية للوداديات بالشراكة مع Polygon University وبدعم من APBS – Avicenne Private Business School دورة تأطيرية متخصصة أشرف عليها الخبير المحاسبي والجبائي الدكتور أنيس الوهابي، وقد خصصت هذه الدورة لشرح المضامين القانونية والتنظيمية للفصل 41 من قانون المالية لسنة 2022 وهو الفصل الذي أرسى الإطار التشريعي لإحداث منصة وطنية رقمية تحت مسمى «تاج» المخصّصة لإدارة وإصدار شهائد الخصم من المورد عبر منظومة إلكترونية موحّدة.
هذا الفصل وبحسب النصوص المنشورة بالرائد الرسمي يلزم جميع المؤسسات والهياكل الخاضعة للخصم من المورد بالانخراط في المنصّة وإدراج بياناتها الجبائية والاقتصادية وتحيينها دوريا مع اعتماد الوثائق الإلكترونية حصريا في إعداد الشهائد والتصاريح والإدخالات المتعلقة بالفوترة والمعاملات المالية، وقد أعلنت وزارة المالية رسميا وفق بلاغات منشورة على منصّتها وعلى مواقع إعلامية وطنية أن الانخراط يصبح إجباريا ابتداء من 1 جانفي 2026 بعد فترة انتقالية انطلقت منذ جوان 2024 تاريخ إطلاق المنصّة لأول مرة.
وتشير البيانات التي قدمتها الإدارة العامة للأداءات في تصريحات سابقة إلى أن اعتماد «تاج» يدخل ضمن برنامج أوسع للرقمنة يستهدف التقليص من الفوترة الورقية وتسهيل مراقبة الخصم من المورد، والحد من التجاوزات الجبائية، وقد ذكرت عدة تقارير صحفية أن ما يفوق 350 ألف مؤسسة معنية تدريجيا بالانتقال إلى المنظومة مع توقع دمج نحو 1.2 مليون معاملة جبائية سنويا داخل قاعدة بيانات رقمية موحدة، كل هذه الأرقام وإن كانت تقريبية تعكس حجم التحول الهيكلي الذي تستعد له المنظومة الجبائية.
وخلال الدورة، أوضح الدكتور أنيس الوهابي أن الالتزامات المفروضة لا تتعلق فقط بإدراج المعلومات الأولية لكنها تفرض أيضا توفير واجهات رقمية قابلة للربط الفوري بأنظمة الإدارة واعتماد تقنيات تحقق إلكتروني تحفظ سلامة السجلات الجبائية، وأكد أن تطبيق المنصة سيعيد هيكلة المسارات المحاسبية داخل الجمعيات والوداديات والمؤسسات بما يتماشى مع المعايير الدولية للحوكمة المالية.
وفي ما يتصل بالجزاءات، فقد شدد المؤطر على أن قانون المالية ينص على وجود عقوبات مالية وإدارية عند المخالفة غير أن تفاصيل بعض الغرامات مثل النسبة المتداولة في الإعلام والمقدرة بـ 30% من مبلغ الخصم مع حد أدنى 50 دينار لا تزال بحاجة إلى تأكيد نصي من التراتيب التطبيقية أو الأوامر الحكومية باعتبار أن النصوص الرسمية المتاحة لا تقدّم رقمًا واضحًا ونهائيًا في هذا الشأن، وقد تم التنبيه إلى ضرورة انتظار نشر المذكرات التفسيرية التي ستصدرها الإدارة العامة للأداءات قبل بداية 2026.
وخلصت الدورة، التي حضرها ممثلون عن عدد من الوداديات والجمعيات إلى أن الانتقال نحو «تاج» ليس مجرد إجراء تقني بل يمثل تغييرا جوهريا في بنية العلاقة بين المتعاملين والإدارة الجبائية يقوم على المعالجة الرقمية الفورية وتقليص التباينات المحاسبية وتثبيت مبدأ الشفافية في كل مراحل الخصم من المورد، وبذلك تبدو سنة 2026 محطة فاصلة في مسار تحديث الجباية التونسية خاصة مع توسع رقعة الالتزام لتشمل قطاعات اقتصادية واجتماعية متنوعة.



