الزطلة أو الحشيش، حسب الفقه الإسلامي، حرام رغم أنه لم يرد في التحريم أي نص، لا في القرآن ولا في السنة. أما وقد أصبح التحريم أفدح من التحليل، فقواعد الفقه تفرض باسم العدل أن تكون الزطلة حلالا عملا بالقاعدة في أن درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة.
من دواعي تحليل الزطلة:
يفرض الفقه الإسلامي، إذا لزم الأمر في إزالة الضرر، دفع المضرة الأكبر بمضرة أقل؛ وهذه ولا شك حال الزطلة اليوم، إذ أصبح مجرد تعاطي ما ليس بأكثر مضرة من التبغ، يهدر مستقبل شبابنا ظلما؛ وذاك ما تحتمه قاعدة « لا ضرر ولا ضرار».
ثم نحن نعلم أن الفقه الإسلامي لا يقبل التحريم إلا بصريح النص، فيبقى حلالا كل ما لم يقع تحريمه؛ وليس هناك أي نص في تحريم الحشيش أو الزطلة، إذ هو من اجتهاد الفقهاء من باب القياس والإجماع. فهل لاجتهاد الفقهاء صفة الأزلية التي هي في الأحكام الإسلامية؟ وأليس الخطأ من صفات البشر؟ لذا، لا بد من مراجعة الاجتهاد البشري حسب الظرف الزمني وتطور الأحوال.
لقد استنبط الفقهاء التحريم من الآيتين 90 و91 من سورة المائدة ومن حديث الرسول من أن كل مسكر حرام. بذلك كان تحريم الحشيش يوازي تحريم الخمرة؛ وقد كنا بينا سابقا أن الحرام في الإسلام ليست الخمرة بل السكر. كذلك إذن ليست الزطلة مما حرّم الله، بل التحريم من اجتهاد عباده باعتبار الحشيش مسكر.
الزطلة أو الحشيش في الإسلام:
استهلاك الحشيش أو الزطلة ليس حديثا في شعبنا، فليس هو عادة مستوردة. كان أول ظهور الحشيش، حسب المقريزي في خططه، عام 617 على يد شيخ الحيدرية، وهي من الفقراء المتصوفة؛ لذا سمّيت حشيشة الفقراء؛ وقد بيّن أنه كان منتشرا بين فقراء أهل التصوف؛ مع العلم أن هناك من الطوائف الصوفية التي تقول بتحريمه.
وكان يُعرف بفوائده الجمة، وقد تحدث عنها ابن سينا في القانون، كما ذكرها النطاسي حنين بن إسحاق. وهذا طبعا عندما لا يقع خلط مادة الحشيش الأساسية بما نراه اليوم من مواد دخيلة في القنب الهندي جراء التحريم.
قلنا إن التحريم متأت من صفة الإسكار؛ إلا أن هناك من الفقهاء من رفض هذه الصفة للحشيش، كالإمام القرافي، رغم أنه يقول بتحريمه. أما من أباح الزطلة، فقد أنكر صفة الإسكار وقال بأن مفعول الحشيش ليس إلا الإفتار، وهو غير محرم في النبات.
ولا أحد ينكر اليوم الفرق بين السكر والفتور أو التخدير؛ لذا، ليس هناك اتحادا في العلة ولا في النتيجة بينهما، إذ في السكر الانبساط والهياج مع الغيبة الكاملة، بينما ليس في الفتور إلا السكون مع غيبة جزئية.
إن التحريم في الإسلام يعتمد أساسا على انعدام العقل بسبب استهلاك المحرّم؛ أما إذا دام العقل رغم الاستهلاك، فلا تحريم. وهذا ما يحصل عند من لا يكثر من الزطلة، تماما كمن لا يبالغ في احتساء الخمرة.
لذا، يمكن القول أنه لا تحريم في الإسلام للزطلة إلا إذا غالى المرء في تعاطيها إلى حد فقدان العقل؛ وليس هذا ما نرى شبيبتنا تفعله. فهلا حان الوقت للكف عن ظلمها باسم الإسلام بينما ليس الله بظلام للعبيد؟
* لا يعني نشر الآراء من قبلنا تبنينا لها بأي صفة من الصفات .