الصفحة 2 من 3
لهجة معتدلة
ألقى البرهان ما يمكن وصفه بـ”الطُعم” للقوى السياسية غير المتوافقة مع تحالف الحرية والتغيير، والمناوئة بشكل كامل للتعاون مع المكوّن العسكري، وأتاح الفرصة أمامها للمشاركة في هياكل السلطة الانتقالية دون أن يوضح ماهية تلك القوى التي ينوي التنسيق معها.
ويقول متابعون إن الأحزاب التي ينوي الجيش التعاون معها هي ذاتها التي شكلت القاعدة العريضة لـ”اعتصام القصر”، إلى جانب عدد من الأحزاب المتحالفة مع حزب المؤتمر الوطني المنحل، وأطياف واسعة من القبائل والمكونات الصوفية والدينية التي تتماهى مع الأنظمة الموجودة على رأس السلطة مهما كانت توجّهاتها.
ووعد البرهان بسدّ الثغرات التي تركتها حكومة حمدوك، ومنها تشكيل المحكمة الدستورية ومجلس القضاء العالي وتعيين النائب العام الشهر الجاري، وأشار إلى أن الحكومة المقبلة سيتم تشكيلها بشكل يرضي كل أهل البلاد، وأنّ على كل ولاية ترشيح ممثل عنها لشغل المنصب الحكومي، وستكون الحكومة كلها مشكّلة من الكفاءات وليس من السياسيين.
ويشير المتابعون إلى أن ردّة الفعل القوية على مستوى الشارع ودخول الخرطوم وبعض المدن الأخرى في عصيان شامل، وحالة الذعر التي أصابت المواطنين بعد أن ذكّرتهم خطوات الجيش بانقلابات سابقة انعكست سلبا على الأوضاع طيلة العقود الماضية، والرفض الدولي الواسع والحديث الأميركي عن تعليق المساعدات، كلها دفعت إلى تهدئة لهجة الجيش التي توضّحت في خطاب فرض الطوارئ.
وحاول البرهان نفض يد الجيش والأجهزة الأمنية المتحالفة معه من أي عراقيل واجهت المرحلة الانتقالية، وألقى بالمسؤولية كاملة على عاتق القوى السياسية التي اتهمها بأنها من “رفضت إعادة تجربة سوار الذهب”، في إشارة إلى جنرال الجيش السابق الذي سلم السلطة للمدنيين، وأنها “أرادت الاستفراد بالمشهد واختطفت المبادرات التي أطلقها حمدوك”.
ورد الأمين العام لحزب الأمة القومي الواثق البرير قائلا “إنه مهما كان التباين بين القوى المدنية فذلك لا يُعطي سببا لاغتيال الوثيقة الدستورية وفض الشراكة والرجوع إلى المربع الأول للحكم العسكري، وإن خطوات الجيش كانت متوقعة، والشارع بدا أكثر قدرة على صدّ الانقلاب العسكري”.
وشكك البرير في إمكانية إتاحة الفرصة أمام القوى السياسية لمراقبة المرحلة الانتقالية والتشاور معها في استكمال هياكل السلطة، لأن قادة الجزء الأكبر من الأحزاب التي شاركت في المرحلة الانتقالية الفترة الماضية أضحوا في المعتقلات، وسيكون من الصعب التواصل مع القواعد، وهو أمر لا يتفق مع قواعد العمل السياسي.
وأوضح أن القوى السياسية تعمل على محاولة لملمة صفوفها ولديها توافقات على مقاومة الإجراءات الأخيرة بكافة السبل السلمية، لكن هناك مخاوف من أن تتصدر أي شخصية سياسية أو حزبية المشهد لأنه سيكون مصيرها الاعتقال والأمل في أن يستمر الشارع في صموده أطول فترة ممكنة.