"ماكينة يا ماكينة خليتنا ليك رهينة"..هذه الجملة التي يقولها كل تونسي أخبره موظف القنصلية في دولة قطر أن الماكينة معطلة ويتعذر استخراج جواز سفره في الوقت المحدد وبذلك عليه أن ينتظر إلى تاريخ غير محدد حتى ترأف الماكينة على حاله وتعود للعمل.
يبدو الموضوع ساخرا مريرا أو كنوع من أنواع الكوميديا السوداء التي تجعلك تضحك وتبكي في الوقت ذاته. شعور مؤلم لا يعرفه إلا من هزَّه الحنين للعودة الى بلاده على حلم الاجتماع بالأهل والأحباب لينصدم مرة أخرى بأنه لا يساوي شيئا في ميزان وطنه. فعودته ليست مهمة وكذلك شوقه وألمه وما يمكن أن يتحمله من مشاق ومتاعب كان بالإمكان تلافيها..
إنّ المتابع لقضية ماكينة جوازات السفر بالنسبة للتونسيين المقيمين في قطر، يصيبه الذهول من عدم المرونة والتفاعل الكافيين الذين ينظر بها المسؤولون في تونس لوضعية التونسيين المقيمين في دولة قطر رغم ما توفره هذه الجالية الكبيرة من عملة صعبة في تحويلاتها المالية إلى تونس بالإضافة إلى عددها الكبير و المتزايد الذي يحتاج توفير خدمات أكثر جدية ومرونة.
لقد تحول عطل الماكينة إلى قضية بل إلى معضلة في حياة من شاءت الساعة أن تخبره بأن جوازه قد انتهت صلاحيته. وهذه المشكلة تماما مثل الكأس الذي سيرتشف منه جميع التونسيين المقيمين في دولة قطر إذا لم يُحل من جذوره بدل الحلول التجميلية التي تخفي في داخلها استمرارية للعطب. فنصبح بذلك أمام كرة ثلج تكبر يوما بعد يوم كلما تدحرجت. إن توفير الحبر والورق غير كاف بالمرة ، أمام تعطل الماكينة بشكل دائم فلماذا لا يتم توفير الجهد والتعب بتزويد القنصلية بماكينة جديدة. وهذا أبسط مطلب يمكن أن يطالب به التونسي المقيم في دولة قطر، خاصة وأن الماكينة دائمة العطب بشكل دائم وهذا ما ينتج عنه تعطيل مئات التونسيين في العودة إلى بلادهم لقضاء العطلة الصيفية.
لا نبالغ إن قلنا إن تجديد جواز السفر بات يشكل كابوسا حقيقيا يؤرق التونسيين المقيمين في دولة قطر. فتأخير تسليم جوازاتهم يتسبب لهم في خسائر مادية كبيرة في ظل ما يواجهونه من ضغوطات الحياة في دولة تتصف بغلاء المعيشة و ارتفاع أسعار تذاكر الطيران بشكل مشط ، خاصة وأن أغلب التونسيين المقيمين في دولة قطر ليسوا من أصحاب الدخل المرتفع.
هذا بالإضافة إلى التأثير النفسي الذي ينتاب التونسي المقيم في قطر و الذي يجعله يشعر بأن وطنه قد أدار له ظهره ولم يتحرك أحد لحل مشكلة المفروض أنها تحل بصفة آلية دون الحاجة إلى كل هذه المماطلة.
مازال التونسي يتندر بألم وهو يمسك جواز سفر صديقه الأجنبي بين يديه عندما يقرأ في صفحته الأولى أن بلاده ستحرك أسطولها لأجله. يرى بأن ذلك حلما صعب المنال وكأنها اللعنة أو التهمة التي تحمَّلها دون أن يكون له ذنب فيها، لعنة أن يكون تونسيا وتونسيا بالخارج.
وعليه تدعو الجالية التونسية في دولة قطر المسؤولين والقيادة في تونس إلى النظر بكل جدية في أمر هذه الماكينة وذلك بتوفير أخرى جديدة. وإذا كانت الدولة عاجزة عن توفيرها فإن التونسيين المقيمين في دولة قطر على استعداد تام لفتح باب التبرع من أجل اقتناء ما عجزت الدولة على توفيرها./.