ودّع شباب تونس الأسبوع الماضي، الناشط السياسي في حزب «نداء تونس» الحاكم عادل الشواشي، على إثر انتحاره بإلقاء نفسه في قناة بمحافظة منوبة، بعد أن أعلن عبر «فايسبوك» عدم قدرته على مواصلة العيش في ظل ما تمر به البلاد من أزمات متوالية وعجز الحاكمين عن إيجاد حلول على رغم مرور خمس سنوات على الثورة.
على إثر انتشار خبر انتحار عادل، أكدت مصادر مقربة منه أن الشاب كان كشف ملف فساد بالمؤسسة التي يعمل فيها، وتقدم بالملف إلى وزير المال سليم شاكر، ظناً منه أن المحاسبة ستأخذ مجراها. غير أن الوزارة تجاهلت الملف وأوقفت إدارة المؤسسة مرتب عادل وكل الامتيازات التي يتمتع بها وحرمته من حقوقه كافة. كما أوقفت المؤسسة التعامل مع كل الوكالات المساهمة في كشف ملف الفساد، على رغم أن الوثائق التي تم تقديمها كانت كافية لفتح تحقيق في الموضوع.
هذا التعامل السلبي مع الملف دفع عادل الشواشي إلى نشر تدوينة على صفحته على «فايسبوك» يحتج فيها على استمرار الفساد والظلم، ويعبر فيها عن يأسه من قدرة الشباب على التغيير وعلى مواصلة الحزب الحاكم الذي ينتمي إليه انتهاج السياسات القديمة القائمة على تبجيل أصحاب رؤوس الأموال وحمايتهم وتجاهل مطالب الشعب. وكان عادل الشواشي يشغل منصب منسق جهوي لحزب «نداء تونس» في محافظة منوبة الشمالية.
ونعى الأمين العام لحزب المشروع والمنشق عن حزب «نداء تونس» محسن مرزوق، الشاب عادل الشواشي بتدوينة تناقلها مستخدمو المواقع الاجتماعية، فكتب: «أنعى أخاً صغيراً غادر الحياة اليوم قبل أن يعرفها، أنعيه خارج حسابات السياسة الوسخة وأسميه أخاً صغيراً لأنه لا يمكن أن يكون غير ذلك. سأحمل في داخلي حسرة من يقول هل كان يمكننا أنا أو غيري أن نفعل شيئاً يمنع ما حصل؟ أرجو أن يتحمل المسؤولون الفعليّون مسؤوليتهم إن وجدوا وإن كانت لهم مسؤولية مباشرة عما حصل».
انتحار عادل تلته هجمة حادة ضد الأحزاب الحاكمة من ناشطين شبان طالبوا السلطات بالنظر فوراً في ملف الفساد الذي كشفه الشاب ومحاكمة المتورطين، حتى أن البعض اعتبروه شهيداً للكلمة الحرة والتفاني في خدمة الوطن. الناشطة الشابة في حزب «نداء تونس» آمنة دريرة، أكدت لـ «الحياة» أن قيادات الحزب الشابة أصيبت بصدمة بسبب انتحار عادل الذي يتميز حسب قولها بالنشاط والجدية والحرص على مصلحة الوطن.
وفي الإطار نفسه، صرّح الشاب عادل بن يامنة، الناشط في الحزب نفسه، بأن «السبب الحقيقي الذي دفع عادل الى الانتحار هو حالة العجز التي تمر بها الحكومة الحالية، فالناشطون الشبان في الحزب وعلى رغم أهمية عددهم يجدون أنفسهم في غالبية الأحوال خارج إطار العمل السياسي الفعلي».
وأضاف: «لطالما نادينا خلال الاجتماعات والمؤتمرات بضرورة إشراك الشباب فعلياً لا صورياً، ولم يؤخذ بجدية بآرائنا». وختم بن يامنة: «يؤسفني القول أيضاً إن غالبية ناشطي الحزب من الشبان غير راضين على مسألة التحالف مع حزب حركة النهضة الإسلامي، خصوصاً بعد ثبوت تورط قادة وناشطين في هذا الحزب في تنفيذ عمليات إرهابية أو التحريض عليها».
«الحياة» التقت أيضاً الناشطة اليسارية آمنة بن شويخة، التي قالت: «عادل راح ضحية السياسات الخاطئة للحزب الحاكم، والذي يضيع وقته منذ انتخابه في البحث عن مسؤولين يستعملهم كشماعات للفشل لا عن مسؤولين أكفياء وغيارى على الوطن. ما فعله هذا الشاب يلخص حالة اليأس التي تمر بها البلاد، حين يشعر الشاب بأنه أمام طريق مسدود على رغم أنه قيادي وعنصر عامل وفاعل، فلهذا الأمر مغاز عديدة يجب التوقف عندها ومراجعتها فورا».