مع تعالي أصوات محاربة الفساد وعلى وقع الإيقافات الأخيرة لرجال "العمايل" اشرأبت الأعناق الى الصيد الثمين الذي يتربّص به الشاهد و الذي كاد أن يجهز عليه في بضع ليلة ويوم، فضربوا الأخماس في الأسداس وأيقنوا انّ الساعة ساعة افتراس للأصوات الانتخابية وتلميع للصورة المعنوية لحزب انشق فتشقق ثم اشتق منه أهل الشقاق و اشتاق لأهل المديح و التطبيل والنفاق.
بعض النواب الذين اختارهم الشعب الكريم ليمثلوا سلطته التشريعية وفق ديمقراطية ناشئة و لا زال الرأي عندهم يجتمع على الزعيم الأوحد والحزب الوحيد و الرجل الفذ و المغوار والفارس الأنيق راكب الفرس البيضاء. نسوا ان تلك الحصانة لم تكن حبيسة بشيمة الولادة بل اكتسبت بعد أن وعدوا فأقنعوا و نالوا الأصوات المخولة لولوج البرلمان فيكونون العين الرقيبة عن تشريع القوانين و الاتفاقيات و يكونون أيضا عيونا في الجهات يسهرون على تنفيذ برامج التنمية و مراقبة تقدم المشاريع الجهوية.
حين يرغب هؤلاء في التخلي عن حصانتهم حتى نقتنع بنظافة أيديهم و معاداتهم للفساد وأهله فيجاهرون اعتباطا عبر الفايس بوك والتصريحات المجانية في الاعلام المأجور بما يختلج في دواخلهم من استنهاض "للشرف السياسي"، نعلم أنّ حركة كتلك لا تعدو أن تكون سوى مجرد لعبة أطفال و تكتيك صبيان لينالوا الحضوة والثقة من ناخبيهم السابقين و مراودة لغيرهم من الناخبين فتظفر أحزابهم وتشكيلاتهم بمقاعد المجالس البلدية و الجهوية و تزيد من شعبيتها وحضورها في المجتمع. اذ يرجّح العقل الحكيم التشبث بالحصانة و بذل الجهد في سبيل استغلالها استغلالا تاما في متابعة ملفات التنمية العالقة و مشاريع القوانين المعطلة و السعي مراقبة تقدم المشاريع في جهاتهم ومتابعة شواغل الناس اليومية والتدخل لهم عند السلط كلما أمكن لهم ذلك لقضاء شؤونهم.
ليعلم السادة النواب انّ حصانتهم ليست مكافأة بقدر ما هي تكليف للقيام بما لا يسمح القيام به القانون والعرف للمواطن البسيط، اذ تناله سياط الإدارة فيصرفه البواب و يلاقي شر أنواع "التمرميد" و "أرجع غدوة" ثم العودة والذهاب. ليعلم السادة النواب الذين لم يستعملوا حصانتهم وما تخول لهم من نفاذ للمعلومة واشتغال للصالح العام أنهم خاملون لا يكادون يقومون بالدور المناط بعهدتهم بل هم مجرد صورة تنقلها القناة الثانية اذا حضروا الجلسات. انّ الحصانة الممنوحة والتي جاءت بعد القسم بالله للاخلاص للوطن و لأهله هي لب الدور المناط بعهدته اذ تخوّل للنائب القيام بمهمته التي انتخب من أجلها على أحسن وجه ولا يتخلى عنها الا باذن قضائي.
كفي نوابنا مزايدات و ظهور بمظهر الأبطال فيحاولون نيل الفتات الذي يسقطه الشاهد في حربه على الفساد و يطمعون في النزر القليل من تصاعد عداداتهم الانتخابية عند سيقما كونساي ومثيلاتها و موعد رائق على قناة الحوار.
أبو مازن