أغلب المدن الهندية تشهد صراعا مميتا بين البشر والحيوانات البرية على الطعام والمكان، والحكومة تسعى إلى حل المشكلة عن طريق تمويل مشروع رائد لإنتاج حبوب منع الحمل لهذه الحيوانات.
نيودلهي- عبّر القضاة بمحكمة دلهي العليا (شمال الهند)، مؤخرا، عن شكواهم قائلين “حينما تأتون بخطة ما ستكون القردة قد سيطرت على العاصمة الهندية”، ووجهوا انتقادات حادة إلى المسؤولين جراء مواقفهم السلبية تجاه مواجهة التهديد الذي يمثله تكاثر أعداد القردة في مدينة نيودلهي.
واجتاحت القردة العديد من المدن الهندية للمرة الأولى في تاريخها، كما تصاعدت تهديداتها للحياة اليومية للسكان حيث اقتحمت المنازل بحثا عن الطعام، وأوقفت السير العادي للعمل في المستشفيات والمحاكم وقامت بالتجوّل في المناطق القريبة من المجمعات الحكومية، وهو ما ساهم في إشاعة الخوف وطلب المساعدة.
وقال أنيس تاج، وهو محام، إنه “لا يتعين علينا فقط أن نخوض معارك قانونية داخل المحاكم ولكن يتعين علينا أيضا أن نقاتل هذه المخلوقات، لقد تعرضت للأذى أنا وموكلي”.
وأضاف أن “القردة تحتشد داخل الممرات وتعوق مرور المتقاضين الذين أصبحوا يخشون التحرّك، بل إن بعض القردة تدخل قاعات المحاكم وتتلف ملفات القضايا وتهاجم الأشخاص الذين يحملون الأطعمة”. وتعد المشكلة تعبيرا عن الصراع المميت الجاري بين البشر الذين تتزايد أعدادهم بمعدلات متسارعة وبين مكونات الحياة البرية.
وقامت خلال عدة أعوام سابقة الفهود والنمور بالتسلل إلى القرى والبلدات واختطاف الأغنام والحيوانات الأليفة، بينما قامت الفيلة بغزو الحقول لالتهام المحاصيل، كما تعدو الغزلان عبر المناطق السكنية وتدخل الثعابين إلى الحمامات وغرف النوم، حتى البرلمان توقفت أعماله ذات مرة بعد أن تسبب سنور النخيل الآسيوي في إزعاج نواب البرلمان.
وأدى الانفجار السكاني في الهند، إلى جانب المعدلات المتسارعة للتنمية الصناعية وتنفيذ مشروعات البنية التحتية، إلى تعريض الغابات والموارد الطبيعية للخطر، مما أجبر الحيوانات البرية على ترك مناطق معيشتها الأصلية والبحث عن مأوى وطعام في الأراضي وفي المناطق خارج الغابات.
ودخل 32 نوعا على الأقل من الحياة البرية في مختلف أنحاء الهند في هذا الصراع ابتداء من الخنازير ووصولا إلى القوارض. وقال سوريش تشاندرا، مدير الهيئة البيطرية ببلدية العاصمة الهندية، إننا “ندفع مبالغ كبيرة لاصطياد القردة ولكن لا يوجد صيّادون كثيرون، ونحن نشعر بالعجز”.
وأكد مايوك تشاترجي، خبير تهدئة الصراع بين البشر والحيوان بصندوق رعاية الحياة البرية الهندي، ضرورة تدشين حملة عاجلة وواسعة النطاق لنشر الوعي، وتغيير السلوك بحيث يمكن دمج التجمعات السكانية المحلية في برنامج الحفاظ على الحياة البرية.
وبعد أن عجزت الحكومة الهندية عن تفادي المصادمات بين البشر والحيوانات، تقوم حاليا بتمويل مشروع رائد لإنتاج حبوب منع الحمل للظباء والفيلة والقردة والخنازير البرية بولاية أوتاراخاند، والتي سببت فيها هذه الحيوانات خسائر فادحة للمحاصيل.