اختر لغتك

من برلين... إلى فلسطين رمزية الحائط عبر التاريخ

من برلين... إلى فلسطين رمزية الحائط عبر التاريخ

لطالما سكن الحائط مخيلة الشعوب. فمن برلين الى فلسطين، تعدّدت الرمزيات والمعاني المرتبطة بالحائط. إنما الحائط هو نفسه، هو تلك الهوة التي تفرّق بين الشعوب والناس. إنما بالنسبة للبعض، يرمز الحائط للحماية، إنه حائط البيت، حائط الغرفة الذي يسمح لنا بأن نختلي بأنفسنا.

وقد يشكل الحائط في هذه الحالة وسيلة تفصل بين الفرد والمجتمع، هو إذاً يحمي بشكل من الأشكال مساحة الفرد. إنما البعد الجماعي والتاريخي للجدار هو الأهم، إذ أنه يرتبط بقضايا سياسية وعقائدية وأيديولوجية. وغالباً ما يكون انهياره في هذه السياق إشارة لتحولات جذرية في تاريخ البشرية.

 

انهار جدار برلين، فهل ينهار الجدار العازل في فلسطين؟ لكل جدار قصته وحقبته التاريخية ومصيره الخاص. فالصراعات تختلف، والحقبات السياسية والتاريخية تتبدل، إنما رمزية الجدار تبقى هي نفسها. الجدار بشكل عام مرفوض من الشعوب، يولد حالة غضب وثورة في قلوب الجماهير، إذ أنه نوع من الحدود التي نعشق أن نتخطاها وندمرها. الجدار يجسد بوجوده حالة من التحدي، إذ أنه جامد لا يتزحزح. الجدار عنيد. لذلك، غالباً ما تترافق لحظة تدميره بمشاعر حماسية تحرك الشعوب، إذ أنها تعبّر عن نشوة الانتصار على هذه الصلابة التي تفرض نفسها بطولها وعرضها على المشهد العام.

للجدار العازل في فلسطين قصته وتاريخه. يرمز هذا الحائط بوضوح للتفرقة بين الشعوب، كما أنه يقترن بالعنف والموت. وبالفعل، حين تنفصل "الأنا" عن "الآخر" بهذا الشكل الجذري، يصبح القتل أسهل. إذ أنه من السهل جداً أن نقتل إنساناً لا نراه يفصلنا عنه الحائط. إنه الآخر، الآخر بشكل مطلق. في هذا السياق، يفصل الحائط بين الهويات المختلفة، كما أنه يرسخ التمسك بالهويات التي تتجذر بشكل عميق، ممّا يؤدي الى التمييز العنصري. يعبّر تاريخ بلورة الجدار في فلسطين عن ديناميكية على مستوى السياسة والسيكولوجيا الجماعية. الجدار العازل أو الجدار الفاصل هو عبارة عن حاجز طويل تبنيه إسرائيل في الضفة الغربية قرب الخط الأخضر لمنع دخول سكان الضفة الغربية الفلسطينيين لإسرائيل، أو في المستوطنات الإسرائيلية القريبة من الخط الأخضر لمنع دخول سكان الضفة الغربية الفلسطينيين لإسرائيل أو في المستوطنات الإسرائيلية القريبة من الخط الأخضر. يتشكل الحاجز من سياجات وطرق دوريات، وفي المناطق المأهولة بكثافة مثل منطقة المثلث أو منطقة القدس تمّ نصب أسوار بدلاً من السياجات. بدأ بناء الجدار في 2002 في ظل انتفاضة الأقصى وفي نهاية عام 2006 بلغ طوله 402 كم، ويمر بمسار متعرج حيث يحيط معظم أراضي الضفة الغربية، وفي أماكن معينة مثل قلقيلية، يشكل معازل، أي مدينة أو مجموعة بلدات محاطة من كل أطرافها بالجدار تقريباً. عارضت السلطة الوطنية الفلسطينية والمنظمات الفلسطينية بناء الجدار، فسمّوه "جدار الفصل العنصري" أو "جدار الضم والتوسع العنصري"، تعبيراً عما تراه كمحاولة إسرائيلية لإعاقة حياة السكان الفلسطينيين أو ضم من أراض الضفة الغربية الى إسرائيل. وما زال مشروع بناء الجدار مشروعاً قيد التنفيذ حتى الآن (2009) ومخططاته قيد التعديل المستمر، وبناء على الخطة التي أعلنتها الحكومة الإسرائيلية في 30 نيسان 2006 فإن طول الجدار سيبلغ 703 كم عند نهاية البناء، وهذه الخطة تعتبر التعديل من ضمن سلسلة من التعديلات، حيث أنه ومقارنة بالخطة السابقة كان طول مساره 670 كم والمعلنة بتاريخ 20 فبراير 2005 والتي كانت أساساً تعديلاً على مسار سابق مقترح للجدار، وقد زاد من الطول المقترح في 30 حزيران 2004. وفي الوقت الراهن توقف المشروع حتى نشر قرارات المحكمة الإسرائيلية العليا بشأن عدد من الالتماسات التي قدم إليه سكان فلسطينيون وأعضاء جمعيات إسرائيلية مختلفة مطالبين بتغيير مسار الجدار في بعض الأماكن كي لا يشوش طبيعة حياة السكان أو يمنعهم من زراعة أراضيهم. بدأ إنشاؤه في عهد حكومة أرئيل شارون عام 2002، وصرحت الحكومة الإسرائيلية آنذاك أن "السياج الأمني يتم بنائه بهدف إنقاذ حياة المواطنين الإسرائيليين الذين يستمرّ استهدافهم من قبل الحملة الإرهابية التي بدأت عام 2002".

وبالفعل، حسب جيلبار دوران، يندرج الحائط ضمن الرمزية المرتبطة بالتجزئة والحماية. الحائط يقسّم، إنما هو يحمي كذلك. ويربط دوران الحائط بالمنزل الذي يحتضن سكانه. وهو يضيف أن الحائط هو الذي يفصل المريض عن العالم الخارجي على المستوى النفسي. إذ أن خيال المريض مسكون بحائط يشعره أنه غريب عن محيطه. وبالفعل، غالباً ما ترتبط الاضطرابات النفسية بشعور أن حائط ما يعيق التواصل مع المجتمع. أما حسب "قاموس الرموز" فتكمن مساوئ الحائط في أنه يحدّ الكيان الذي يحيط به ولا يسمح له بالتوسع، إنما إيجابياته تكمن في أنه يحمي هذا الكيان. وعلى المستوى النفسي، يجسد الحائط حالة انقطاع التواصل مع الآخر، إذ أنه يولد شعوراً بالحماية من جهة، وشعور بالاختناق والأسر من جهة أخرى.

قصائد الجدار

أما في الخيال الفلسطيني فيرتبط الحائط بالتمييز العنصري، كما أنه يجسد القتل والعنف والموت. ففي قصيدة "لوحة على الجدار" لمحمود درويش، تتكرر عبارة "على الحائط تبكي هيروشيما" التي تضفي على القضية الفلسطينية بعداً إنسانياً، إذ أنها تذكرنا بالفاجعة التي زعزعت كيان الشعب الياباني. فيظهر الجدار الفاصل في فلسطين وكأنه جزء من الجدار البشري، ذلك الجدار الذي يفصل البشر عن بعضهم البعض في كل مكان. هكذا، ربط محمود درويش الحائط بالموت الجماعي، إنما ذلك الموت يصبح بفضل عبارة "هيروشيما" موتاً إنسانياً. وهكذا، يكون هذا الشاعر الفلسطيني قد حطّم الحائط وحطّم بعده العنصري، إذ أنه أدرج معاناة شعبه ضمن المعاناة البشرية. فالشعب الفلسطيني، على غرار الشعب الياباني، وغيره من شعوب العالم، يعاني من الظلم والعنف المُفرط. ويتمازج الموت بعناصر الحائط في عبارة: "ولحم الشهداء يختفي في الطين أحياناً". هكذا، بات الحائط مقبرةً تحتضن أجساد الشهداء، فيصبح ذلك الطين وجسدنا واحداً. كما تبرز في القصيدة عبارة "كانت الجدران تستعصي على الفهم" التي تربط العجز أمام الجدار بعجز الإنسان على فهم كل شيء. فللذكاء البشري حدود، وذلك يُشعر الإنسان بالإحباط. وبالطريقة نفسها، يشعر الإنسان الفلسطيني، أو أي فرد يتحكم الحائط بحركته وبمصيره، بهذا النوع من الإحباط. فالإنسان يريد أن يعرف، يريد أن يفهم ما يجري وراء ذلك الحائط الذي حجب صورة الآخر وجعله بعيداً عن متناول الإدراك. فبماذا يفكر طفل فلسطين حين يرى أمامه ذلك الحائط؟ ماذا يتخيّل؟ من هم هؤلاء الناس وراء الحائط؟ لا يعرف. إذاً يفتح الحائط أبواب المجهول، إذ أنه يثنينا عن معرفة الآخر.

كما يشبه محمود درويش الحائط بأفعى ضخمة من المعدن. وتلك الأفعى تتموّج، وتبتلع الحيطان الصغيرة التي تفصل غرف البيت. وهي تريد أن تقنع الشعب الفلسطيني بأنه غريب عن أرضه. لسعة الأفعى قاتلة. إذاً، يشعر محمود درويش أن الحائط مصدر خطر ويرتبط بالموت والقتل. إنه الجدار الإسرائيلي القاتل. وبالفعل، يقترن الحائط في أدبه بالكثير من الحركة، هو إذاً على غرار الجندي الإسرائيلي أو آلية الحرب الإسرائيلية يتحرك بشدة، هو ليس جامداً كما تكون الجدران عادةً. هكذا، يبدو وكأن إسرئيل عجزت عن عزل نفسها من خلال بناء هذا الجدار، إذ أن الجدار بات تجسيداً لوجودها، بات تجسيداً لعنفها المتواصل، بات رمزاً لأفعالها التدميرية. هكذا، يرى الشاعر القاتل من خلال الحائط. بالاضافة الى ذلك، تبرز الأفعى في سفر التكوين، إذ أنها هي التي حثّت آدم وحواء على أكل التفاحة، فطُردا من الجنة. وقد يتماهى الشعب الفسلطيني الذي طُرد من وطنه مع آدم وحواء، إذ أن حنينه الى أرضه قد يشبه الحنين الى الجنة المفقودة. والأفعى هي السبب، هي المسؤولة بشكل من الأشكال عن فقدان الوطن والجنة. كما يبرز الحائط في إحدى قصائد محمود درويش التي تتناول التشبث بالهوية من خلال الأبيات التالية: "وآية الكرسي، والمفتاح لي/ والباب والحراس والأجراس لي/ لي حدوة الفرس التي/ طارت عن الأسوار...لي/ ما كان لي. وقصاصة الورق التي انتزعت من الإنجيل لي/ والملح من أثر الدموع على جدار البيت لي". من خلال تكرار عبارة "لي" يصرّ الشاعر على تمسّكه بوطنه، بهويته، بأرضه. فلسطين ما زالت له، وهو يضيف أن دموعه على الجدار له، وكأنه يريد بذلك أن يمتلك الحائط أيضاً. فهو بذلك يدمر الحائط، ويجعله جزءاً من هويته. أما الفرس التي تطير فوق الأسوار، والأسوار تذكرنا بالجدار، فهي تعبّر عن الرغبة بامتلاك قدرة خارقة على غرار الطيران بهدف تجاوز الحائط. وهكذا، يتحدى الشاعر حالة العجز التي يعاني منها الشعب الفلسطيني. ومن خلال حركة الفرس، يتراءى لنا حلم الانتصار على الجدار. كما يبرز الجدار في هذه القصيدة من خلال العبارات التالية: "فقال: لي زمن ولي أزلية، وأريد أن أحيا على إيقاع أمريكا وحائط أورشليم". ما أجمل هذا الحوار بين الثقافات الذي يكسر سكوت الحائط، حائط الكراهية والتقسيم. إذاً، نجح محمود درويش في تحطيم الجدار العازل من خلال بيوته الشعرية الرائعة.

أغاني التغيير

كما أن رفض الحائط يبرز في حقبات تاريخية وأعمال فنية أخرى. نذكر في هذا السياق أغاني "بينك فلويد" Pink Floyd التي قدمتها تلك الفرقة الموسيقية لدى انهيار جدار برلين. ففي ألبوم هذه الفرقة الموسيقية الشهيرة The Wall "الحائط"، تظهر العلاقية العدائية مع الحائط في أغنية "قطعة أخرى من الحائط" Another Brick in the Wall بأجزائها الثلاثة: "سافر والدي عبر المحيط/ تاركاً مجرد ذكرى/ صورة في ألبوم العائلة/ يا والدي ماذا تركت لي؟/ يا والدي ماذا تركت خلفك لي؟/ في نهاية المطاف لسنا سوى قطعة أخرى من الحائط"، "نحن لسنا بحاجة الى ثقافة/ نحن لسنا بحاجة الى سيطرة على عقولنا/ أيها الأساتذة دعوا التلاميذ وشأنهم/ هاي! أيها الأساتذة! دعوا التلاميذ وشأنهم!/ في نهاية المطاف لسنا سوى قطعة أخرى من الحائط"، "أصوات عدة قنوات تلفزيونية، الشرطة هي في الخارج/ بينك: أأأأأأأأأأأأأأأأأ!/ إن هذا الفرن الروماني يريدك أن تعرف/ أنا لست بحاجة لأسلحة من حولي/ ولست بحاجة لمخدرات تهدئني/ وقد رأيت ما كُتب على الحائط/ لا! لا تظن أنني بحاجة الى أي شيء على الإطلاق/ في نهاية المطاف لسنا سوى قطعة أخرى من الحائط". وأخيراً، نعرض هذه العبارات من أغنية "خارج الحائط": "أفراداً أو أزواجاً/ أولئك الذين يحبونك فعلاً/ يتمشون خارج الحائط/ يمسكون أيادي بعضهم البعض/ أو يتجمعون ضمن فرق". إنها لحظة التحرير من الحائط، لحظة العودة الى الحب. تتميز هذه الأغاني بروح الثورة. يبدو أن التعليم المدرسي بات نوعاً من الهيمنة. كما تتم الإشارة في هذا العمل الفني الرائع الى المخدرات والسيطرة على العقول، وكأن الاندماج في الحائط يستدعي عدم التفكير. إنها العقول المخدرة التي تسهل السيطرة عليها. وقد يكون الحائط في هذه الأغاني رمزاً للنظام الاقتصادي القائم الذي بتنا مجرد أجزاء منه، على غرار الحجارة التي تُستخدم لبناء الحائط. فكل الحجارة تتشابه، وكلنا متشابهون، والجدار قائم. إنه النظام الاقتصادي الذي يجردنا من خصوصيتنا ويجعل منا مجرد عناصر مُدجنة وخاضعة تُستخدم من أجل بناء واستمرارية هذا الجدار.

وقد كان للـ"بينك فلويد" حضوراً لافتاً في برلين لدى انهيار الحائط. وقد شكلت حفلته الموسيقية جزءاً من العروض الفنية التي احتفلت بإعادة توحيد ألمانيا. وقد عبّر في هذا السياق الإيقاع الموسيقي وصخب تلك الأغاني عن حالة الحماس والثورة التي كان تنبض في قلوب الشعب الألماني. وبالفعل، شكلت رياح التغيير التي عصفت في برلين في تلك الحقبة مصدر وحي للعديد من الفنانين. إنما كان الحائط فسحةً للفن حتى حين كان قائماً، إذ أن العديد من الرسامين كانوا يبدعون عليه. كما شكلت قصص الحب المدمرة بسبب الحائط موضوعاً للعديد من الأغاني. ففي أغنية الفنان الفرنسي رينو "غريتا"، التي صدرت عام 1975، تعلن الإمرأة الفاتنة عن حبها لرجل فرقها عنه الحائط. نلاحظ إذاً في معظم الأعمال الفنية أن الحائط والحب يتناقدان ويتصارعان، إذ أن الحب غالباً ما يرتبط بحالة التمازج والتآلف بين الناس. وعام 1977، شكل الحائط إطاراً لأجمل أغاني الحب مثل أغنية "أبطال" Heroes وهي من أهم أعمال دايفيد بوي الفنية. في هذه الحالة، الحبيبان هما من الجهة نفسها لا يفرقهما الحائط، والعار هو من الجهة الأخرى للحائط. تعبّر هذه الأعمال الفنية عن الرفض لهذا الفصل بين الشعوب، فباتت وكأنها تحفّز على تدمير الحائط، حائط الكراهية.

بعد 12 سنة من صدور أغنية "أبطال"، إنهار الحائط. وبعد بعض سنوات، وجه أحد المغنين التحية لرئيس الاتحاد السوفياتي السابق ميخائيل غورباتشيف الذي سمح بانهيار الحائط في أغنيته "أهلاً بغوربي". وعام 1989، إرتجل عازف الفيولونسيل الروسي مستيسلاف روستروبوفيتش حفلاً موسيقياً وهو جالس على كرسي في أسفل حائط الباطون الذي قامت الجماهير بتحطيمه من ورائه. بعد شهر من ذلك، في 31 كانون الأول، تسلق النجم دايفيد هاسيلهوف على جزء من الحائط وراح يغني “looking for freedom” "بحثاً عن الحرية"، وهي من أشهر الأغاني التي أثارت إعجاب الجمهور الألماني عام 1970. وشاركه في غنائه مئات الألوف من الألمان من برلين الشرقية والغربية. ويؤكد هذا الفنان أنه ساهم في إعادة توحيد الشعب الألماني. وظل الجدار موضوعاً بارزاً في الأغاني، إذ أن الفنان برينس غنى بعد 20 سنة أغنية "تدمير حائط برلين" “knocking down the wall of Berlin”، ولكن لم يكن موضوع الأغنية سياسياً إنما مرتبط بالجنس.

حائط برلين

لماذا شكل حائط برلين مصدر وحي للعديد من الفنانين؟ ربما لأنه يحمل في طياته الكثير من المعاني المرتبطة بالحرية وبإرادة الشعوب على التغيير. وبالفعل، اقترن مصير حائط برلين بمسار تاريخي على مستوى ألمانيا والأيديولوجيات في الغرب. في تلك الحقبة، كان الطوق للحرية محركاً هاماً في تغيير مصير الشعوب. ونذكر في هذا السياق، أن ذلك الجدار كان يفصل بين أبناء الشعب الواحد. فهل يمكن أن يكون ذلك الإنسان الذي يعيش خلف الجدار هو "الآخر" في تلك الحالة؟ ذلك غير ممكن. في هذه الحالة، يفصل الجدار بين أولاد الوطن نفسه لأسباب أيديولوجية وسياسية.. لذلك، عجز عن الصمود.

وبالفعل، بدأ بناء الحائط في 24 حزيران 1946 من قبل السوفيات الذين احتلوا برلين الشرقية، وهو يقسم برلين الغربية، المجزأة الى مناطق إنكليزية، أميركية وفرنسية عن ألمانيا الغربية. ومن أهم أسباب بناء الحائط هو تصميم الدول الغربية على عدم التخلي عن برلين الغربية. إنما ظلت برلين الغربية تشكل مشكلة بالنسبة للسوفيات لأن ألمان برلين الشرقية كانوا يهربون إليها، إذ أنه بات من الصعب جداً التحكم بـ500000 شخص يجتازون الحدود يومياً. عام 1958، غادر ما يزيد عن 3 ملايين ألماني من الشرق الى الجمهورية الفديرالية الألمانية. فحرم هذا النزوح البشري البلاد من اليد العاملة. في 27 تشرين الثاني 1958، طالب الاتحاد السوفياتي برحيل الجنود إلى الغربية طيلة ستة أشهر. لذلك، قرر السوفيات بناء جدار برلين، الذي أُطلق عليه اسم "جدار العار". وهكذا، بدأ بناء الجدار في 12 و13 حزيران 1961. وبلغ طول الحائط 3,5 م وهو يمتد على 155 كلم حول مدينة برلين الغربية. توقف التبادل الاقتصادي بين برلين الشرقية وبرلين الغربية؛ ففقد 63000 برليني شرقي عمله في الغرب، كما فقد 10000 برليني غربي عمله في برلين الشرقية. إنما ظل سكان ألمانيا الشرقية يحاولون العبور الى برلين الغربية، فلقي 588 منهم حتفهم. عجزت حكومة ألمانيا الفديرالية عن منع الهجرة لأن المهاجرين باتوا يفرون عبر تشيكسلوفاكيا. فبدأ الحائط يفقد فعاليته تدريجياً. وهكذا، تم تدمير 100 متر منه كل ليلة ابتداء من نهاية 1989 حتى 1990. وفي 3 تشرين الأول 1990، احتفل الألمان في برلين بإعادة توحيد بلادهم. إذاً غالباً ما يترافق تحطيم الجدار بشعور من الغبطة الجماعية. فالجدار هو العدو، إذ أنه يستمد تبرير وجوده من الخوف، وهو يرسخ بوجوده هذا الخوف. فهل ستُدمر كل الجدران في العقول والقلوب، كما على أرض الواقع؟ يحمل التاريخ الإجابة على هذا السؤال...

آخر الأخبار

بنزرت تستضيف ملتقى إقليمي حول "مقاربة تشاركية من أجل ريادة المؤسسات الثقافية"

بنزرت تستضيف ملتقى إقليمي حول "مقاربة تشاركية من أجل ريادة المؤسسات الثقافية"

فيروز.. أيقونة الوطن وصوت الأوطان يحتفل بعيدها التسعين وسط أنقاض الوطن

فيروز.. أيقونة الوطن وصوت الأوطان يحتفل بعيدها التسعين وسط أنقاض الوطن

الأيام الترويجية للصناعات التقليدية هو تجسيد لهوية لا تنطفئ

الأيام الترويجية للصناعات التقليدية هو تجسيد لهوية لا تنطفئ

النسخة التاسعة من أسبوع المطبخ الإيطالي حول العالم

النسخة التاسعة من أسبوع المطبخ الإيطالي حول العالم

أيام تحسيسية مشتركة لدعم انتقال المجامع التنموية النسائية إلى شركات أهلية

أيام تحسيسية مشتركة لدعم انتقال المجامع التنموية النسائية إلى شركات أهلية

Please publish modules in offcanvas position.