اشراف آواخر الاسبوع الماضي رئيس ديوان وزير الشؤون الثقافية يوسف بن ابراهيم وبحضور المدير العام للمعهد الوطني للتراث فوزي محفوظ والمديرة العامة لدار الكتب الوطنية رجاء بن سلامة ومدير عام الإدارة العامة التراث أحمد شعبان ومديرة المواقع والمعالم راضية بن مبارك ومحافظ مدينة تونس منتصر جمور و بشير سويد من مكتب "أبيكولتير" المختص في دراسة المشاريع الثقافية و سمية حيزم عن مشروع "تفنن" للاتحاد الأوروبي وعدد من المديرين العامين والإطارات بوزارة الشؤون الثقافية والمؤسسات الراجعة لها بالنظر على جلسة عمل خاصة بمتابعة سير تنفيذ مشروع المتحف الرّقمي للتراث التونسي المكتوب ومختلف المرافق التابعة له بالمعلم التاريخي "قشلة العطارين"وذلك في إطار متابعة مشاريع الترميم وإعادة التوظيف التي تشرف عليها وزارة الشؤون الثقافية واذ خصصت الجلسة لمتابعة مشروع إطلاق المتحف الرّقمي للتراث التونسي المكتوب بالتعاون بين وزارة الإشراف ودار الكتب الوطنية والمجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون " بيت الحكمة" والمعهد الوطني للتراث وإدارة التراث حيث تم عرض مكوّنات المشروع ومناقشة جملة من الخطوات العملية لتنفيذ هذا المشروع التوثيقي الافتراضي الهام و الذي انطلق الإعداد له بمشاركة ما يقترب الـ200 باحث مختص.
واذ نثمّن هذه المشاريع اعتبارا لأهميتها في توثيق الموروث الشعبي باعتباره ثروة ثقافيّة فانه بات من الضروري بعث صندوق وطني للتّراث الثقافي توضع امكانياته على ذمّة برامج تحديث متاحفنا وجعلها تتماشى والمعايير الدولية ودعم المبادرات ذات الصلة بمجال التراث الثّقافي والصادرة عن الاشخاص الطبيعيين والمعنويين المالكين لممتلكات ثقافيّة عقارية محميّة والمؤسسات والهيئات العمومية المكلّفة بتسيير التراث الثقافي الوطني واستغلاله وحمايته وحفظه وترميمه وتثمينه بالإضافة إلى مكتشفي الممتلكات الثقافية والفاعلين في المجتمع المدني والجمعيات المهعتمة بالتراث الثّقافي وتثمينه.
ومن الضروري ان توكل لهذا الصندوق مهمة ودور مهمة دعم المشاريع ذات الصلة برقمنة التراث اللامادي على غرار بعث مدوّنة التراث الموسيقي الشعبي بالجهات الداخلية وبما ينصهر ضمن البرامج الفنيّة و التوثيقيّة البحثية التي تهدف إلى ابراز الخصوصيّات الثقافية المحلية و خاصة منها المتعلّقة بالذاكرة الموسيقية الجماعية وعبر تسجيل مجموعة من الأقراص الليزريّة حول التراث اللامادي ومن خلال تجميع و توثيق و تسجيل انتاجات الفرق الغنائيّة التراثيّة المهملة والمهمّشة بهدف حفظه من الاندثار الّذي يتهدده مع تراجع الشعر و الموسيقى الشعبيّة بالمقارنة مع أنماط أخرى جديدة من الغناء و الموسيقى بالإضافة إلى جعلها متاحة للباحثين و الإعلاميين و المهتمين بالتعريف بهذا النوع من التراث الشعبي اللامادي.
ومثل هذه المشاريع تنصهر في اطار حفظ الموروث اللامادي الفنّي المميّز لعدد من الجهات التي تكتنز على تراث لا مادّي غني خاصّة في مجالات الأغنية البدويّة و التراث الغنائي و الطبوع الموسيقيّة الشعبيّة و قد أكدت بعض البحوث المنجزة في هذا الاطار مثلا وجود أنواع من الطبوع الخاصّة كالنايلي و العبيدي و الطرخاني في آلة القصبة وهي مسمّيات فنيّة مستلهمة من أسماء مناطق ببلادنا كما حفظت الطرق الصوفية الريفيّة كالقادريّة أنواعا من الإيقاعات و الطبوع و الاناشيد ذات الخصوصيّة المحليّة و المتميّزة عن غيرها من الجهات الاخرى أو التي فيها اضافات مقارنة بغيرها وبما من شأنه جمع و حفظ التراث الغنائي و توزيعه على المستوى الجهوي و الوطني و تسهيل النفاذ إليه و استغلاله.