عندما نستعرض تاريخ المقاومة الفلسطينية، لا يمكن تجاهل الشيخ عز الدين القسام، الذي يعتبر أحد أبرز المقاومين ضد الاحتلال البريطاني وسابق للاحتلال الإسرائيلي في فلسطين. اسمه يظل حاضرًا بقوة في تاريخ المقاومة الفلسطينية ويستمر في إلهام الأجيال الصاعدة.
من هو عز الدين القسام؟
عز الدين القسام، الملقب بـ"زعيم المجاهدين"، وُلد في بلدة جبلة بسوريا عام 1883، لعائلة كانت قد هاجرت من العراق إلى سوريا. حصل على تعليمه الأولي في جبلة، حيث درس القرآن وتعلم القراءة والكتابة.
في سن الرابعة عشرة، سافر إلى القاهرة لدراسة العلوم الشرعية في الأزهر. قضى هناك ثماني سنوات دراسةً عميقة تعلم فيها الفقه والتفسير والحديث. بعد إتمام دراسته والعودة إلى جبلة، أصبح مشهورًا بمعرفته الدينية.
تأثر عز الدين بالحركة الوطنية والقومية المضادة للاحتلال البريطاني في مصر وأثرت في شخصيته وتوجهاته السياسية. هذه التجربة ساهمت في تشكيل فكره الوطني والسياسي.
بعد عودته إلى جبلة، أسس مدرسة لتعليم الأطفال والكبار. كما بدأ في دراسة الحديث والتفسير في جامع إبراهيم بن أدهم. وفيما بعد عُين خطيبًا في جامع المنصوري بجبلة.
الانضمام للمقاومة
بعد احتلال إيطاليا لليبيا، استفاقت وعي عز الدين القسام للتضامن مع الليبيين ومساندتهم. كان له دور بارز في تشجيع الفلسطينيين على الانخراط في مساندة الليبيين ضد الاحتلال الإيطالي. بفضل مهاراته في الخطابة وقدرته على التحفيز، نجح في جمع دعم شعبي للقضية الليبية في منطقته.
بالإضافة إلى دعمه للقضية الليبية، بدأ القسام في تنظيم الشباب وتحفيزهم على العمل السري ضد الاحتلال البريطاني في فلسطين. قاد عمليات دعوية وتوعوية، داعيًا للتصدي للاستيطان اليهودي ولتصاعد نشاط الصهاينة في فلسطين.
عصبة القسامية الجهادية
في عام 1931، تأسست "العصبة القسامية" رسميًا. كانت هذه العصبة تعتبر النواة الأولى للمقاومة الفلسطينية وكان لها أثر كبير على الحركة الوطنية الفلسطينية. قادها القسام ببراعة وتنظيم، وبدأت في تنفيذ عمليات مسلحة ضد الاحتلال البريطاني.
أعلن القسام جهادًا مفتوحًا ضد الاحتلال البريطاني في عام 1935، ورغم نقص الموارد والدعم اللوجستي، نجحت العصبة في شن هجمات مسلحة على المستوطنات الصهيونية وتنفيذ عمليات ضد القوات البريطانية والمخابرات.
اغتيال القسام
تعرضت العصبة والقسام نفسه للمطاردة البريطانية، وفي نوفمبر 1935، تم اكتشاف مخبأ القسام وأفراد عصبته. اندلعت معركة عنيفة بينهم وبين القوات البريطانية، استمرت لساعات، وأسفرت عن سقوط القسام شهيدًا وإصابة البعض الآخر.
استشهاد القسام له أثر كبير في إلهام الجيل الفلسطيني وفي تعزيز روح المقاومة في فلسطين. وساهم اغتياله في إشعال الثورة الفلسطينية الكبرى في عام 1936، وتميز بتأثيره على النضال الفلسطيني لاحقًا.
عز الدين القسام يظل رمزًا للمقاومة والثبات في وجه الاحتلال، وإرادة لا تنكسر. تاريخه يؤكد أهمية الصمود والمثابرة في وجه الظروف الصعبة وتحدٍ مستمر من أجل الحرية والكرامة.