في مشهد يملؤه الأسى والحسرة، نعت وزارة الشؤون الثقافية اليوم الخميس 24 أكتوبر 2024 الفنان التشكيلي الكبير الأمين ساسي، الذي غادرنا تاركًا خلفه إرثًا فنيًا قلّما يُضاهى في المشهد التشكيلي التونسي. برحيله، تخسر الساحة الإبداعية أحد أعمدتها، الذي استطاع بفنه أن يجمع بين عالم التجريد والتشخيص، مزيجًا رؤيته بين الشعر، المسرح، الفلسفة، والموسيقى.
مقالات ذات صلة:
نجاة الغرياني: حكاية صوت عابر للأجيال، رحلت مبكرًا لكن أثرها باقٍ
ذكرى رحيل يحي يحي: المسرحي الذي أضاء ظلام الخشبة
سليم الرياحي يعلن عن عودته إلى تونس قبل نهاية العام
الأمين ساسي، ابن منوبة، وُلد عام 1951، ونهل من معين الإبداع مبكرًا، ليُحصل في نهاية السبعينيات على الإجازة في الفنون التشكيلية، مخصّصًا نفسه للرسم الزيتي، من المعهد التكنولوجي للفن والهندسة المعمارية والتعمير في تونس. كانت تلك الفترة البداية لتكوينه الذي تعزز بتأثره العميق بأستاذه الراحل رفيق الكامل، أحد رواد المدرسة التجريدية في تونس.
مسيرة فنّية ملهمة:
عام 1977، وبعد حصوله على منحة الدولة التونسية، توجه الأمين ساسي إلى باريس، حيث قضى تربصًا طويلًا في حي الفنون الشهير. هذه التجربة كانت نقطة تحول في مسيرته الفنية، إذ منحته الفرصة للتأمل في التيارات الفنية العالمية، وصقل رؤيته الخاصة التي تتسم بالعمق والإبداع.
عند عودته إلى تونس، قدم الأمين ساسي أول معارضه الفنية عام 1979 برواق التصوير، وتبعه معرض آخر في قاعة الأخبار سنة 1981. هذه المعارض كانت الخطوة الأولى نحو مشروعه التشكيلي الخاص، حيث جمع بين البعد التجريدي والرمزي بأسلوب يميز تجربته عن غيرها من الفنانين.
أثر لا يمحى:
كان الأمين ساسي فنانًا متكاملًا، عاشقًا للتنوع والبحث في مختلف أبعاد الفن والحياة. تمكن بفنه من تجاوز حدود اللوحة ليدمجها بروح الفنون الأخرى كالرقص والمسرح والشعر. لقد كان مشروعه التشكيلي نافذة على عالم تتقاطع فيه الأحاسيس، الأفكار، والمواقف السياسية والاجتماعية، مما جعل أعماله تعكس التداخلات الحياتية المعقدة بروح شاعرية وفلسفية.
وداع الفنان الكبير:
بوفاة الأمين ساسي، تفقد تونس فنانًا كان دائمًا رمزًا للتجدد والابتكار في الفن التشكيلي. لقد ظل حتى آخر لحظاته مؤمنًا بدور الفن في إيصال الرسائل الإنسانية العميقة. رحم الله الفقيد، وتغمده بواسع رحمته، وألهم عائلته وذويه الصبر والسلوان.
إنا لله وإنا إليه راجعون.
واحدة من المزايا الرئيسية ل KMSPico هو أنه يوفر القدرة على تفعيل نظام التشغيل والبرامج المكتبية دون اتصال بالإنترنت.