مجمع تنسيقيات عمال الحضائر يطالب بتسوية وضعيات منظوريه.
تونس - تطرح الملفات الاقتصادية والاجتماعية العالقة في تونس، بسبب عدم قدرة الحكومات السابقة على معالجتها والفشل في إدارة الشأن العام، تساؤلات بشأن تحمّل الحكومة الجديدة بقيادة نجلاء بودن تبعات تلك الأخطاء، ومطالبتها بحل الملفات في وقت يرتفع فيه سقف المطالب الاجتماعية.
وطالب مجمع التنسيقيات الجهوية لعمال وعاملات الحضائر الحكومة التونسية الجديدة بتسوية وضعيات منظوريه، ووضع حدّ لأوضاعهم العمّالية الهشة.
ودعا الحكومة إلى توظيف من سنهم بين خمس وأربعين وخمس وخمسين سنة، تطبيقا للقانون عدد 27 لسنة 2021 والمؤرخ في السابع من يونيو 2021، والمتعلق بإتمام القانون عدد 112 لسنة 1983 المؤرخ في ديسمبر 1983 والمتعلق بضبط النظام الأساسي العام لأعوان الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية.
وطالب المجمع بتوظيف من سنهم دون خمس وأربعين سنة تطبيقا للأمر الحكومي عدد 436 لسنة 2021 المؤرخ في السابع عشر من يونيو 2021 والمتعلق بإنهاء العمل بآلية تشغيل عملة الحضائر الجهوية والحضائر الفلاحية في غير المجال المحدّد لها.
كما دعا إلى إسناد المنحة المعادلة للمقدار الأساسي للتحويل المالي للفئات الفقيرة وبطاقة العلاج المجاني لمن بلغوا الستين سنة تطبيقا للأمر الحكومي المذكور.
ويرى متابعون للشأن التونسي، أنه من غير المنطقي أن تتحمّل الحكومة الجديدة أخطاء الحكومات السابقة وفشل سياساتها التشغيلية والتنموية، فضلا عن ضعفها في إدارة الشأن العام، معتبرين أن الأولويات الآن اقتصادية واجتماعية لإنقاذ البلاد.
وأفاد المحلل السياسي رافع الطبيب بأن “كل المطالب التي لا تندرج في إطار الإنقاذ الوطني لا يمكن أن تعالج الآن، بعيدا عن الممارسة الشعبوية التي قد تغرق المركب”.
وأضاف “هناك منظمات مثل الاتحاد العام التونسي للشغل لن تقبل بهذه الوضعيات، لأنه بتسوية وضعية هؤلاء سيحتج الآخرون، ومن غير المنطقي أن نحمّل الحكومة الحالية تبعات وتراكمات الحكومات السابقة، بل يجب إنقاذ الوطن أولا”.
وتابع الطبيب “هناك أولويات ملحّة، أهمها دعم الخزينة المالية، والضرب على أيدي المتهربين من الجباية، وإنقاذ الاقتصاد، ثم سننظر في الملفات الاجتماعية، فضلا عن إعداد خارطة طريق واضحة المعالم والأهداف”.
وأردف “هناك نوع من النكاية، عبر تقديم الوعود التي من الصعب تحقيقها، والزمن في تونس انتخابي، وهو زمن منته، ولا بد من إنقاذ حيوي للبلاد التي خربتها المنظومة السابقة بسياساتها المتناقضة مع المصلحة الوطنية”.
وأمضى رئيس الحكومة السابق هشام المشيشي والاتحاد العام التونسي للشغل في العشرين من أكتوبر 2020 اتفاقية تقضي بتسوية ملف عمال الحضائر، وبانتداب واحد وثلاثين ألفا منهم بالوظيفة العمومية ممن لا تتجاوز أعمارهم خمسا وأربعين سنة على دفعات، وتمكين الراغبين في المغادرة من تعويض مالي.
ويتّم بمقتضى الاتفاقية تمكين من بلغوا سن الستين سنة من منحة تعادل قيمتها القيمة المسندة للعائلات المعوزة وبطاقة علاج مجاني، وذلك ما لم تُخوّل لهم وضعيتهم افتتاح الحق في جراية التقاعد، في حين يمكن لمن تجاوز سنهم خمسا وخمسين سنة مواصلة العمل في إطار الحضائر إلى حين بلوغ سن الستين للانتفاع إثر ذلك بالمنحة وبطاقة العلاج المجاني.
وفضلا عن وضعية عمال الحضائر، تواجه تونس حزمة من الأزمات الاجتماعية والاقتصادية عمّقتها تداعيات الجائحة الصحية التي أحالت الكثير من المواطنين على البطالة، كما ارتفعت نسبة الفقر وتراجعت القدرة الشرائية للتونسيين.
وأفاد المحلل السياسي نبيل الرابحي بأنه “توجد صعوبات اقتصادية ومالية ويمكن التفاوض بشأن المطالب الاجتماعية”، وأضاف “الحكومة ليست أشخاصا وكل الاتفاقيات لا بد أن تنفّذ”.
وتابع “الاقتصاد التونسي تلقى ضربة كبيرة جراء الجائحة الصحية، لا بدّ أن يكون هناك تفهّم لصعوبة المرحلة، وهذه المسائل تعالج بالحوار”.
ويقدر عدد عمال الحضائر من الذين فاقت سنهم خمسا وأربعين سنة، حسب صبري بن سليمان عضو التنسيقيات الجهوية لعمال الحضائر، بخمسة عشر ألفا و245 عاملا، من بينهم عدد كبير يرغب في الخروج الطوعي مقابل تعويض مادي.
وسبق أن قال بن سليمان إن “العديد من المؤشرات تؤكد عدم وجود أي إرادة من الحكومة لتنفيذ ما ورد في محضر الاتفاق الخاص بعمال الحضائر، والممضى في أكتوبر 2020 مع الاتحاد العام التونسي للشغل”.
وعبّر بن سليمان في تصريح صحافي عن الاستياء من التأخير الحاصل في تفعيل بنود الاتفاقية المذكورة، لافتا إلى مضي الحكومة في “سياسة المماطلة والتسويف”.
ويعتبر مراقبون أن الدولة غرقت في الانتدابات العشوائية منذ 2011 في إطار الترضيات، بتقديم وظائف وهمية لإسكات أصوات قد تحتج ضد السلطة وتطالب بالتشغيل في أي لحظة.