عندما يلتقي الفن بالمال، ينشأ جسر مثير للجدل والتساؤلات. هكذا يبدو أن الحال قد تكون في عالم المهرجانات الثقافية في تونس هذا الصيف. ففي خطوة مبهرة، أعلنت هند المقراني، المديرة العامة للمؤسسة الوطنية لتنمية المهرجانات والتظاهرات الثقافية والفنية، عن تخصيص مبلغ ضخم بلغ 4 ملايين دينار لدعم مجموعة من المهرجانات والتظاهرات الصيفية خلال سنة 2023.
منذ مطلع هذا العام، انطلقت عجلة الدعم لتحط في 113 تظاهرة، وهو رقم يشهد على الاهتمام الواضح والجهود المبذولة من قبل المؤسسة لدعم الفعاليات الثقافية التي تمتزج بالفنون والإبداع في كل زاوية. ولكن هنا يطرح السؤال: هل هذا الدعم سيؤدي إلى إثراء الساحة الثقافية بالمزيد من التنوع والإبداع؟
الندوة الصحفية التي أقيمت مؤخراً، كانت فرصة لتسليط الضوء على القواعد والمعايير التي تحكم عملية منح الدعم ودور المؤسسة والوزارة في هذا السياق. وبينما تسعى مؤسسة تنمية المهرجانات لتلبية متطلبات الدعم العمومي للمهرجانات، يبقى السؤال المحوري هو ما إذا كانت الجمعيات والمؤسسات الثقافية ستقدم ملفاتها بطريقة تلائم الشروط المطلوبة وتعزز من جودة الفعاليات المقدمة.
من جهة أخرى، يثار الجدل حول مصير بعض المهرجانات التي قد تنطلق بدون دعم، والتحدي الذي تواجهه هذه المهرجانات في تحقيق رؤيتها بغياب تمويل ثابت. هل ستجد هذه المبادرات طرقاً مبتكرة لجذب الجماهير وتحقيق النجاح المرجو، أم ستكون الأمور أكثر تعقيداً؟
بالإضافة إلى ذلك، يثير تكرار الأفكار والبرامج استفهامات حول التنوع والإبداع في الساحة الثقافية. فهل يمكن تحقيق التجديد والتفرد في فعاليات تعتمد على أفكار متشابهة؟
ولاحظت هند المقراني أن بعض الجمعيات قد تقوم بتنظيم مهرجانات دون الحصول على الدعم المناسب، وهذا يجعلها تعاقب مصاعب مالية لاحقاً. هل يمكن للجمعيات أن تجد سبلًا لتمويل فعالياتها بشكل مستقل ومبتكر؟
بلا شك، الدعم المالي للمهرجانات والتظاهرات الثقافية يلقي الضوء على جوانب متعددة من عالم الثقافة والفن، ويفتح نقاشًا مثيرًا للجدل حول دور الجمعيات والمؤسسات والتحديات التي تواجهها في سبيل تقديم تجربة ثقافية متميزة وملهمة للجمهور. في النهاية، سنرى ما إذا كان هذا الدعم سيساهم في تنمية المشهد الثقافي في تونس، أم أنه سيكون محطة لمزيد من التساؤلات والمناقشات المستقبلية.