في إطار فعاليات الدورة 25 لأيام قرطاج المسرحية، تُحتفل ذاكرة المسرح التونسي بأحد رموزه البارزين، الفنان الراحل علي بن عيّاد (1930-1972)، الذي يعتبر من الآباء المؤسسين للمسرح التونسي وأحد الملهمين للأجيال الجديدة من الممثلين والمخرجين. حيث ينظم معرض صور فوتوغرافية في مدينة الثقافة الشاذلي القليبي، يوثق مسيرته المبدعة التي امتدت لسنوات، قبل أن تغادره الحياة في سن مبكرة.
مقالات ذات صلة:
"تيات-ترينو" أيقونة الدورة 33 من مهرجان علي بن عياد للمسرح
عودة نور الدين بن عياد للواجهة التلفزيونية: فكاهة هادفة ونقد لمجتمعنا
نور الدين بن عياد: ابنتي في ألمانيا أصيبت بحالة من الهلع بعد انتشار شائعة دخولي السجن
المعرض، الذي يستمر حتى 30 نوفمبر 2024، يعرض أكثر من مئة صورة نادرة توثق لحظات من مسيرة الفنان الراحل، والذي أطلق عليه الباحث محمد المي لقب "أسطورة المسرح التونسي". هذه الصور ليست مجرد وثائق تاريخية، بل هي شهادة حية على إبداع علي بن عيّاد الذي كان له بصمة لا تُمحى في المشهد المسرحي التونسي والعربي. كما يشكل المعرض فرصة للتأمل في حياته الفنية التي أثرت بشكل عميق في تطوير المسرح التونسي المعاصر.
إلى جانب المعرض، أعد الباحث محمد الميّ كتابًا بعنوان "ذاكرة العدسة: علي بن عياد"، الذي يعد توثيقًا شاملًا لِمسيرة هذا الفنان الراحل. الكتاب يضم أكثر من مئة صورة ووثيقة نادرة، بالإضافة إلى دراسة تاريخية تسلط الضوء على تأثير علي بن عيّاد في تطوير المسرح التونسي، لا سيما في فترة الستينات والسبعينات من القرن العشرين.
وفي مقدمة الكتاب، يتساءل المؤلف: "هل يمكن التغافل عن ذكر علي بن عياد أو محوه من ذاكرة المسرح التونسي؟" ويجيب قائلًا: "بالطبع لا، لأن هذا العصامي الذي لم يحصل على شهادة الباكالوريا أصبح أسطورة بحد ذاته، وعُرف بنجاحه الذي يفوق التوقعات". علي بن عيّاد لم يكن مجرد فنان مسرحي، بل كان محركًا رئيسيًا للحركة المسرحية في تونس، وقدم في فترة قصيرة أكثر من ثلاثين عملاً مسرحيًا، مما جعله يُعد حجر الزاوية في المسرح التونسي الحديث.
محمد الميّ يضيف أن علي بن عيّاد كان "يُسابق الموت" لتحقيق هدفه الفني قبل أن يفارق الحياة، وبأن مسرحه كان "لحظة ميلاد" جديدة للمسرح التونسي، الذي أصبح له بعد وفاته تأثير كبير على الساحة المسرحية الدولية.
من خلال المعرض والكتاب، يُستعاد جزء من الذاكرة الفنية التونسية، ويُؤكد أن إرث علي بن عيّاد يظل حيًا في المشهد المسرحي، وهو علامة بارزة لا يمكن تجاوزها في تاريخ المسرح التونسي.