اختر لغتك

زلزال تونس يحدّد مستقبل حركة النهضة والغنوشي

زلزال تونس يحدّد مستقبل حركة النهضة والغنوشي

قرارات الرئيس قيس سعيد أظهرت ضعفا كبيرا للحركة الإسلامية التي تعدّ ممسكة بخطوط اللعبة السياسية.
 
تونس – أضعفت قرارات الرئيس التونسي قيس سعيّد بشأن تجميد المجلس النيابي، حركة النهضة الإسلامية، وفقا لخبراء يرون أن الحزب برئاسة راشد الغنوشي أمام امتحان جديد من أجل ضمان استمراريته في المشهد السياسي في البلاد.
 
وعادت حركة النهضة التي تأسست قبل أربعين عاما، إلى الحياة السياسية في تونس إثر ثورة 2011، وكانت جزءا من كل البرلمانات ومعظم الحكومات منذ ذلك الوقت، ثم تراجع حضورها بشكل لافت، وانتقل تمثيلها البرلماني من 89 نائبا في العام 2011 إلى 53 (من أصل 217) في الانتخابات التشريعية في العام 2019.
 
ويعزو مراقبون هذا التراجع إلى أن الحركة اعتمدت في انتخابات 2011 خطاب المظلومية، لكسب تعاطف المؤيدين، لكن تنكرها لأهداف الثورة دفع مناصروها إلى الإحجام عن التصويت لها كعقاب أخلاقي على نكثها الكثير من وعودها، هذا فضلا عن الصراع والتمزق داخل البيت الإخواني.
 
وظهرت دلائل قوية في السنوات الأخيرة على أزمة داخلية يمر بها الحزب، بينها استقالات قيادات مؤسسة من الحركة رافضة بقاء راشد الغنوشي البالغ من العمر 80 عاما على رأس الحزب منذ أربعين سنة.
 
ومع إعلان الرئيس قيس سعيّد قراراته الاستثنائية في 25 يوليو بتجميد أعمال البرلمان، الذي تملك فيه النهضة أكبر كتلة لمدة ثلاثين يوما قابلة للتمديد، وإقالة حليفها رئيس الحكومة هشام المشيشي وتولي السلطة التنفيذية بنفسه، خرج الخلاف الداخلي في الحزب إلى العلن، وتجلى في استقالات جديدة ومواقف رافضة لخيارات الحزب السياسية.
 
وقدم عدد من قيادات الحركة استقالاتهم، أبرزهم محمد النوري عضو مجلس شورى الحركة السبت الماضي، احتجاجا على تأجيل عبدالكريم الهاروني رئيس مجلس شورى النهضة، الدورة التي دعا إليها 80 عضوا من الشورى وتم إقرارها بالأغلبية في المكتب.
 
وتزامنت هذه الاستقالة مع استقالة خليل البرعومي من المكتب التنفيذي للحركة، واستقالات جماعية للمكتب المحلي للحزب بمحافظتي المهدية والقيروان، ومطالبة القيادات الشابة في الحركة لتخلي الغنوشي عن رئاسة الحزب واتخاذ قرارات ثورية في شأن مصير الحركة سياسيا.
 
ويرى البعض أن هذه الأزمة الداخلية على خلفية الأزمة السياسية الوطنية، قد تهدد موقع الحزب في المشهد السياسي.
 
ويقول عبداللطيف الحنّاشي أستاذ التاريخ المعاصر والمحلل السياسي "لن تكون النهضة كما كانت منذ العام 2011. هذا أكيد. ستكون أضعف"، معلّلا ذلك بحدة "الزلزال الداخلي" بين من يدعم بقاء الغنوشي وتنامي شق آخر يدعوه إلى الرحيل.
 
ويرى مراقبون سياسيون أن الخلافات ليست بالحديثة، حيث سبق أن عرفت الحركة واقعا متصدّعا بسبب معارضة قيادات لسياسة الغنوشي في الحزب وتوجهاته التي تقطع مع التداول السلمي على القيادة وفسح المجال لقيادات جديدة.
 
وسبق أن وجّه حوالي مئة عضو من حركة النهضة من بينهم أعضاء في المكتب التنفيذي الوطني ومجلس الشورى والكتلة البرلمانية، فضلا عن بعض القيادات بالجهات والمحليات (على غرار عبداللطيف المكي ونورالدين العرباوي وفتحي العيادي وسمير ديلو وآخرين) رسالة مفتوحة إلى الغنوشي طالبوه فيها بالإعلان عن عدم الترشّح لرئاسة الحركة في المؤتمر القادم.
 
واعتبر الممضون على العريضة أنّ هذا الإعلان يشدد على وجوب احترام مقتضيات الفصل الحادي والثلاثين من النظام الداخلي، إضافة إلى تأكيد مبدأ التداول القيادي وتوفير شروط نجاح المؤتمر.
 
ويرى الباحث في العلوم السياسية محمد الصحبي الخلفاوي أن "ما حدث مع الرئيس أظهر النهضة في حالة ضعف كبير، لم تعد ممسكة بخطوط اللعبة السياسية عكس ما كانت عليه في الماضي".
 
ويضيف أن "تحجيما للدور السياسي للحزب" قد يحصل، "لكن إقصاؤه تماما من المشهد صعب". ويضيف "لديها من الانغراس والعمق الشعبي ما يسمح لها بمواصلة وجودها".
 
غير أن الغنوشي المعروف بدهائه السياسي، قال إن حزبه "مستعدّ لأي تنازل، إذا كانت هناك عودة للديمقراطية".
 
وكانت النهضة اضطرت عندما كانت في الحكم في العام 2013 وإثر أزمة سياسية حادة أججتها اغتيالات سياسية طالت معارضين لها، إلى الخروج من الحكم والمشاركة في حوار وطني انتهى آنذاك بتشكيل حكومة تكنوقراط.
 
وإثر ذلك ومن أجل ضمان البقاء في السلطة، شكلت ائتلافا "هجينا" مع حزب "نداء تونس" الليبرالي العلماني في العام 2014، وتقرّبت من رئيسه الراحل الباجي قايد السبسي. في انتخابات 2019، تحالفت مع حزب "قلب تونس" الذي يلاحق رئيسه نبيل القروي بتهم فساد وتبييض أموال.
 
وبعد أسبوع من الهجوم على قرارات الرئيس سعيد ووصفها "بالانقلاب على الشرعية"، خفّف مجلس الشورى في الحزب بعد اجتماعه الخميس من حدة خطابه ضد سعيّد، ودعاه إلى حوار وطني وتعيين رئيس حكومة جديد، وأقر بضرورة القيام بمراجعات لسياسة الحزب المنتهجة في السنوات الأخيرة وتحمّل مسؤوليته واستعداده للاعتذار عن الأخطاء المرتكبة.
 
وهذه الخطوة في تقدير الحنّاشي "انحناء للعاصفة لتجاوزها"، لكن سعيّد يشدد على أنه "لا رجوع إلى الوراء".
 
ويمثّل الغنوشي الذي يقدّم نفسه "إسلاميا ديمقراطيا" في البلد الوحيد، الذي نجا من تداعيات ما وصف "بالربيع العربي" مقارنة بدول أخرى انتهت إلى فوضى أو إلى عودة الدكتاتورية.
 
ويرى أنصاره أن له فضلا كبيرا في نجاح بقاء الحركة في السلطة طيلة السنوات العشر الماضية وتأمين الانتقال الديمقراطي في البلاد، بينما ينتقد آخرون "سلطته الأبوية" على الحزب الذي أصبح "مشروعا شخصيا" له ودفع العديد من القيادات، على غرار حمادي الجبالي ولطفي زيتون وعبدالحميد الجلاصي وزبير الشهودي، إلى الاستقالة.
 
وكان من المفترض أن يكون المؤتمر 11 للحزب في العام 2020 الأخير لرئاسة الغنوشي وأن تنتخب فيه قيادة جديدة، لكن تم تأجيله للعام 2021 بسبب انتشار وباء كوفيد - 19 في البلاد، بينما علّل مراقبون السبب المباشر للإرجاء، بأنه إيجاد طريقة لبقاء الغنوشي في الزعامة.
 
ويقدّر الحناشي أن الغنوشي "سيخرج" لأنه "أصبح عبئا على جزء من النهضة وقياداتها".
 
ويوضح الخلفاوي أن "مستقبله كلاعب سياسي متصدر المشهد السياسي انتهى وأصبح من الماضي"، مستبعدا إقصاءه تماما، لأن "القوى الإقليمية والدولية ليست مُجمعة على ذلك".
 

آخر الأخبار

أيام تحسيسية مشتركة لدعم انتقال المجامع التنموية النسائية إلى شركات أهلية

أيام تحسيسية مشتركة لدعم انتقال المجامع التنموية النسائية إلى شركات أهلية

حين يلتقي النقيضان: أطول امرأة في العالم وأقصرهن يتقاسمان لحظة لا تُنسى!

حين يلتقي النقيضان: أطول امرأة في العالم وأقصرهن يتقاسمان لحظة لا تُنسى!

السينما التونسية تتألق في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي 2024

السينما التونسية تتألق في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي 2024

المنتدى السادس والعشرين لحقائق: السياحة في  المتوسط محور جدل أهل المهنة في الحمامات 

المنتدى السادس والعشرين لحقائق: السياحة في  المتوسط محور جدل أهل المهنة في الحمامات 

نابولي: الأطفال بين السلاح والعنف.. أزمة تهدد جيلًا كاملًا

نابولي: الأطفال بين السلاح والعنف.. أزمة تهدد جيلًا كاملًا

Please publish modules in offcanvas position.