في خطوة جريئة وجديدة على المشهد الاقتصادي، طرح رئيس المجلس البنكي والمالي ناجي الغندري رؤية طموحة تجعل من الشركات الأهلية نموذجًا يحمل وعودًا كبيرة لانتشال الاقتصاد الوطني من ركوده، ودعم الاقتصاد الاجتماعي والتضامني. فهل يُمكن لهذه المبادرة أن تكون طوق نجاة حقيقي يُمكّن الشباب العاطل من إيجاد فرص عمل، ويحفّز روح المبادرة، ويعيد الحيوية للأسواق المحلية؟
مقالات ذات صلة:
لقاء الغندري والمدّوري: هل ينجح التحالف بين الحكومة والبنوك في إنقاذ الاقتصاد الوطني؟
ناجي الغندري يقود مبادرة شراكة لدعم الاستثمار المستدام في الزراعة وصيد الأسماك بتونس
ناجي الغندري: رئيس المجلس البنكي والمالي يشدّ الرحال نحو تعزيز الاقتصاد الوطني
الشركات الأهلية: ما هي الجدوى؟
منذ تصريح الغندري، أصبح من الواضح أن هناك دعمًا حكوميًا كبيرًا لهذا التوجه، خاصة بعد انخراط 6 بنوك في تمويل هذه الشركات وتوفير خطوط تمويلية بتيسيرات واضحة. ورغم أن الخطوة تحمل آمالًا كثيرة، إلا أن التحديات تتزايد عند الانتقال من التصريحات إلى التطبيق. فهل يمكن للشركات الأهلية أن تنجح في مواجهة مشكلات السوق المحلية، كالبطالة وانخفاض القدرة التنافسية؟
التكوين والمرافقة: ما مدى فاعليتها؟
بحسب تصريحات الغندري، ستُقدم هذه المبادرة دورات تكوينية وورش عمل خاصة لمؤسسي الشركات، بهدف تعزيز مهاراتهم في المحاسبة والجباية وتحليل الأسواق. هذه الإحاطة التقنية تعتبر خطوة ضرورية، ولكن هل تكفي للحد من الأخطاء التقليدية التي يعاني منها القطاع الاقتصادي التونسي؟ النجاح يتطلب أيضًا رؤية استراتيجية لمواجهة العراقيل الضريبية والإدارية، وتجاوز البيروقراطية، التي تُثقل كاهل المشاريع الناشئة.
نسب الفائدة التفاضلية: هل هي كافية؟
من الجوانب الملفتة في المبادرة الجديدة هي نسب الفائدة التفاضلية التي وُعدت بها هذه الشركات. إذ أشار الغندري إلى أن هذه النسب سيتم تحديدها وفقًا لطبيعة المشروع، ما يعتبر ميزة للشركات الناشئة. لكن هل ستكون كافية لتحفيز روح الريادة في الشباب، خاصةً في ظل ارتفاع تكاليف التمويل بالمقارنة مع عوائد السوق؟
هل هناك سقف لطموحات البنوك؟
أشار الغندري إلى عدم وجود سقف تمويل حالي لهذه الشركات، وهذا يُعدّ إيجابيًا من جهة، إذ يفتح المجال أمام أفكار جديدة وغير تقليدية. لكن هل ستكون البنوك قادرة فعلًا على تقديم دعم غير محدود؟ البنوك الخاصة والعامة قد تحتاج إلى تحقيق أرباحها الخاصة، ما يثير تساؤلات حول حدود مرونة البنوك وقدرتها على استيعاب أي خسائر محتملة.
هل تحمل هذه المبادرة المستقبل؟
رؤية الغندري تحمل الكثير من التفاؤل، لكنها تتطلب خطة واضحة للتقييم. فقد شدد على أهمية تقييم هذه التجربة بعد سنة أو سنتين، وهذه خطوة هامة تتيح للحكومة وللبنوك تصحيح المسار إذا لزم الأمر. النجاح سيتحقق فقط إذا كانت هذه الشركات قادرة على توفير فرص عمل جديدة، وتحقيق أرباح مستدامة، والمساهمة فعليًا في الاقتصاد الوطني.
تجربة الشركات الأهلية وفق رؤية ناجي الغندري قد تكون أملًا كبيرًا للشباب الباحث عن فرص في بيئة صعبة. ولكن، لتحقيق هذا الأمل، تحتاج هذه المبادرة لدعم شامل يشمل إزالة العقبات وتوفير بيئة قانونية وإدارية محفزة. سيكون نجاح الشركات الأهلية انعكاسًا لمدى قدرة الاقتصاد التونسي على الابتكار والاستجابة للتحديات الجديدة.