في خطوة مفاجئة، أعلنت مجموعة "بينيتون" الإيطالية المتخصصة في صناعة النسيج عن إغلاق مصانعها في قفصة والقصرين، بالإضافة إلى إيقاف العمل في مصنع الساحلين. هذا القرار الذي أثار العديد من التساؤلات جاء على خلفية الارتفاع المستمر في تكاليف الإنتاج والأداءات، ما دفع الشركة إلى اتخاذ خطوة تهدف إلى تحسين هيكلها الإنتاجي بما يتماشى مع متطلبات السوق الحالية.
مقالات ذات صلة:
مخاوف من توقف مصانع رسكلة البلاستيك في تونس بسبب التوريد العشوائي للنفايات
التصدي لظاهرة احتكار المواد الحيوية: حملة وطنية تحقق نجاحاً في مراقبة مصانع الحليب
تفاصيل القرار وتداعياته
أوضحت إدارة "بينيتون" في بيانها أن قرار إغلاق المصانع يعكس استراتيجية الشركة العالمية التي تهدف إلى تقليل تكاليف الإنتاج وزيادة الفعالية الاقتصادية. هذا القرار الذي سيشمل 3500 عامل تونسي، يأتي بعد أكثر من 20 عامًا من النشاط الصناعي في تونس، مما يزيد من القلق حول الآثار الاجتماعية والاقتصادية لهذه الخطوة.
وفيما يتعلق بمصنع المنستير، الذي مازال قيد التشغيل، أبدت "بينيتون" رغبتها في الحفاظ على استمرارية الإنتاج هناك. الشركة تدرس عدة خيارات، بما في ذلك إمكانية بيع المصنع لمستثمرين محتملين أو البحث عن حلول للنقل. لكن هذه الخيارات، كما أكدت الشركة، مرتبطة بقدرة الحكومة التونسية على ضمان بيئة استثمارية تدعم النمو والتوسع.
مفاوضات مع الحكومة
وفقًا للمدير العام لشركة "بينيتون"، كلاوديو سفورزا، تجري مفاوضات مع الحكومة التونسية بهدف التخفيف من الآثار الاجتماعية السلبية لهذا القرار. من بين هذه الآثار إغلاق مصنع "شالين"، الذي يشغل 500 عامل. المفاوضات تتعلق بإيجاد حلول للتخفيف من وطأة البطالة التي قد تصيب العمال المتضررين من إغلاق هذه المصانع.
الاستراتيجية العامة للمجموعة
ويأتي قرار "بينيتون" في إطار استراتيجية عالمية تهدف إلى تركيز الأنشطة الإنتاجية في الأماكن التي تقدم أعلى قيمة مضافة، وتقليل المخاطر المرتبطة بالإدارة المباشرة لمواقع الإنتاج في مناطق معينة. هذا التوجه يعكس التحديات التي تواجه العديد من الشركات العالمية في ظل التقلبات الاقتصادية وظروف السوق المتغيرة.
أثر القرار على الاستثمار في تونس
هذا القرار يأتي في وقت حساس بالنسبة للاقتصاد التونسي، الذي يسعى إلى جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة. فقد سجلت تونس خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي استثمارات أجنبية بقيمة 2.1 مليار دينار. ورغم أن "بينيتون" قد تبحث عن حلول للمحافظة على استمرارية مصانعها في تونس، فإن القرارات التي اتخذتها المجموعة قد تؤثر على صورة تونس كموقع استثماري، خاصة في القطاع الصناعي.
الآفاق المستقبلية
بينما تبقى المفاوضات جارية مع الحكومة التونسية، فإن العاملين في المصانع المغلقة يواجهون مصيرًا غير محدد، وسط مخاوف من ارتفاع معدلات البطالة في المناطق المتضررة. ومع استمرار التحديات الاقتصادية، يبقى الأمل معقودًا على قدرة الحكومة التونسية على اتخاذ تدابير عاجلة تدعم الشركات وتضمن حقوق العمال المتضررين.
إغلاق مصانع "بينيتون" في تونس يسلط الضوء على التحديات الاقتصادية التي تواجهها الشركات العالمية في ظل ظروف اقتصادية صعبة، ويزيد من المخاوف حول مستقبل قطاع النسيج في البلاد. كما يثير هذا القرار تساؤلات حول قدرة الحكومة التونسية على دعم الاستثمار وضمان استدامة القطاعات الإنتاجية الحيوية.