رجل يخاف أن ينظر إلى امرأة جميلة ليس بوسعه أن يكون جميلا ورومانسيا وحساسا، لأن الخوف لا ينتج الجمال.
دعي شريكك ينظر إلى النساء الجميلات وانظري معه وعلميه أن ينظر معك إلى الرجال الجميلين. قد يبدو هذا مطلبا صعبا وليس له ما يبرره، لكن نتائجه عليك وعلى علاقتك الزوجية ستكون مذهلة.
شخصيا عندما تمر من أمامي امرأة جميلة أدعو زوجي إلى النظر إليها. أنظر معه أيضا ونناقش تفاصيل جمالها. نختلف حول نقطة ونتفق حول أخرى. تذهب المرأة لحال سبيلها وتبقى الصداقة والوئام والثقة المتبادلة.
عندما حاولت أن أفعل العكس، أي أن أدعوه إلى النظر إلى رجل وسيم اصطدمت في البداية بممانعة ومقاومة شديدتين، وتطلب الأمر وقتا وجهدا طويلين قبل أن يقتنع بالنظر معي إلى رجل وسيم والحديث عن مكامن الجمال فيه. حجتي التي أكررها باستمرار في هذه الحالات، هي أن أعيننا خلقت لترى وتستمتع ولم تخلق لتعمى. إذا منعنا أعيننا من رؤية الجمال فما الذي يبقى ساعتها؟ وكيف لنا أن نستمتع بعالم لا جمال فيه أو نحن محرومون من الجمال الذي فيه بسبب مراقبة خارجية يفرضها علينا أحدهم أو مراقبة داخلية نفرضها على أنفسنا؟ ثم ما الحكمة في أن نسمح لشريكنا بالنظر إلى القبيح ونمنعه من النظر إلى الجميل؟ أليس في ذلك طمس وقتل لروحه لن يلبثا أن ينعكسا علينا؟ من يعمي عيني شريكه عليه أن يدرك أن العماء سيطوله آجلا أم عاجلا.
المكسب الأول الذي ستجنينه من هذا التصرف هو التدليل على قوة شخصيتك وثقتك بنفسك، فأنت لا تخشين المنافسة ولا المقارنة ولا تعتقدين أن نظرة من زوجك إلى امرأة جميلة ستنال منك أو تهز من مكانتك. وأعتقد أن أغلب الذين يعارضون نظر الشريك إلى شخص جميل عابر يفعلون ذلك بدافع الخوف من المقارنة أو لأنهم يفسرون تصرف الشريك على أنه دليل على عدم الرضى والاكتفاء.
لكن لو نظرنا إلى الأمر من زاوية مختلفة وبتسامح أكبر لاكتشفنا ببساطة أن الجمال جاذب للأنظار أيا كان مصدره: الضوء والقمر، الأشجار والعصافير، والورد والوديان، كلها مكامن جمال نحب أن نتمشى فيها أزواجا وأيدينا متشابكة ببعضها. كذلك الرجال والنساء، بينهم من يستحق أن نتملى جماله ونقف مبهورين أمام صورته وخلقه.
المكسب الثاني هو الصداقة التي تنبني بينكما، والثقة المتبادلة التي تصل إلى حد النظر والحديث عن امرأة أو رجل جميل بتواطؤ جميل وهش بينكما. تتحدثان عن جمال امرأة كما لو كنتما تتحدثان عن فيلم جميل أو كتاب جميل شد انتباهكما. كل شيء قابل للنقاش. كل شيء مفتوح بينكما. لا خوف ولا ترهيب ولا إكراه. المكسب الثالث يكمن في تعويد بعضكما على استهلاك الجمال وإعادة إنتاجه. الروح التي تتربى على الجمال غير الروح التي تتربى على القبح بشقيه المادي والمعنوي. إذا أحببت أن يعاملك شريكك بود ولطف ورومانسية فائقة، وأن يكون حساسا وهشا معك، عليك أن تساعديه على شحن هذه الخصائص أو الصفات داخله وتغذيتها بما يضمن استمرارها. وباختصار رجل يخاف أن ينظر إلى امرأة جميلة ليس بوسعه أن يكون جميلا ورومانسيا وحساسا، لأن الخوف لا ينتج الجمال.
هناك مكسب آخر لا يقل أهمية عن المكاسب السابقة وهو تجريد الجمال والتعامل معه بوصفه محايدا ومستقلا عن حامله. فأنت تنظر إلى الجمال الكامن في شيء ما وليس إلى الشيء نفسه، كما أنك تنظر إلى الجمال من أجل الجمال وليس إلى أي غرض آخر. وغالبا تتعلم مع الوقت أن الجمال نسبي، وأن القبح لا وجود له إلا باعتباره درجة من درجات الجمال وتجليا من تجلياته.
لمياء المقدم
كاتبة تونسية