معادلة القوة الأميركية في سوريا تشمل ألفي جندي أميركي بمهمة مزدوجة تضمن هزيمة ما تبقى من داعش بالإضافة إلى تحجيم الدور الإيراني.
باريس - تغير الولايات المتحدة من استراتيجيتها في سوريا، التي ظلت طوال الوقت مقتصرة على هزيمة تنظيم داعش ومقاومة النفوذ الإيراني، اعتمادا على وجود عسكري متفرق في الشمال والجنوب. لكن يبدو أن طموحات واشنطن توسعت لتشمل حصة سياسية طويلة الأمد في دمشق.
ويتكون الطموح الأميركي انطلاقا من قاعدتين أظهرتا التزاما هو الأكبر منذ اندلاع الحرب عام 2011 بالحل السياسي. فالمسؤولون الأميركيون لعبوا دورا حاسما في منع قوات الرئيس السوري بشار الأسد، مدعومة بميليشيات إيران والطائرات الروسية، من استعادة محافظة إدلب، كما ضغطت واشنطن في مجلس الأمن، منذ تعيين السفير السابق جيمس جيفري مبعوثا خاصا لها إلى سوريا، لتكليف المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا بالبدء في عملية كتابة الدستور.
والثلاثاء، قال وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس إن عدد الدبلوماسيين الأميركيين في سوريا زاد إلى المثلين مع اقتراب هزيمة متشددي تنظيم الدولة الإسلامية عسكريا.
وقال خلال مؤتمر صحافي في باريس مع نظيرته الفرنسية “الدبلوماسيون الأميركيون هناك على الأرض وزاد عددهم إلى المثلين”.
وتابع “مع تراجع العمليات العسكرية سترون أن الجهود الدبلوماسية الآن تترسخ”.
ويعتقد على نطاق واسع أن تكثيف الحضور الدبلوماسي الأميركي جاء تحت ضغط دول أوروبية كبرى تعتقد أن الوقت قد حان للتسريع في الانتقال من العمليات العسكرية إلى الحل السياسي، خصوصا بعد تمكن تركيا من التوصل إلى اتفاق مع روسيا حول إدلب، بدعم أوروبي.
لكن الظروف على الأرض تعكس أن التوصل إلى تسوية سياسية ما زال بعيد المنال.
ويقول فيصل عيتاني، الباحث المتخصص في شؤون الشرق الأوسط في المجلس الأطلسي للدراسات، إنه “يبدو أن هناك أملا بدأ يراود المسؤولين الأميركيين بأن عملية التفاوض التي ترعاها الأمم المتحدة يمكن أخيرا أن تصل إلى تسوية، أو أنهم يخططون لبقاء طويل الأمد على الأراضي السورية، نظرا لضعف إمكانية التوصل إلى أي حل سياسي قريبا”.
وأضاف “إما أن الأميركيين يخدعون من حولهم ويخططون للبقاء، وإما يخدعون أنفسهم من خلال الاعتقاد بأن حلا سياسيا بات في متناول اليد”.
لكن، بغض النظر عن الأهداف النهائية، أصبحت معادلة القوة الأميركية تشمل ألفي جندي أميركي بمهمة مزدوجة، تضمن هزيمة ما تبقى من داعش وعدم تكرار خطأ العراق بالانسحاب قبل التأكد من عدم عودته مرة أخرى، بالإضافة إلى تحجيم الدور الإيراني. واليوم أضيف إلى هذه التركيبة عدد كبير من الدبلوماسيين، وهو ما يوحي بأن الأميركيين لم تعد لديهم مشكلة في مواجهة الرؤية الروسية للحل النهائي.
ويقول محللون إن التحول في النهج الأميركي يتزامن مع الضغط الروسي على الغرب في ما يخص عملية إعادة الإعمار وإعادة اللاجئين، بشكل منفصل عن التسوية السياسية، بينما الأميركيون يفضلون الانتظار لبناء رصيد سياسي يمكنهم من عرقلة استفراد روسيا برسم خارطة الحل منفردة. ويتزامن ذلك مع قرب قمة إسطنبول، التي أعلن عن انعقادها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وستحضرها روسيا وألمانيا وفرنسا.