اختر لغتك

الشتاء نووي والجحيم إيراني

الشتاء نووي والجحيم إيراني

الشتاء نووي والجحيم إيراني

ما زالت الحرائق مشتعلة إلى اليوم، تؤججها أيادي الملالي، في سوريا والعراق واليمن.
 
السلاح النووي أكثر الأسلحة التي اخترعها الإنسان تدميرا، ولكن هل هذا يعني أن السلاح النووي أكثرها خطرا على البشرية اليوم؟
 
نظريا، وحسب رأي الخبراء، نعم. أي مواجهة نووية شاملة بين الولايات المتحدة وروسيا، ستغرق كوكب الأرض في شتاء نووي دائم طيلة عشر سنوات. وتغلف العالم بأسره بطبقات من الغيوم السوداء، وتنخفض درجات الحرارة بمقدار تسع درجات مئوية.
 
سيكون الهجوم النووي، لهذه الأسباب، بمثابة الانتحار لكلا الطرفين، يجر معه عواقب وخيمة على العالم بأسره. ولأنه كذلك فهو ليس أخطر الأسلحة التي تهدد البشرية؛ امتلاك الطرفين للترسانة النووية والقدرة على إصابة الهدف هو ضمانة لعدم استعمالها.
 
سوف يتذكر العالم، لألف عام وأكثر، الهجوم الذي استهدفت فيه الولايات المتحدة مدينتي هيروشيما وناغازاكي بالقنابل النووية، في ذلك الوقت لم يتردد الرئيس الأميركي، هاري ترومان، عن إعطاء الأوامر لشن الهجوم، لتستهدف هيروشيما في السادس من أغسطس 1945، وتوجه ضربة أخرى لناغازاكي بعد ذلك التاريخ بثلاثة أيام.
 
لنتصور سيناريو آخر، لو أن اليابان امتلكت في ذلك اليوم سلاحا نوويا، وكانت لديها القدرة على استهداف مدن أميركية، هل كان ترومان يتجرأ على اتخاذ قرار الهجوم، وهل كان اليابانيون، شعب الساموراي الذي يصعب عليه تجرع الهزيمة، يقبلون توقيع وثيقة الاستسلام يوم 12 سبتمبر 1945، أي بعد شهر وثلاثة أيام من استهداف ناغازاكي. أترك لكم الإجابة. والحال كذلك، لماذا إذن لا نترك لإيران حرية تطوير ترسانة نووية، هل يبالغ الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في موقفه المتشدد من قضية النووي الإيراني، رغم موقف أصدقائه الأوروبيين المتساهل نسبيا.
 
موقف ترامب من القضية لا توجد فيه أي مبالغة. هو على حق، على أوروبا أن تكون أكثر حذرا وتشددا عندما يتعلق الأمر بملالي طهران، لسببين: الأول إذا امتلكت إيران ترسانة نووية، ستنفرد بتهديد جيران لها، لا يستطيعون مواجهة التهديد بالمثل.
 
السبب الثاني، لا يمكن الاستهانة به وإن بدا للبعض مستبعدا، هو أن الإيرانيين يتزعمون القوى الإسلامية المتطرفة التي تروج للثقافة الجهادية على أنها أقصر الطرق إلى الجنة، حسب زعمهم. لذلك سيكون من السذاجة أن نستبعد قيام حكام إيران باتخاذ قرار يبدو ما حدث في اليابان مقارنة به أمرا عارضا.
 
لقد سبب ملالي إيران، وهم لا يمتلكون السلاح النووي، من الألم والخسائر للبشرية أكثر مما سببته هجمات الولايات المتحدة على هيروشيما وناغازاكي. بالطبع هذا لا يقلل أبدا من بشاعة الهجوم النووي الأميركي.
 
دعونا نستعرض بعجالة الثمن الذي دفعه العالم، وما زال يدفعه، نتيجة هوس الهيمنة عند ملالي طهران.
 
نبدأ بحرب الخليج الأولى (الحرب العراقية الإيرانية)، حيث يتضح البعد الأيديولوجي لهذه الحرب من التسمية الإيرانية لها “الدفاع المقدس”. حرب مقدسة شنها الملالي، بلغ عدد ضحاياها مليون قتيل، إلى جانب 400 مليار دولار خسائر مادية. كانت الحرب أطول نزاع عسكري في القرن العشرين، وتعتبر السبب الذي أدى في ما بعد إلى اندلاع حرب الخليج الثانية. وهي أيضا السبب، وإن كان بشكل غير مباشر، في إشعال الحرائق في أكثر من بلد عربي.
 
بقليل من الجهد يمكن الربط بين إيران والعشرية السوداء أو الحمراء، كما يسميها البعض، التي شهدتها الجزائر، وكانت طرفا فيها الجبهة الإسلامية للإنقاذ. عشرية أحصي فيها ارتكاب 622 مجزرة، أو بالأحرى مذبحة. وتجاوز عدد ضحاياها 150 ألف قتيل.
 
وما زالت الحرائق مشتعلة إلى اليوم، تؤججها أيادي الملالي، في سوريا والعراق واليمن، وهي وإن كانت خامدة تحت الرماد، إلا أنها تهدد بالانفجار في أي لحظة في لبنان المخطوف من حزب الله (الإيراني). الفلسطينيون أيضا نالوا نصيبهم من الخراب بعد ابتلائهم بحماس.
 
مرة أخرى، وللأسباب التي سبق ذكرها مجتمعة، يبقى الإسلام السياسي، بوجهيه الإيراني والإخواني، أخطر من السلاح النووي وأشد فتكا، ويبقى الشتاء النووي أرحم من جحيم الملالي.
 
بإمكان العالم أن ينام مطمئنا فالحرب النووية لن تقع، إن نجحنا في منع إيران وأشباهها من امتلاك التكنولوجيا النووية.
 
 
علي قاسم
كاتب سوري مقيم في تونس
 

آخر الأخبار

رئيس جامعة وكالات الأسفار: تراجع الإقبال على العمرة بنسبة 20-25%

رئيس جامعة وكالات الأسفار: تراجع الإقبال على العمرة بنسبة 20-25%

خامنئي يدعو لإصدار أحكام إعدام ضد قادة إسرائيل بعد مذكرات الاعتقال الدولية

خامنئي يدعو لإصدار أحكام إعدام ضد قادة إسرائيل بعد مذكرات الاعتقال الدولية

حجز 120 طنًا من الدقلة بمخزن عشوائي في بن عروس: تجاوزات بالجملة وإجراءات قانونية

حجز 120 طنًا من الدقلة بمخزن عشوائي في بن عروس: تجاوزات بالجملة وإجراءات قانونية

العثور على جثة شاب في قنال بنزرت: تحقيقات جارية لتحديد الأسباب

العثور على جثة شاب في قنال بنزرت: تحقيقات جارية لتحديد الأسباب

تأخيرات وإشكاليات تعيق تطوير أسطول النقل العمومي

تأخيرات وإشكاليات تعيق تطوير أسطول النقل العمومي

Please publish modules in offcanvas position.