مصادر تؤكد فرار عشرين سجينا من الجهاديين من سجن راجو في شمال غرب سوريا على إثر الزلزال المدمر، فيما ارتفعت حصيلة القتلى في سوريا وتركيا إلى نحو خمسة آلاف قتيل.
شانلي أورفا (تركيا) – وصلت الحصيلة الإجمالية المؤكدة لعدد القتلى في تركيا وسوريا الثلاثاء إلى أكثر من 4.300 جراء سلسلة زلازل عنيفة هزت البلدين سجلت أقواها 7.8 درجة، وسط تقديرات تشير إلى ارتفاع عددهم إلى أكثر من 20 ألفا، خصوصا في ظل نقص الآليات لانتشال الجثث وإنقاذ الأحياء المحاصرين تحت الأنقاض.
وبينما يواصل عمال الإنقاذ بأيديهم العارية ووسط برد قارس عمليات البحث عن ناجين بين أنقاض الآلاف من المباني التي انهارت، فرّ نحو 20 سجينا من سجن في شمال غرب سوريا يحتجز جهاديين.
وأحصت فرق الإغاثة التركية انهيار أكثر من 5.600 مبنى في العديد من المدن، بينها مبان من طبقات عدة تضم عائلات كبيرة كان أفرادها نياما عندما ضرب الزلزال الأول.
وأعلنت إدارة الطوارئ والكوارث التركية "أفاد" أن حصيلة ضحايا الزلزال في تركيا بلغت 2.921 قتيلا، ما يرفع الحصيلة الإجمالية للقتلى في تركيا وسوريا إلى 4.365.
وهناك مخاوف من أن يستمر عدد القتلى في الارتفاع بهذه الوتيرة، خاصة وأن تقديرات منظمة الصحة العالمية تشير إلى أن قرابة 20 ألف شخص لقوا مصرعهم.
أما في أنحاء سوريا، فقد قُتل 1.444 شخصا على الأقل، بحسب وزارة الصحة وفرق إغاثة.
فقد أعلنت وزارة الصحة السورية ارتفاع عدد القتلى إلى 711 في حصيلة غير نهائية في مناطق سيطرة الحكومة في محافظات حلب واللاذقية وحماة وطرطوس. كما أفادت منظمة الخوذ البيضاء العاملة في مناطق الشمال الخارجة عن سيطرة دمشق بمقتل 733 شخصا.
وذكرت وكالة "أفاد" أن أكثر من 14 ألف شخص أصيبوا حتى الآن في تركيا، في حين بلغ عدد الجرحى في سوريا 3.411.
قال رئيس الدفاع المدني السوري رائد الصالح الثلاثاء إن الوقت ينفد لإنقاذ المئات من العائلات التي لا تزال محاصرة تحت أنقاض المباني المدمرة، بعد الزلزال العنيف الذي وقع الاثنين.
وأضاف رائد الصالح أن هناك حاجة عاجلة إلى مساعدات من المنظمات الدولية من أجل جهود الإنقاذ التي تبذلها منظمة الدفاع المدني المعروفة باسم الخوذ البيضاء في شمال غرب سوريا، حيث قتل وجرح المئات.
وقع الزلزال الأول عند الساعة 4.17 (01.17 ت.غ) على عمق نحو 17.9 كيلومترا وفق المعهد الأميركي للمسح الجيولوجي، وكان مركزه في منطقة بازارجيك في محافظة كهرمان مرعش التركية (جنوب شرق) على مسافة 60 كيلومترا من الحدود السورية.
وأعقبت ذلك العشرات من الهزات الارتدادية، قبل أن يضرب زلزال جديد بقوة 7.5 درجة عند الساعة 10.24 بتوقيت غرينتش جنوب شرق تركيا على مسافة أربعة كيلومترات من مدينة إكينوزو.
ويتوقّع أن تتغيّر الحصيلة بسرعة نظرا إلى عدد المباني المنهارة في المدن المتضررة، مثل أضنة وغازي عنتاب وشانلي أورفا وديار بكر خصوصا. وفي إسكندرون وأديامان، انهارت مستشفيات حكومية جراء الزلزال الذي ضرب على عمق نحو 17.9 كيلومترا.
وتعدّ هذه الهزّة الأشدّ في تركيا منذ زلزال 17 أغسطس 1999 الذي تسبّب في مقتل 17 ألف شخص، بينهم ألف في إسطنبول.
وتشل الأحوال الجوية في هذه المنطقة الجبلية المطارات الرئيسية حول دياربكر وملطية مع تواصل تساقط الثلوج بكثافة.
ويتجمع السكان في كل مكان ويحاولون إزالة الأنقاض بأيديهم، مستخدمين الدلاء.
وفي سوريا، تسبب الزلزال في مشاهد ذعر، مع خروج السكان من المناطق المتضررة سيرا أو بالسيارات، رغم الأمطار الغزيرة، وكذلك في لبنان حيث شعر السكان بهزات قوية.
وفي حماة (وسط غرب) كان رجال الإنقاذ والمدنيون ينتشلون بأيديهم وبمساعدة الآليات الثقيلة جثث الضحايا من تحت الأنقاض، وبينها جثة طفل، حسبما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية.
وفي حلب، ثاني مدن سوريا، بقيت العشرات من العائلات منذ وقوع الزلزال فجرا في الحدائق العامة، رغم تساقط أمطار غزيرة، خشية حصول هزات ارتدادية، وفق ما أفاد مصوّر وكالة الصحافة الفرنسية.
وتضرّرت قلعة حلب وعدد من المواقع الأثرية الأخرى، وفقا للمديرية العامة للآثار والمتاحف.
وأعربت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" عن خشيتها حيال الدمار في مدينة حلب القديمة ودياربكر في تركيا المدرجتين على قائمتها للتراث الانساني.
وفي تركيا، سُجّلت أكبر الأضرار بالقرب من مركز الزلزال الذي وقع فجرا بين قهرمان مرعش وغازي عنتاب، حيث دمّرت تجمّعات سكنية بأكملها.
وتضرّرت خطوط أنابيب الغاز التي تغذي المنطقة أيضا، ما أدى إلى حرمان محافظات هاتاي وكهرمان مرعش وغازي عنتاب من الغاز، كما أكدت شركة خطوط أنابيب البترول التركية بوتاش.
كذلك، أعلنت حكومة إقليم كردستان العراق تعليق صادرات النفط عبر تركيا بعد الزلزال المدمر.
ونفذ نزلاء سجن راجو في شمال غرب سوريا الاثنين عصيانا بعد الزلزال المدمر الذي ضرب المنطقة، حيث تمكن 20 منهم على الأقل من الفرار من المنشأة التي تضم سجناء غالبيتهم أعضاء في تنظيم الدولة الإسلامية، وفق ما أفاد مصدر في السجن لوكالة الصحافة الفرنسية.
ويحتجز السجن التابع للشرطة العسكرية في بلدة راجو قرب الحدود التركية نحو ألفي سجين، قرابة 1300 منهم يشتبه بانتمائهم إلى تنظيم الدولة الإسلامية، بحسب المصدر.
كما يضم السجن أيضا مقاتلين من قوات يقودها أكراد.
وقال المسؤول في سجن راجو الذي تسيطر عليه فصائل موالية لتركيا "بعد أن ضرب الزلزال، تأثر سجن راجو، ومساء الاثنين بدأ عصيان من قبل السجناء الذين سيطروا على أقسام من السجن".
وأضاف "هرب من السجن قرابة 20 شخصا حسب تقديرات السجن الأولية، ويعتقد أنهم من سجناء تنظيم الدولة".
وأشار المصدر إلى أن الزلزال الذي بلغت قوته 7.8 درجة أعقبته العشرات من الهزات الارتدادية في المنطقة، ما تسبب بتصدع جدران السجن وأبوابه.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره بريطانيا إنه لم يستطع التحقق مما إذا كان سجناء قد فروا، لكنه أكد حصول عصيان.
وتأتي حادثة راجو في أعقاب هجوم لتنظيم الدولة الإسلامية في ديسمبر استهدف مجمعا أمنيا في الرقة، عاصمة الخلافة السابقة في سوريا، بهدف تحرير رفاقهم الجهاديين من سجن هناك.
وأدى الهجوم الفاشل إلى مقتل ستة من أفراد القوات التي يقودها الأكراد والتي تسيطر على المنطقة.
وخلال سنوات النزاع في سوريا، التحق الآلاف من المقاتلين الأجانب بصفوف تنظيمات جهادية في سوريا، لاسيما تنظيم الدولة الإسلامية.
وتشهد سوريا نزاعا داميا منذ 2011 تسبّب بمقتل حوالي نصف مليون شخص وألحق دمارا هائلا بالبنى التحتيّة، وأدّى إلى تهجير الملايين من السكّان داخل البلاد وخارجها.