تشكّل منطقة الساحل الأفريقي حالة جغرافية وسياسية مميزة تجمع بين خمس دول تقع داخل إطار سياسي يُعرف بـ "تجمع الساحل الخماسي". يبدو أمرًا مثيرًا للدهشة أن دولتي تشاد والنيجر، التي تقعان على مسافة تفوق آلاف الكيلومترات عن سواحل المحيط الأطلسي، تتبعان ضمن هذا الإطار. بالفعل، تُصنّف الدول الخمس المشمولة بـ "تجمع الساحل الخماسي" بأنها جزء من منطقة الساحل الأفريقي، على الرغم من أنها تبتعد عن السواحل.
تُظهر التحولات الأمنية العالمية الأخيرة اهتمامًا متزايدًا بالساحل الأفريقي كمنطقة محتملة لتنامي التهديدات الإرهابية. تمثّل الاضطرابات التي شهدتها عدد من الدول العربية في عام 2011، مثل ليبيا وتونس والسودان فيما بعد، سياقًا يشجّع على النظر في التحديات الأمنية في هذه المنطقة.
منذ تحرير مدينة الرقة السورية من تنظيم داعش في عام 2017، بدأت التقارير الأمنية تحذّر من انتقال النشاط الإرهابي من الشرق الأوسط إلى الساحل الأفريقي. وقد أثر هذا التحول في زيادة أنشطة المجموعات الإرهابية في المنطقة، مع تنامي نشاطها في دول مثل بوركينا فاسو ومالي وتنفيذها هجمات مدمرة في مناطق الحدود بالنيجر وتشاد.
يزيد هذا الانخراط المتزايد في تغطية أخبار منطقة الساحل الأفريقي من دون توضيح لمفهومها من التسبب في بعض الالتباسات. من الممكن أن يعتقد البعض خطأً أن هذه الدول تقع على السواحل بناءً على الأسماء فحسب، مشابهة للدول المتوسطية التي تطلّ على البحر الأبيض المتوسط.
تعود تسمية "منطقة الساحل" إلى تاريخ قديم، حيث اطلق المسلمون هذا الاسم على تلك الأراضي كتعبير عن "ساحل الصحراء" وليس ساحل المحيط. يرتبط هذا الاصطلاح بتضاريس المنطقة، حيث تشكّل منطقة الساحل نقطة الفصل بين الصحراء الكبرى في الشمال والمناطق الخضراء والسافانا في الجنوب.
تمتد منطقة الساحل عبر نطاق جغرافي واسع، بدءًا من إريتريا على ساحل البحر الأحمر شرقًا، وصولًا إلى موريتانيا المطلّة على المحيط الأطلسي غربًا. لكن إطلالة الساحل على البحر ليست مؤشّرًا أساسيًّا.
تتوجه الأنظار الدولية إلى التحديات الأمنية والاستقرار في منطقة الساحل الأفريقي، مع تعزيز التفاهم حول مفهوم المنطقة وحدودها الجغرافية والسياسية. تبقى تلك الدول المتضررة تحتاج إلى دعم دوليّ جاد لمواجهة التحديات الأمنية وتحقيق التنمية المستدامة في هذه المنطقة الاستراتيجية.