في اكتشاف علمي مثير، تمكن فريق من علماء الأحياء من فك لغز المسافة التي يقطعها النحل بعيدًا عن خلاياه أثناء بحثه عن الرحيق وحبوب اللقاح، باستخدام تقنية مبتكرة تمثلت في وضع علامات "QR code" على مئات النحل. هذه التجربة الثورية أظهرت كيف يمكن تتبع تحركات النحل بدقة لم تكن ممكنة من قبل.
مقالات ذات صلة:
علماء الصين يبتكرون تقنية تتيح الاختفاء: مادة تمويهية ثورية تحاكي الحرباء
علماء جامعة نوفغورود الروسية يبتكرون جهازًا لشحن الطائرات المسيرة أثناء التحليق
علماء سويديون يبتكرون أول كمبيوتر حي مصنوع من أنسجة المخ البشري
تقول مارغريتا لوبيز أوريبي، الأستاذة المساعدة في علم الحشرات بجامعة ولاية بنسلفانيا، ومؤلفة الورقة البحثية التي نشرت في HardwareX، بحسب مجلة نيوزويك: "إذا أخذت نحلة من الخلية ووضعتها على بعد 10 كيلومترات، فإنها تستطيع العودة إلى منزلها، وهو ما يدل على قدرتها على الطيران لمسافات طويلة للغاية".
تقنية مبتكرة لفهم سلوك النحل
اعتمد العلماء في بحثهم على "سلوك النحل المتمايل" أو رقصة النحل الشهيرة التي ترقصها النحلة لتوجيه الآخرين إلى أماكن مصادر الغذاء. من خلال فك رموز هذه الرقصة، تمكّن العلماء من تقدير المسافة التي يقطعها النحل في بحثه عن الطعام. لكن ما جعل هذا البحث مميزًا هو استخدام تقنية رقمية مبتكرة مع AprilTags، وهي رموز QR صغيرة الحجم يمكن لصقها على النحل دون إلحاق الضرر به.
على مدار فترة تمتد من الربيع إلى الصيف، وضع العلماء علامات على أكثر من 32,000 نحلة عبر ست مستعمرات. باستخدام هذه التقنية، تمكنوا من مراقبة تحركات النحل دون الحاجة لمراقبة مباشرة، مما وفر بيانات مستمرة حول نشاط النحل.
المراقبة الذكية والنتائج المذهلة
قالت لوبيز أوريبي: "إن وجود هذه الأجهزة الآلية يسمح لك بوضع علامات على مئات النحل في وقت واحد وإجراء مراقبة مستمرة دون توقف لأسابيع، مما يتيح لك جمع البيانات بطريقة غير ممكنة للبشر". واستخدم الباحثون كاميرات متصلة بجهاز كمبيوتر صغير في كل خلية، لتسجيل تحركات النحل بشكل متواصل على مدار الساعة طوال الأسبوع، مما سمح لهم بتتبع سلوك النحل بشكل أكثر دقة.
التطبيقات المستقبلية للبحث
وأوضحت لوبيز أوريبي أن هذه التكنولوجيا يمكن أن تكون ذات فائدة كبيرة في العديد من المجالات البيولوجية. على سبيل المثال، يمكن استخدامها لتحديد الأماكن الأكثر ملاءمة لبناء خلايا النحل أو حتى لتجنب المناطق الملوثة التي قد تؤثر على حياة النحل.
وأضافت: "من أكثر الجوانب المثيرة في هذا البحث هو التعاون بين المهندسين وعلماء الحشرات. هذا التعاون أسهم في تقديم حلول جديدة لأسئلة بيولوجية كانت معقدة، مما غير الطريقة التي نفكر بها في دراسة سلوك الحيوانات".
هذا البحث يفتح الباب أمام آفاق جديدة لفهم سلوك النحل بشكل أعمق، ويضع الأسس لتطبيقات تقنية يمكن أن تساهم في الحفاظ على هذا المخلوق الحيوي في عالمنا.