كشف تقرير أصدرته منظمة “مجموعة الأزمات الدولية” حول تونس أن حوالي 300 “رجل ظل” يتحكمون في أجهزة الدولة بتونس ويعرقلون الإصلاحات، وأن “بعضهم” يعطل تنفيذ مشاريع تنموية بالمناطق الداخلية ويحرك الاحتجاجات الاجتماعية فيها.
وحذرت المنظمة في تقريرها الصادر بتاريخ يوم 10 ماي 2017 تحت عنوان “الانتقال المعطَّل: فساد وجهوية في تونس” من أن مظاهر “الإثراء من المناصب” السياسية والإدارية و“المحسوبية“ و“السمسرة” أصبحت “تنخر“ الإدارة والطبقة السياسية “العليا” في تونس (الأحزاب، البرلمان..) وأن عموم المواطنين أصبحوا يعتبرون أجهزة الدولة أجهزة “مافيوزية”.
وأكدت المنظمة على ضرورة أن يشمل “التصريح بالمكاسب” أعضاء البرلمان و“ديوان رئاسة الجمهورية“، وعلى أن تودع الأحزاب السياسية تقاريرها المالية لدى دائرة المحاسبات حتى يتمّ “إضعاف شبكات الإثراء من المناصب“.
وجاء في التقرير الذي أعدته المنظمة اعتمادا على أكثر من 200 مقابلة مع فاعلين اقتصاديين وسياسيين ونقابيين وغيرهم، أن مجلس نواب الشعب أصبح “مركز التقاء الشبكات الزبائنية” وأن “عديد” النواب أصبحوا “مختصين في السمسرة وترقية الأعمال“.
ووفقا لذات التقرير، فإن ” الفاعلين الاقتصاديين الذين مولوا الحملة الانتخابية لبعض الأحزاب” السياسية التي وصلت الى الحكم بعد انتخابات 2014 أصبحوا “يؤثّرون مباشرة في تعيين الوزراء وكتاب الدولة وكوادر الإدارة المركزية والجهوية والمحلية بما في ذلك الديوانة وقوات الامن الداخلي“.
مجموعة الأزمات الدولية” منظمة غير حكومية دولية تأسست سنة 1995 وتتمثل مهمتها في منع حدوث وتسوية النزاعات الدموية حول العالم من خلال تحاليل ميدانية وعبر إسداء المشورة للدول والمنظمات الأممية.
وتُعدّ المنظمة من المصادر العالمية الأولى للتحاليل والمشورة التي تقدمها للحكومات، والمنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والبنك الدولي.
ومجموعة الأزمات الدولية” هي منظمة غير حكومية دولية تأسست سنة 1995 وتتمثل مهمتها في منع حدوث وتسوية النزاعات الدموية حول العالم من خلال تحاليل ميدانية وعبر إسداء المشورة للدول والمنظمات الأممية.
وتُعدّ المنظمة من المصادر العالمية الأولى للتحاليل والمشورة التي تقدمها للحكومات، والمنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والبنك الدولي.
ملفات أخلاقية وجبائية
ولفتت المنظمة إلى أن “بعض” ممن يتم تعيينهم في هذه المناصب “مجبرون على الإذعان (للتعليمات) كما كان الحال زمن الدكتاتورية، لتفادي فضح ملفاتهم الأخلاقية والجبائية وفسادهم ، في حين يذعن البعض الآخر خوفا من عزله” من المنصب.
ونبهت الى أن تونس تعيش في ظل “منظومة مافيوزية” وأن الفساد بلغ “مستويات خطيرة” خصوصا في “وزارة الداخلية والديوانة والقضاء“.
وأشارت إلى أن “البحث المستمر عن التوافق، خصوصا في مجلس نواب الشعب، أدى إلى زيادة المفاوضات السرية” و“انتقال النقاش السياسي إلى قنوات غير رسمية” متمثلة في “الشخصيات النافذة بالأحزاب (السياسية) وعائلاتهم والمقربين منهم وأبناء جهاتهم وزملاء دراستهم، وأوساط الاعمال “.
ولاحظت أن “التوافق” القائم بين حركة النهضة الإسلامية وحزب نداء تونس منذ الانتخابات الرئاسية والتشريعية لسنة 2014 “بدأ يصل إلى حدوده” وأنه أدى إلى “تقاسم زبائني لموارد الدولة” بينهما.
وحسب تقريرالمنظمة، فإن “رجال الظل” (رجال الأعمال النافذين) “يحركون خيوط اللعبة في الكواليس للدفاع عن مصالحهم الاقتصادية” و“يؤثرون في الأجندة الإعلامية والسياسية” بالبلاد.
وأشارت المنظمة إلى أنه بإمكان “فاعل اقتصادي لديه سيولة مالية كبيرة” أن “يقوّض حزبا سياسيا” في تونس في إشارة ضمنية على ما يبدو إلى حزب نداء تونس.
وأضافت أن “التأثير المتنامي لرجال الظل في المؤسسات العمومية شلّ جزءا من الإصلاحات فيها“.
استقطاب بين الأثرياء الجدد والقدامى
وحذرت من ارتفاع “الاستقطاب” و“الصراع” في صفوف رجال الأعمال (بعضهم البعض) في الساحل والمركز (العاصمة تونس) من ناحية، وبين أثرياء جدد هم “بارونات الاقتصاد الموازي وخصوصا التهريب” بالمناطق الداخلية، من ناحية أخرى.
وقالت إن المهربين بالمناطق الحدودية مع ليبيا والجزائر راكموا بعد الثورة، ثروات طائلة بمليارات الدولارات وأنهم يريدون اليوم مكانة وحظوة سياسية واقتصادية مثل تلك التي يحظى بها رجال أعمال “النخبة” في الساحل والعاصمة تونس والذين “يعطلون” (وفق المنظمة) إقامة مشاريع تنموية بالمناطق الداخلية حتى لا تؤثر على مشاريعهم ومصالحهم.
وأشارت المنظمة إلى ان “بعض” الأثرياء الجدد بالمناطق الداخلية “ساندوا” الاحتجاجات العنيفة ضد السلطة المركزية في تلك المناطق. كما لفتت الى “تنامي نفوذ رجال الظل في التحركات الاحتجاجية” بالبلاد.
واعتبرت ان حل المشاكل التي يطرحها الفساد في تونس اليوم يتطلب وضع وتطبيق قوانين صارمة لمكافحة الفساد، وإرادة سياسية قوية “ليست متوفرة” حتى اليوم.