نفذ موظفو 174 شركة مؤسسة في القطاع الخاص بولاية صفاقس إضرابا شاملا، الخميس، استجابة لدعوة الاتحاد العام الجهوي للشغل، الذي أصدر منذ مدة برقيات الإضراب بسبب تعطل مفاوضات الزيادة في الأجور وتحسين ظروف العمال.
وأعلن الاتحاد التعبئة العامة من أجل إنجاح الإضراب والضغط على شركات القطاع الخاص للاستجابة لمطالب النقابات بفتح مفاوضات اجتماعية بغاية مساعدة العمال على مجابهة الغلاء وتدهور المقدرة الشرائية.
وقال كاتب عام الاتحاد، المكلف بالقطاع الخاص، "محمد عبّاس"، إن النقابات سعت إلى إقناع أصحاب العمل بفتح مفاوضات تنتهي إلى زيادة في الرواتب، غير أن الشركات لم تستجب لذلك.
وأضاف أن اتفاقا جرى توقيعه مع اتحاد الصناعة والتجارة يقضي بفتح جولة مفاوضات اجتماعية منذ مارس 2020، غير أن الظروف الصحية حالت دون ذلك وأبدت النقابات تفهما كبيرا للظرف الصحي والاقتصادي الذي عبرت به تونس.
وأفاد المسؤول النقابي بأن النقابات العمالية عادت لطلب مفاوضات جديدة منذ بداية العام الحالي، غير أن منظمة الأعمال لم تستجب لذلك وتنصلت من مسؤولية تحسين ظروف العمال المالية والمهنية.
وصفاقس هي ثاني أكبر قطب صناعي وتجاري في تونس ما يجعل الإضراب العمالي فيها مؤثرا على سير العمل والوضع الاقتصادي العام في البلاد.
وإزاء ذلك، عبّر المكتب التنفيذي لاتحاد الصناعة والتجارة عن رفضه إضرابا يشمل أكثر من 170 مؤسسة إنتاج بمحافظة صفاقس، على خلفية المطالبة بزيادة الأجور والتفاوض حول امتيازات مالية إضافية بالاتفاقيات المشتركة.
واعتبرت منظمة رجال الأعمال، في بيان أصدرته الأربعاء، أن "الإضراب يدخل شركاء الإنتاج في دوامة الصراعات الاجتماعية عبر الإضرابات غير المبررة ولا المعقولة والبلاد تعيش أزمة خانقة، إنما يدفع الجميع نحو حافة الانهيار والمزيد من تسريح العمال وغلق المؤسسات والتأثير سلبا على الاستثمار الوطني وعلى استقطاب الاستثمار الأجنبي اللذين تحتاجهما تونس".
وجاءت تطورات الأزمة بالقطاع الخاص التونسي، تزامنا مع عدم صرف الحكومة التونسية رواتب شريحة من الموظفين العموميين عن شهر العمل السابق، رغم مرور أكثر من 10 أيام على استحقاقها، فيما يعزوه خبراء إلى العجز في موازنة الدولة.
ويبدأ الشهر لأغراض احتساب الراتب في تونس يوم 16 من الشهر، وينتهي في 15 من الشهر الذي يليه، ويصرف بعد 3 أيام (18 من كل شهر). وهذا ثالث شهر يتأخر فيه صرف رواتب لموظفين عموميين عن موعدها.
ورغم أن الغضب من الركود الاقتصادي، الذي تفاقم بسبب وباء كورونا، ساعد في دفع دعم واسع النطاق على ما يبدو لإجراءات الرئيس التونسي "قيس سعيد" الاستثنائية في 25 جويلية، والتي تضمنت إقالة الحكومة وتجميد البرلمان، إلا أن الأخير يتعرض الآن لضغوط متزايدة لمعالجة المشاكل الاقتصادية في تونس، بعد أن عرّضت الأزمة السياسية المكاسب الديمقراطية التي فاز بها التونسيون في ثورة 2011 التي أطلقت شرارة احتجاجات الربيع العربي للخطر.
وسددت تونس أكثر من مليار دولار من الديون هذا الصيف من احتياطيات العملات الأجنبية، لكن يتعين عليها أيضا أن تجد حوالي 5 مليارات دولار أخرى لتمويل العجز المتوقع في ميزانيتها وسداد مزيد من القروض الداخلية والخارجية.
وتشير الأرقام الرسمية إلى إن معدلات البطالة بلغت 17.8%، وسط أزمة اقتصادية غير مسبوقة في تونس؛ أدت إلى عجز مالي قياسي تجاوز 11% في 2020.
جدير بالذكر أن الاقتصاد التونسي انكمش بنسبة 8.2% العام الماضي، بينما دفع عجز بنسبة 11.5% الدين العام إلى 87% من الناتج المحلي الإجمالي، وفقًا لصندوق النقد الدولي.