أقدم عدد كبير من أعوان واطارات وزارة الشؤون الثقافية خلال اليومين الأخيرين على عملية تصعيدية احتجاجية باشراف النقابة العامة للثقافة بمقرّ المندوبيات الجهوية للشؤون الثقافية وبمقرّ الوزارة للتنديد بعديد الوضعيات المهنية وللمطالبة بما يعتبره المحتجون "تصحيح المسار في وزارة الثقافة و اعطاء الحقوق لأصحابها " وبعدد من الحقوق المتعلّقة بإصلاح القطاع في جوهره من خلال اقرار التراتيب القانونيّة المنظّمة للقطاع من قوانين اساسيّة و قوانين تخصّ التصرّف المالي للمؤسسات الثقافيّة مع دعوة الى ضرورة تطوير آليات العمل صلب هذه المؤسسات بتهيئة البنية التحتيّة و اللوجستية و وضع سياسة ثقافيّة عبر حوار وطني تشارك فيه خبرات من اعوان و اطارات المؤسسات الثقافيّة لوضع الاصبع على الداء الحقيقي لعزوف الشباب على الانشطة الثقافيّة النمطيّة و محاولة تطوير هذه الانشطة بتجديد أشكالها تماشيا مع متطلّبات العصر ومن المطالب أيضا الترقيات الاستثنائيّة و الادماج و تسوية وضعيات الأعوان المتعاقدين بنظام الحصّة و أعوان الحضائر و الالية 16 هي مطالب ترتيبية اكثر منها ماديّة.
ويشار الى ان النقابة العامة للثقافة سبق ان رفعت جملة من المطالب لوزارة الشؤون الثقافية و بعد ثلاثة اضرابات نفذت خلال الفترة الممتدة بين سنتي 2011 و 2017 وأمام عدم معالجة هذه المطالب قررت النقابة العامة للثقافة وبدعم من اتحاد الشغل حسم الامر بإضراب يومي 15 و 16 نوفمبر الجاري عقبه اعتصام مفتوح داخل مقر وزارة الشؤون الثقافية دفاعا على جملة من الحقوق بشكل سلميّ و حضاريّ.
وأمام هذه الوضعية التي وجدت مساندة من الهيئة المديرة للجامعة الوطنية لجمعيات أحباء المكتبة والكتاب والتي يرأسها المدير العام السابق لادارة المطالعة السيد علي المرزوقي وقبل دخول المحتجين في اضرابهم المذكور عقد وزير الشؤون الثقافية الدكتور محمد زين العابدين.
وإذ تعالت الاصوات الصارخة المتعالية تزامنا مع الاضراب المذكور للمطالبة بضرورة الالتفات الى البنية التحتية واعادة تهيئة المكتبات وضرورة تأثيثها وتجهيز دور الثقافة بالمعدات اللازمة حتى تكون مواكبة للعصر فإن عدد كبير من العاقلين من آل القطاع والمبدعين حمّل المسؤولية الى حكومة الوحدة الوطنية بكل تمثلياتها وخاصة على مستوى مجلس نواب الشعب للمطالبة بالترفيع في ميزانية وزارة االشؤون الثقافية والتي تجاوزت قبل الثورة الـ1./. لتتدنى اليوم رغم الطلبات الكثيرة والخاصة بسياسة دعم السينما و المسرح و الفنون التشكيلية و الكتاب و التنشيط الثقافي بل ان هذه الاصوات أضحت تحمّل المسؤولية للمبدعين ذاتهم وتطالبهم بتنظيم وقفة احتجاج امام مجلس نواب الشعب لمطالبة المجلس بالترفيع في ميزانية وزارة الشؤون الثقافية بما يمكّن فعليا من مواجهة التحديات ومنها الارهاب وخاصة بالمناطق الداخلية ذات الخصوصية الحدودية.
ويشار الى أنه تزامنا مع اضراب قطاع الثقافة وفي اطار اعداد مشروع ميزانية الدولة لسنة 2018 عقدت لجنة الشباب والشؤون الثقافية والتربية والبحث العلمي جلسة بعد ظهر اليوم الأربعاء 15 نوفمبر الجاري للاستماع الى وزير الشؤون الثقافية حول مشروع ميزانية الوزارة لسنة 2018 وأكّد الوزير بالمناسبة وجود رؤية لإصلاح الشأن الثقافي والرقي بدور الثقافة ودعمها وذلك في اطار الاهتمام بواقع الثقافة ولاسيما في الجهات كما أشار إلى محدودية الميزانية في ظلّ وجود عديد الإشكاليات التي تعيشها عديد المؤسسات الثقافية مشيرا الى أن الوزارة عازمة ومصرّة على تطوير الشأن الثقافي في بلادنا رغم كل العراقيل الموجودة ولاحظ كذلك أن دعم المشاريع الثقافية يتم في كنف احترام الأخلاقيات الثقافية ومبادئ التسيير الشفّاف مؤكّدا حرص الوزارة على ضمان حسن تسيير مختلف المؤسسات الثقافية والهياكل العمومية الراجعة لها بالنظر.
ومن جهتهم أشار بعض أعضاء اللجنة في تدخّلاتهم إلى أن الشأن الثقافي يحظى بأهمية بالغة باعتبار دوره في مجابهة ومقاومة عديد الظواهر الإجرامية وخاصة آفة الإرهاب وأشاروا في نفس الإطار إلى الصعوبات والنقائص التي تعاني منها أغلب دور الثقافة داعين الى ايلاء مزيد من الاهمية والعناية بهذه الفضاءات بالنظر الى دورها الهام ،كما طالب بعض أعضاء اللجنة بتكريس مزيد من الشفافية في دعم الجمعيات الثقافية من طرف الوزارة وبضرورة تفعيل الاتفاقيات التي أبرمتها مع بقية الوزارات المعنية بالنشاط الثقافي على غرار وزارة التربية.
ونشير من جهة أخرى الى أن تتويج فيلم "في الظلّ" للمخرجة ندى المازني حفيظ في أيام قرطاج السينمائية المنتظمة في الفترة الفاصلة بين4 و11 نوفمبر الجاري أثار في الأيام القليلة الماضية ضجة بسبب حصوله على مبلغ 600 ألف دينار اعتبرها المحتجون دعما من وزارة الشؤون الثقافية لهذا الفيلم الوثائقي الخاص الذي يطرح موضوع المثلية الجنسية ويصوّر العلاقة الجنسية كاملة بين المثليين بكل تفاصيلها وذلك بمشاركة "نادية فيمن" والحال ان المؤسسات الثقافية حسب المحتجين أولى بهذا الدعم المالي.
وعلى إثر الجدل الذي شهدته الساحة الثقافية إثر تتويج الفيلم سالف الذكر نفت وزارة الشؤون الثقافية هذا الشأن حيث أكدت سيماء المزوغي مستشارة وزير الشؤون الثقافية ومديرة مكتب الإعلام والاتصال ان الوزارة لا تتدخل في محتوى ما يقدّم من أعمال فنية في التظاهرات الثقافية التونسية الدولية بما في ذلك تظاهرة أيام قرطاج السينمائية موضحة أن أمر إدارة هذه التظاهرات يوكل لهيئات من أهل الاختصاص تشترط الاستقلالية لإدارة أعمالها انطلاقا من مبدأ السياسة التشاركية وتفعيل دور الكفاءات والمجتمع المدني في الفعل الثقافي الوطني والجهوي وأفادت المزوغي في تصريح اعلامي أن فيلم "في الظل" لندى المازني حفيظ لم يتحصّل على دعم من وزارة الشؤون الثقافية وقد نفّذ هذا العمل بتمويل ذاتي وليس للوزارة علاقة بمصادر تمويله.