اتحاد الشغل متمسك بتعديل وزاري شامل ونداء تونس يدافع عن رئيس الحكومة.
تونس - تعكس تصريحات الأطراف السياسية التونسية تضاربا بشأن موقفها حول مصير يوسف الشاهد وحكومته. وتعتزم لجنة الخبراء الفنية المنبثقة عن الأحزاب والمنظمات الموقعة على وثيقة أولويات الحكومة التونسية التوقيع خلال الاجتماع الذي سيعقد الثلاثاء في القصر الرئاسي على وثيقة قرطاج 2.
ويأتي الاجتماع المرتقب عقب تقديم كل المنظمات والأحزاب احترازاتها على المسودة الأولى التي تضمّنت العديد من النقاط الخلافية خصوصا في الملفين السياسي والاقتصادي.
وتشير كواليس المفاوضات إلى أن التوقيع على الوثيقة قد يتأجّل مرة أخرى بسبب رفع الاتحاد العام التونسي للشغل “الفيتو” أمام بعض الإجراءات المضّمنة بالوثيقة والمتعلقة أساسا بالإصلاحات الكبرى التي ستقدم عليها الحكومة الجديدة.
ويصر اتحاد الشغل على إجراء تعديل وزاري كلي يشمل كافة أعضاء الحكومة بمن فيهم رئيسها يوسف الشاهد، مهددا بإمكانية الانسحاب من وثيقة قرطاج إن لم تلتزم الأطراف المشاركة في المفاوضات بتضمين مقترحاته ضمن الوثيقة المرجعية للحكومة أو في حال الإبقاء على يوسف الشاهد كقائد للحكومة الجديدة المرتقبة.
وقال عبدالكريم جراد الأمين العام المساعد بالمنظمة النقابية إن اتحاد الشغل مازال يتمسّك بمواقفه المعلنة منذ أشهر بشأن ضرورة تغيير الفريق الحكومي الذي فشل فشلا ذريعا في كل الملفات وخاصة في المجالين الاقتصادي والاجتماعي.
وأكّد جراد أن تشبّث المنظمة النقابية بوجوب إجراء تعديل وزاري عميق أو شامل لا يندرج أبدا في إطار تصفية حسابات ضيّقة مع يوسف الشاهد بل مردّه النتائج الهزيلة التي قدّمتها حكومته طيلة سنتين.
وشدّد على أن كل المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية تدلّ على أن الحكومة الحالية لم تقدّم أي شيء يذكر قد يجعل أحدا من الأطراف المشاركة في وثيقة قرطاج يكون حليفا لها أو مدافعا عنها.
وأوضح جراد أن اتحاد الشغل لا يبني أبدا توجهاته أو خياراته على منطق التشفي أو الانتقام بل يتفاعل مع كل التطورات التي تجدّ على الساحة الوطنية بهاجس الدفاع عن مصلحة الشعب والبلاد لا أكثر ولا أقل.
وأضاف “نحن في المنظمة الشغيلة ليس لنا أي خصم في حكومة الشاهد لكننا نتعامل مع الأشياء بواقعية وعلاقتنا ستتواصل مع الجميع وستكون مبنية على الاحترام”.
أما بخصوص الأسماء التي قد يتم طرحها بصفة رسمية لخلافة الشاهد، فقال عبدالكريم جراد “الاتحاد غير معني بالأسماء وما يهمه أن يتم تكليف الشخص المناسب والملتزم بتطبيق كل الاتفاقات المضمنة بوثيقة قرطاج 2”.
وأكّد أن المنظمة النقابية ستدفع لتشكيل حكومة مصغّرة لا هدف لها سوى تأمين البلاد وتطبيق الأولويات الملحة إلى حدود عام 2019.
كما بيّن أن المنظمة الشغيلة ستنتظر ما ستؤول إليه المفاوضات وما سيعلن عنه الرئيس الباجي قائد السبسي من اقتراحات بخصوص شكل الحكومة المرتقبة أو رئيسها ومن ثمة سيعقد مكتبها التنفيذي اجتماعا يتم فيه بلورة موقف رسمي.
ودعّم جراد موقف بوعلي المباركي القيادي باتحاد الشغل الذي هدّد الأحد بالانسحاب من وثيقة قرطاج في صورة ما لم يتم الأخذ بمقترحاته بشأن التعديل الحكومي المرتقب، وفي مقدمتها رحيل رئيس الحكومة يوسف الشاهد.
أما بشأن تحفظات المنظمة النقابية بخصوص وثيقة قرطاج 2، فقال عبدالكريم جراد إن العديد من النقاط الخلافية المضمنة بالوثيقة المرجعية لم يتم فيها الأخذ بعين الاعتبار مقترحات اتحاد الشغل، كإلزام الحكومة المرتقبة بتنفيذ كل الاتفاقات المبرمة بين الطرف الحكومي والنقابي.
كما أكد أن الاتحاد يرفع “فيتو” أيضا أمام نقاط أخرى تتعلّق أساسا بالمفاوضات الاجتماعية التي تجمع منظمة العمال بمنظمة أرباب العمل.
وبدورها، تتمسّك منظمة أرباب العمل بضرورة تشكيل حكومة كفاءات مصغّرة.
وأسرّت مصادر مطلعة بأن منظمة أرباب العمل مازالت لم تغفر بعد ليوسف الشاهد الإجراءات الجبائية التي تم اتخاذها في قانون الموازنة العامة للبلاد للعام الجاري ضدّ رجال الأعمال والمؤسسات الاقتصادية.
ورغم دعوة رئيس المنظمة سمير ماجول إلى ضرورة إجراء تعديل وزاري عميق، إلا أن مصادر مطلعة كشفت لـ”العرب” أن اختلافات تشق منظمة أرباب العمل بشأن مصير الشاهد حيث تتمسّك بعض القيادات وخاصة منها المتحزبة والمنتمية لنداء تونس بضرورة منح الثقة مرة أخرى للشاهد.
وعرفت مفاوضات قصر قرطاج وخصوصا في علاقة بمستقبل يوسف الشاهد العديد من التقلبات والتطورات، فبعد أن تم الاتفاق في اجتماع جانبي بين الرئيس الباجي قائد السبسي ونورالدين الطبوبي وراشد الغنوشي وحافظ قائد السبسي على أن حكومة الشاهد باتت حكومة تصريف أعمال، تغيّرت المعادلة والتصورات مما جعل اتحاد الشغل يعبر عن غضبه ويصعّد خطابه من جديد.
ويعتبر مراقبون أن تأجيل الحسم في مستقبل الحكومة الحالية نابع بالأساس من موقف الباجي قائد السبسي الذي وضع كل المنظمات والأحزاب المشاركة في المفاوضات أمام خيارين لا ثاني لهما؛ إما قبول ما سيقترحه من أسماء وإما الإبقاء على الشاهد.
وتعقّد المشهد أيضا بعد أن ظهر حزب نداء تونس بمواقف متذبذبة وغير واضحة بخصوص مستقبل يوسف الشاهد.
ورغم تقديم المدير التنفيذي للحزب حافظ قائد السبسي أسماء شخصيات يمكنها قيادة المرحلة القادمة كوزيرة السياحة سلمى اللومي، فإن قيادات حزبية أخرى مازالت تدافع عن الشاهد ليكون رئيسا للحكومة المرتقبة باعتباره ابن الحزب الحاكم.