شخصيات مستقلة وقيادات سياسية تحمّل الأحزاب مسؤولية الأزمة الاقتصادية.
تونس - قالت مصادر مقربة من ماراثون المشاورات الحكومية في تونس إن رئيس الحكومة المكلف هشام المشيشي بات أقرب إلى تشكيل حكومة دون أحزاب، أي حكومة مستقلين، وذلك في ضوء ما لمسه من رغبة واسعة لدى من تشاور معهم من كفاءات وخبرات بضرورة القطع مع نظام الحكومات السياسية.
وبعد لقاءاته مع ممثلي المنظمات الكبرى الممثلة للعمال والمزارعين ورجال الأعمال، ثم لقاءاته بالأحزاب، خصص المشيشي جولة جديدة من اللقاءات لمعرفة آراء عدد من الخبراء الاقتصاديين والماليين وشخصيات ثقافية وإعلامية.
ويسود اعتقاد أن الأزمة الخانقة التي تعيشها تونس منذ 2011 سببها الصراع السياسي بين الأحزاب سواء تلك التي حكمت أو التي ظلت في المعارضة، وأن تضخيم المطالب السياسية وتوسع دائرة الخلافات ساهما في تعطيل الخطط التي يفترض أن تنفذها الحكومات المتعاقبة للخروج بالبلاد من أزمتها الاقتصادية.
وبسبب الصراع السياسي، غادر البلاد المئات من رجال الأعمال الأجانب والمحليين وفضلوا البحث عن أماكن أكثر أمانا. كما أن المناخ الاجتماعي ازداد سوءا بسبب غياب الدولة شبه الكامل ما أدى إلى توقف الإنتاج في قطاعات حيوية مثل الفوسفات والنفط، في وقت عملت فيه الأحزاب والحكومات السياسية على مجاملة المحتجين وبحثت لهم عن أعذار.
وصار تحييد الأحزاب، وخاصة التي تتحمل مسؤولية الأزمة منذ 2011 مثل حركة النهضة الإسلامية، مطلبا مشتركا لدى أغلب السياسيين وممثلي الأحزاب في سياق مقاربتهم للخروج من الأزمة التي تعيشها تونس.
ودعا حسونة الناصفي رئيس كتلة الإصلاح في البرلمان في تصريح لـ”العرب” إلى “ضرورة ضمان الاستقرار الحكومي بتكوين حكومة كفاءات وطنية غير متحزبة تستثني مشاركة النهضة التي تعتمد على سياسة الترهيب في كل مرة تعيش فيها مخاضا سياسيا عسيرا”.
وباتت الأحزاب في مرمى الاتهامات الشعبية والرسمية، خاصة من الرئيس قيس سعيد، في وقت ارتفع فيه منسوب الاحتقان السياسي بين الفرقاء داخل البرلمان إلى مستوى قياسي قبل عيد الأضحى في معركة سحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي.
وكان رئيس الوزراء التونسي المكلف قال، الأربعاء، إن برنامج حكومته أهم من تركيبتها، معربا عن أمله أن تكون حكومة إنجاز اقتصادي واجتماعي.
وأضاف “برنامج الحكومة أهم من التركيبة، وأساسه إيقاف النزيف على مستوى المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية”.
وعاشت تونس مؤخرا أزمة سياسية حادة، جراء تصاعد الخلافات بين الفرقاء السياسيين، حتى داخل الائتلاف الحاكم، إضافة إلى شبهات تضارب مصالح أجبرت رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ، على الاستقالة.
وتابع المشيشي “الاختلافات السياسية ما زالت موجودة، وقد تُفسّر بطبيعة النظام السياسي الذي اخترناه، والتشتت الموجود على مستوى المشهد ككل”، مضيفا “في ظل هذه الاختلافات نحاول إيجاد التوليفة التي نأمل أن تكون وعاء لمختلف الأطروحات الإيجابية التي تمت مناقشتها”.