الواقع الجديد يطرح مدى استعداد وزارة التربية لتوفير شروط الوقاية الصحية من عدوى الفايروس.
تزداد مخاوف التونسيين من إمكانية تأجيل موعد العودة المدرسية مجددا، في ظل انتشار فايروس كورونا المستجد في موجته الثانية، وهو ما يطرح بجدية مدى استعداد الأطراف المتداخلة في العملية التربوية لتأمين العودة في أفضل الظروف، علاوة على أهمية توفير سلامة المربين والتلاميذ قبل ضربة البداية.
تونس - فرض تفشي وباء كورونا وضعا صحيا واجتماعيا صعبا في تونس، ما جعل مراقبين يرجحون سيناريو تأجيل العودة المدرسية في آجالها المحددة نظرا لتداعياته الوخيمة على عناصر العملية التربوية رغم إعلان وزارة التربية عن العودة المدرسية في موعدها العادي.
ويطرح الواقع الجديد مدى استعداد السلطات وعلى رأسها وزارة التربية لتوفير شروط الوقاية الصحية من عدوى الفايروس، بالإضافة إلى غياب استراتيجية واضحة للتعامل مع الأزمة في ظل مشهد سياسي مضطرب.
واستبعد لسعد اليعقوبي، الكاتب العام لجامعة التعليم الثانوي بالاتحاد العام التونسي للشغل، أن تكون العودة المدرسية يوم 15 سبتمبر بشكل نهائي إلا إذا توفرت شروط السلامة للمدرسين والتلاميذ.
وقال اليعقوبي إن “العودة المدرسية في 15 سبتمبر في ظل تصاعد انتشار وباء كورونا في البلاد ودون توفير شروط السلامة اللازمة بالمؤسسات التربوية هي عملية انتحارية”.
وتطرح إمكانية العودة المدرسية في آجالها السنوية العادية جدلا واسعا بخصوص مدى استعداد الكوادر التربوية والأكاديمية لاستئناف النشاط بعد راحة مطولة، فضلا عن تفشي وباء كورونا مرة أخرى وارتفاع عدد الإصابات، ما يهدد سلامة المدرسين والتلاميذ.
ويبلغ عدد التلاميذ في تونس أكثر من 2 مليون موزعين على أكثر من 6 آلاف مؤسسة تربوية، بالإضافة إلى أكثر من 155 ألف مدرس.
وأكد اليعقوبي أن “القرار الحكومي بعد الموجة الأولى من تفشي الوباء أصبح التعايش مع الفايروس مع توفير السلامة اللازمة”، معتبرا أن العودة المدرسية مشروطة بتوفير هذا الإجراء.
وتساءل عن مدى استعداد وزارة التربية لتوفير شروط الوقاية اللازمة في ظل الازدحام والاكتظاظ الموجود بقاعات الدرس والمؤسسات التربوية.
ولم يخف اليعقوبي الشعور بالخوف من تداعيات قرار العودة، قائلا “العودة صعبة وصعبة جدا في ظل غياب استراتيجية واضحة وبروتوكول صحي”.
ويستبعد مراقبون تطبيق بروتوكول صحي واحترام إجراء التباعد الجسدي في ظل البنية التحتية الحالية للمؤسسات التعليمية والنقص الفادح في عدد المدرسين والفصول المكتظة في العديد من المؤسسات التربوية.
وفضّل خالد عبيد، المحلل السياسي التونسي، “ضرورة التريّث أكثر وإمعان النظر جيدا في مسألة العودة إلى المدارس باعتبار أن الوضع السياسي الذي تعيشه البلاد صعب، وانعكاساته في مستوى القرارات التي يمكن اتخاذها وتنفيذها على أرض الواقع لا تسمح بأن يكون هذا (العودة المدرسية) ممكنا”.
ودعا عبيد التونسيين إلى ضرورة الوعي بمدى خطورة المسألة التي تهدد فعليا سلامة أبنائهم وبناتهم.
وتابع “العودة إلى مقاعد الدراسة مخاطرة، بل هي مجازفة تشبه نفس القرار الذي تم اتخاذه والقاضي بفتح الحدود التونسية أواخر يونيو الماضي”.
وأردف “المسألة تتعلق بتلاميذ وطلاب وكل الكادر التربوي، ولا يمكن أن تمنع التقارب بينهم خلال فترات الدرس، وبالتالي من الضروري التريث أكثر وربما تأجيل موعد العودة المدرسية”.
وتحذر الكوادر الطبية والصحية من سرعة انتشار فايروس كورونا في تونس، بعد ارتفاع حالات الإصابات في مختلف جهات البلاد وخصوصا في الجنوب التونسي خاصة في ولاية قابس وفي وسط البلاد خاصة في ولاية القيروان.
وأكد سمير لحول، مدير الصحة الوقائية بالإدارة المحلية للصحة بالمهدية الواقعة بوسط تونس، أن “الوضع الوبائي تطور بعد تسجيل ارتفاع في عدد الإصابات” واعتبر أن “الموجة الثانية ستكون قوية”.
وأضاف لحول “نواجه مشكلة في قواعد احترام إجراءات الوقاية من الوباء خاصة الالتزام بوضع الكمامات والحفاظ على التباعد الجسدي بين المواطنين”.
وتابع “إذا تم احترام البروتكول الصحي لكبح سرعة انتشار الفايروس ربما تكون العودة إلى مقاعد الدراسة جائزة، وإذا لم يتم التقيّد بالتوصيات سنواجه وضعا صحيا صعبا”.
وأعلنت وزارة الصحة في بيان أصدرته الاثنين تسجيل 75 إصابة جديدة بفايروس كورونا، من بينها 66 حالة محلية و9 حالات وافدة، بالإضافة إلى 21 تحليلا إيجابيا لحالات سابقة لا تزال حاملة للفايروس دون تسجيل وفيات جديدة.
وتم منذ فتحت تونس حدودها في أواخر جوان الماضي، تسجيل 1692 إصابة مؤكدة بفايروس كورونا منها 493 حالة وافدة و1198 حالة محلية.
وكانت تونس قد فتحت حدودها أمام حركة المسافرين بعد إغلاق دام أكثر من 3 أشهر ضمن تدابير مكافحة فايروس كورونا.
وقررت الحكومة فتح الحدود البرية والجوية والبحرية للبلاد انطلاقا من 27 جوان الماضي، عقب إعلانها السيطرة على انتشار كورونا.
وأثار قرار فتح الحدود ردود أفعال متباينة بين الداعي إلى ضرورة استئناف النشاط والمحذّر من موجة ثانية ستخلف عواقب وخيمة على الاقتصاد والمجتمع.
خالد هدوي
صحافي تونسي