بات تطبيق "Bolt" أحد أبرز المواضيع التي تشغل الشارع التونسي، خاصة بعد أن لاحظ المواطنون دخول عدد متزايد من سائقي التاكسي إلى عالم التطبيقات الذكية، والتخلي عن التعريفة الرسمية التي تنظمها الدولة. فهل يشكل هذا التحول بداية النهاية للقطاع التقليدي، أم أنه مجرد خطوة لتطوير وسائل النقل في تونس؟
مقالات ذات صلة:
اعتداء عنيف في قلب المرسى: سائق تاكسي يهاجم تلميذتين قاصرتين! ماذا حدث خلف الكواليس؟
سواق التاكسي الفردي بالقصرين ينفذون وقفة احتجاجية اعتراضًا على "أمر 581"
سائقي التاكسي الفردي يطالبون بالزيادة في التعريفة لتغطية المصاريف
منذ إطلاق تطبيق "Bolt" في تونس، أصبح يعتمد عليه العديد من المواطنين كبديل سريع ومريح للوصول إلى وجهاتهم، خاصة مع الخدمات المريحة التي يقدمها، مثل تحديد الموقع بدقة، التسعيرة الشفافة، ومعدل وصول السيارات السريع. لكن في المقابل، أصبح التاكسي التقليدي، الذي يعتمد على التعريفة الثابتة، يواجه تحديات غير مسبوقة.
التحديات التي يواجهها القطاع التقليدي
وزير النقل، رشيد عامري، أكد في تصريحاته أن وزارته بصدد دراسة الملف بعناية، بما في ذلك مسألة التسعيرة التي يقدمها تطبيق "Bolt". وقد أشار إلى أن هناك محاولات لوضع قانون ينظم عمل هذه التطبيقات، ويتعامل مع المشكلات الناجمة عن التوسع الكبير في استخدامها، مثل غياب الرقابة على التسعيرات وانخراط سائقي التاكسي في التطبيق، مما يخلق اضطرابًا في السوق.
من جانب آخر، يشتكي عدد من سائقي التاكسي التقليدي من أن تطبيق "Bolt" قد خلق نوعًا من المنافسة غير المتكافئة، حيث أن بعض السائقين، الذين كانوا يعملون وفقًا للتعريفة الرسمية، أصبحوا يفضلون الانضمام إلى التطبيق بسبب الأرباح المتزايدة التي يوفرها. وهو ما أدي إلى خروج عدد كبير من سائقي التاكسي عن نطاق التسعيرة المحددة، مما أثار قلقًا في صفوف المسؤولين والمواطنين على حد سواء.
أزمة الثقة والتسعير العادل
ويقول الخبراء إن النقطة الأكثر إشكالية هي التسعيرة، حيث لا يوجد معيار ثابت ينظم أسعار الرحلات في تطبيقات النقل الذكي مثل "Bolt". بينما تسعى وزارة النقل إلى إيجاد حل يوازن بين المنافسة المستجدة وبين الحفاظ على العدالة والشفافية في الأسعار، يبقى التساؤل المطروح: هل ستتمكن الحكومة من فرض قيود صارمة على هذه التطبيقات، أم أن السوق سيتجه نحو مزيد من الفوضى؟
المواطنون، من جهتهم، يجدون في "Bolt" وسيلة أفضل للوصول إلى وجهاتهم، ويستفيدون من الأسعار المتقلبة التي قد تكون أقل من تلك التي يفرضها التاكسي التقليدي في بعض الأحيان. لكن، مع دخول هذه التطبيقات بشكل موسع إلى السوق، يتساءل البعض عن تأثير ذلك على جودة الخدمات وقدرة القطاع التقليدي على البقاء.
البحث عن توازن مستدام
النقاش الدائر الآن بين وزارة النقل، سائقي التاكسي، والشركات الناشئة مثل "Bolt" يتطلب إيجاد حلول مبتكرة تحمي حقوق جميع الأطراف. من الضروري أن يتم تنظيم عمل هذه التطبيقات ضمن إطار قانوني واضح يحدد الأسعار وينظم المنافسة بين مختلف أنواع وسائل النقل.
يبقى أن التحدي الأكبر في هذه القضية هو ضمان استدامة القطاع التقليدي في ظل المنافسة المتزايدة، دون المساس بجودة الخدمات أو الأمان. وكلما تم التوصل إلى حلول قانونية عادلة، سيبقى قطاع النقل في تونس قادرًا على تقديم خيارات متعددة للمواطنين، ويضمن في نفس الوقت الحفاظ على مصلحة جميع الأطراف المعنية.