اختر لغتك

إيطاليا، والأبويّة الجديدة على الضفة الجنوبية

إيطاليا، والأبويّة الجديدة على الضفة الجنوبية.

إيطاليا، والأبويّة الجديدة على الضفة الجنوبية

لماذا يهاجر العرب والأفارقة نحو الشمال، نحو أوروبا تحديدا؟ سؤال من الأهميّة بمكان في المنظور الجمعي والفردي يُتداول كثيرا في المحاورات المجتمعيّة كما في الدراسات الأكاديميّة، ولكن ثمّة ضيرٌ يرافق هذا الموضوع الهام والوجيع آن الوقت، ذلك أن موضوع الهجرة الخارجيّة نحو فضاءات أخرى جاذبة كثيرا ما يُتناول من نواحٍ عدّة غير تلك التي يجب أن  تكتب بالبنط العريض  وتوجّب لها حلا جذريّا غير تلك الحلول الترقيعيّة التي تخدم أطرافا دون سواها.

تنعقد هذه الأيام بإيطاليا وبالضبط بروما أشغال ندوة جواريّة حول الهجرة غير النظاميّة من الجنوب نحو الشمال برعاية رئيسة الوزراء الإيطاليّة جورجيا ميلوني  وبحضور تمثيلي كبير مع غياب كل من إسبانيا وفرنسا اللتان تعتبرهما إيطاليا شريكتان في القضيّة  بحكم استقبالهما لأعداد كبيرة من وفود المهاجرين خاصة اسبانيا.

لكن ما الذي تريده أوروبا وإيطاليا خاصة بمناسبة فتح هذا الموضوع الذي يعتبر من أهم القضايا التي تشغل العلاقات بين دول الضفتين؟ ربما كان لاحتضان إيطاليا لهذه الندوة دلالات ورمزيات واضحة كونها من أقرب الدول الأوروبية لافريقيا بعد اسبانيا وكذلك لكونها رفقة اسبانيا أكبر المستقبلين لحشود المهاجرية غير النظاميين وكذلك لارتباط هذه الحركة بالضغوطات الممارسة من كثير من الدول الأوروبيّة التي لا تريد تدفق المزيد من المهاجرين نحو أراضيها وتسللهم عبر الحدود بمساعدة الإيطاليين أنفسهم حسب اعتقادات الدول المتاخمة وحتى البعيدة منها.

التعبئة الميلونيّة وإشراك كل الدول التي لها علاقة بالموضوع يُنظر إليه بأنه  إخطار إيطالي لهؤلاء الغير بضرورة تحمّل مسؤولياتهم تجاه القضيّة وبأنه ضغط كذلك من هذه الدولة الأوروبيّة نحو دول شمال إفريقيا لمساعدتها على توقيف هذا المد المتنامي حتى وإن اقتضى الأمر تقديم مساعدات ماديّة ولوجيستيّة لتلك الدول.

أوروبا الغربية والجنوبيّة أضحت اليوم أمام مأزقين كبيرين الهجرة غير النظاميّة من الجنوب ومشكلة النازحين واللاجئين الفارين من جحيم الحرب في أوكرانيا، والأمر قد يزداد سوءاً في حال ما إذا توسعت رقعة الحرب خارج حدود أوكرانيا وهو أمرٌ محتملٌ.

لكن فيما يبدو أن اللعنات عندما تحلُّ ضيفة أو ماكثة بالغرب فمن يدفع الفاتورة حتما سيكون واحدا أو أكثر من دول الجنوب بالتوصيف الكلاسيكي، هذه الدول التي ما فتئت تدفع ولا تزال وستبقى –في حال استمر الوضع هكذا- ما لم تغيّر في طبيعة علاقاتها مع الغرب الإستعلائي، ولكن الأمر لن يكون سهلا كون أن مسألة التغيير تبقى مرتبطة بعوامل أخرى معقدة ومتشابكة منها القانونيّة والاقتصاديّة والنفسيّة والتاريخيّة وغيرها وهي عوامل يبقى للزمن سلطانه في حسمها وتغييرها بما يخدم مصالح تلك الدول الواهنة.

عزيز فيرم، كاتب سياسي وروائي جزائري

آخر الأخبار

اختطاف مراسل قناة تونسنا على متن أسطول الصمود… سلامته مهددة!

اختطاف مراسل قناة تونسنا على متن أسطول الصمود… سلامته مهددة!

تونس: في المعرض الشخصي للفنان التشكيلي سامي بن عامر: روح الانسان في الارض من خلال لوحة وزخرفة ولون

تونس: في المعرض الشخصي للفنان التشكيلي سامي بن عامر: روح الانسان في الارض من خلال لوحة وزخرفة ولون

لمنتخب التونسي بين طموحات المونديال وتعزيز الصفوف: رهانات المرحلة القادمة:  الطريق إلى مونديال 2026: تحديات وآمال

المنتخب التونسي بين طموحات المونديال وتعزيز الصفوف: رهانات المرحلة القادمة:  الطريق إلى مونديال 2026: تحديات وآمال

الإعلام في خدمة الطفولة: إتحاد إذاعات الدول العربية يدعم جمعية SOS تونس: مبادرة ذات بعد إنساني

الإعلام في خدمة الطفولة: إتحاد إذاعات الدول العربية يدعم جمعية SOS تونس: مبادرة ذات بعد إنساني

تونس: الفريق القانوني لإسناد أسطول الصمود يؤكد سلامة المشاركين ويكشف تفاصيل الوثائق التي عرضها الاحتلال

تونس: الفريق القانوني لإسناد أسطول الصمود يؤكد سلامة المشاركين ويكشف تفاصيل الوثائق التي عرضها الاحتلال

Please publish modules in offcanvas position.