احتضن مقر إقامة سفير إيران بتونس اليوم ندوة صحفية لوزير الشؤون الخارجية الإيراني، الدكتور سيد عباس عراقجي، وذلك في سياق إقليمي ودولي بالغ الدقة.
وقد مثّل هذا اللقاء فرصة لإبراز توجهات جديدة في السياسة الخارجية الإيرانية تجاه المنطقة المغاربية، وتأكيد الأهمية التي توليها طهران لتونس باعتبارها فضاءً استراتيجياً يجمع بين العالم العربي وإفريقيا وأوروبا.
انفتاح إيراني على الفضاء المغاربي:
أكدت مداخلة الوزير رغبة إيران في توسيع حضورها الدبلوماسي بشمال إفريقيا، وذلك عبر آليات "الدبلوماسية الناعمة" القائمة على الحوار المباشر مع النخب والرأي العام، والانفتاح الإعلامي كوسيلة لتبديد المخاوف وبناء جسور الثقة.
آفاق التعاون التونسي – الإيراني:
شدد عراقجي على أنّ تونس تمثل شريكاً واعداً لإيران في مجالات متعددة، معلناً الاتفاق على عقد اجتماع اللجنة الاقتصادية المشتركة بين البلدين في أقرب الآجال.
وأبرز أن المرحلة المقبلة ستشهد دفعاً جديداً للتعاون الاقتصادي وتعزيز المبادلات التجارية والاستثمارية، إلى جانب تطوير السياحة الثقافية باعتبارها جسراً إضافياً للتقارب بين الشعبين.
رسائل دبلوماسية موجهة للخارج:
لم تقتصر تصريحات الوزير الإيراني على البعد الثنائي، بل حملت أبعاداً إقليمية واضحة، حيث أدان بشدة الاعتداء الإسرائيلي الأخير على قطر، معتبراً إياه "انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وتصعيداً يهدد استقرار المنطقة".
كما أكد أن إيران وتونس تتقاسمان مواقف متطابقة إزاء القضايا الإقليمية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والإبادة الجماعية المرتكبة في غزة.
ودعا الوزير إلى تضافر الجهود بين الدول الإسلامية لاتخاذ خطوات عملية من أجل وقف الجرائم الإسرائيلية، والتصدي لمساعي الاحتلال الرامية إلى تهجير السكان في غزة والضفة الغربية، مؤكداً دعم بلاده لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة.
الإعلام كوسيلة إستراتيجية:
اختيار طهران لصيغة الندوة الصحفية يعكس وعياً متزايداً بأهمية الإعلام كأداة استراتيجية لتشكيل الرأي العام وتقديم صورة إيران كفاعل منفتح ومسؤول.
وقد منح هذا اللقاء تونس موقعاً محورياً كمنصة حوار تجمع ضفتي المتوسط بالشرق الأوسط.
تُمثّل زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى تونس محطة دبلوماسية ذات دلالات استراتيجية، تُبرز توجهاً مشتركاً نحو توسيع مجالات التعاون الثنائي وتعميق التشاور بشأن القضايا الإقليمية والدولية الراهنة. كما تمنح تونس فرصة لتكريس موقعها كفاعل محايد ومسؤول، قادر على الموازنة بين مختلف الشركاء الإقليميين والدوليين، وتعزيز دورها كمنصة للحوار وبناء جسور الثقة في محيط يشهد تحولات متسارعة وتحديات متشابكة. ومن شأن هذا التمشي أن يدعم المصالح الوطنية ويُرسّخ صورة تونس كطرف دبلوماسي منفتح وموثوق على الساحة الدولية.
نادرة الفرشيشي