في قلب العاصمة التونسية، لم يعد الموت نهاية المشهد بل بداية لمعاناة جديدة. أزمة المقابر في تونس الكبرى خرجت عن السيطرة، لتتحوّل إلى مأساة صامتة تضرب كرامة الإنسان حتى بعد مفارقته الحياة.
📌 الواقع المحرج: لا مكان لدفن الموتى
في أكبر ولايات البلاد، من تونس إلى بن عروس ومن أريانة إلى منوبة، تشكو البلديات من اكتظاظ رهيب في المقابر. بعض العائلات تضطر لدفن ذويها في ولايات بعيدة، وأخرى تعيد فتح قبور قديمة لدفن الجثامين فوق بعضها. المقابر امتلأت ولم تُعد تتّسع، وسط غياب أي حلول ناجعة منذ سنوات.
🔍 أسباب الأزمة: تقصير وسوء تخطيط
يرى خبراء التخطيط العمراني أنّ ما تعيشه تونس الكبرى اليوم هو نتيجة مباشرة لغياب إستراتيجية واضحة لإنشاء مقابر جديدة وتوسعة الموجود منها. بلديات عاجزة، وميزانيات مرهقة، وإجراءات إدارية معقدة حالت دون استباق الكارثة.
📉 بلديات ترفع الراية البيضاء
بلدية تونس، الأكبر في البلاد، أقرت مؤخرًا بعجزها عن توفير مقابر إضافية، في حين أن مقبرة الجلاز، أبرز المعالم الجنائزية في العاصمة، أصبحت مشهدًا يوميًا للازدحام وحتى التوترات بين العائلات. بلدية بن عروس بدورها دعت وزارة الشؤون المحلية إلى التدخل العاجل وفتح مقابر جديدة في ضواحي مثل حمام الشط والمروج.
⚠️ الحلول المؤجلة والموتى في الانتظار
رغم الحديث منذ سنوات عن إحداث مقبرة إقليمية كبرى مشتركة بين الولايات الأربع، إلا أن المشروع بقي حبرًا على ورق. والي تونس السابق وعد ببعث مقبرة نموذجية في منطقة جبل الجلود، لكن المشروع لم يُر النور وسط صراعات عقارية وعدم توفّر الإرادة السياسية الكافية.
👥 غضب واستياء شعبي
في استطلاعات للرأي المحلي، عبّر المواطنون عن امتعاضهم من الوضع، واعتبروا أن حرمان الميت من قبر لائق يُعدّ انتهاكًا صارخًا لقيم المجتمع التونسي، الذي يُولي عادةً أهمية خاصة لمراسم الدفن والتكريم بعد الموت.
🔴 الموتى في طابور الانتظار... والحلول ما تزال في خبر كان
أزمة المقابر في تونس الكبرى لا تهدّد فقط الميت، بل تحطّم ما تبقّى من ثقة الأحياء في مؤسسات الدولة. فهل تتحرّك السلطات لإنقاذ كرامة الإنسان... حتى وهو تحت التراب؟