اللقاء لم يكن بروتوكوليًا فحسب، بل حيويًا من حيث المضامين، إذ شملت المحادثات ملفات استراتيجية تمسّ الأمن الغذائي، الطاقة، إدارة الموارد المائية، والهجرة.
وتمّ خلال الجلسة التطرّق إلى مشاريع بارزة مثل مشروع "TANIT" لإعادة استعمال المياه، وإنشاء مركز تدريب زراعي إقليمي، إلى جانب تسريع تنفيذ الربط الكهربائي بين الضفتين عبر مشروع "ELMED"، بما يعزز الشراكة الطاقية.
غير أن المشهد لم يكن هادئًا في كامل أرجاء العاصمة، فقد تزامنت الزيارة مع احتجاجات شعبية غاضبة نظمتها منظمات المجتمع المدني وعدد من النشطاء، عبّروا فيها عن رفضهم المطلق للسياسات الإيطالية في ملف الهجرة، والتي وصفوها بـ"اللاإنسانية".
المحتجون ندّدوا بما اعتبروه عمليات طرد جماعي تعسفي و"احتجازًا غير قانوني" للمهاجرين التونسيين، كما رفعوا شعارات ضدّ تحويل تونس إلى ما سموه "حارسًا حدوديًا لأوروبا"، في إشارة إلى اتفاقيات التعاون الأمني التي تُركّز على التصدي للهجرة غير النظامية.
وبينما تؤكد السلطات الإيطالية سعيها إلى بناء "شراكة متوازنة" مع دول الجنوب، يرى منتقدون أن الخطط الأوروبية تُعيد إنتاج منطق "الاستغلال مقابل الدعم"، وتحمل في طياتها ضغطًا اقتصاديًا وسياسيًا على الجانب التونسي.
زيارة ميلوني أعادت الجدل حول السيادة الوطنية، والموقع الذي تُراد لتونس أن تلعبه في أجندات الهجرة الأوروبية، وسط تساؤلات حارقة: هل يمكن تحقيق توازن بين الحاجة إلى الشراكة والتمسك بحقوق الإنسان؟ وهل ستتمكن تونس من فرض شروطها في لعبة المصالح الكبرى؟