اختر لغتك

17 ديسمبر… التاريخ الذي لم يهدأ: خمسة عشر عامًا على ثورة ما تزال تبحث عن اكتمالها

17 ديسمبر… التاريخ الذي لم يهدأ: خمسة عشر عامًا على ثورة ما تزال تبحث عن اكتمالها

17 ديسمبر… التاريخ الذي لم يهدأ: خمسة عشر عامًا على ثورة ما تزال تبحث عن اكتمالها

تحيي تونس اليوم الأربعاء 17 ديسمبر 2025 الذكرى الخامسة عشرة لاندلاع الثورة التونسية، تلك اللحظة التي خرجت فيها البلاد من صمت طويل، حين أشعلت سيدي بوزيد شرارة الغضب في 17 ديسمبر 2010، لتتحول في أيام قليلة إلى موجة احتجاجات عارمة اجتاحت كامل تراب الجمهورية، وانتهت بسقوط النظام السابق في 14 جانفي 2011.

لم يكن 17 ديسمبر مجرد تاريخ عابر في الروزنامة الوطنية، بل مثّل زلزالًا سياسيا واجتماعيا أعاد تشكيل الوعي الجماعي للتونسيين، وفتح الباب أمام مسار غير مسبوق من التحولات، بين آمال كبرى وخيبات ثقيلة، وبين أحلام الحرية وتعقيدات الواقع.

من الهامش إلى قلب المشهد

انطلقت الثورة من الجهات المهمّشة، من عمق المعاناة الاجتماعية والاقتصادية، حيث البطالة، وانسداد الأفق، وغياب العدالة. لم تكن شعارات المحتجين معقّدة، بل بسيطة ومباشرة: الكرامة، الشغل، الحرية. سرعان ما تحولت هذه المطالب إلى عنوان مرحلة كاملة، ومرآة تعكس اختلالات تراكمت لعقود.

ومع سقوط النظام، دخلت تونس مرحلة انتقالية وُصفت آنذاك بالنموذجية في محيط إقليمي مضطرب، غير أن السنوات اللاحقة كشفت أن إسقاط نظام لا يعني بالضرورة إسقاط منظومة كاملة، وأن بناء الديمقراطية أكثر تعقيدا من مجرد كتابة دستور أو تنظيم انتخابات.

مسار متعرج… بين السياسة والاقتصاد

خمسة عشر عامًا مرّت، شهدت خلالها البلاد تغيرات سياسية متسارعة، حكومات متعاقبة، أزمات اقتصادية خانقة، وتراجعًا في مؤشرات التنمية، مقابل توسّع غير مسبوق في هامش التعبير والاختلاف. وهو تناقض جعل الثورة، في نظر البعض، مشروعًا غير مكتمل، وفي نظر آخرين، مكسبًا يجب الدفاع عنه مهما كانت كلفته.

كما أعادت السنوات الأخيرة طرح أسئلة جوهرية حول معنى الثورة:

هل هي حدث انتهى؟ أم مسار مستمر؟

هل فشلت في تحقيق أهدافها الاجتماعية؟ أم تعثرت بفعل صراعات النخب والظروف الإقليمية والدولية؟

العفو الرئاسي… رسائل في توقيت رمزي

وبالتزامن مع هذه الذكرى، أصدر رئيس الجمهورية قيس سعيّد عفوًا رئاسيًا شمل الإفراج عن 2014 سجينًا، إلى جانب تمتيع 674 سجينًا بالسراح الشرطي. خطوة حملت دلالات رمزية، أعادت إلى الواجهة خطاب الدولة حول العدالة، والبعد الإنساني، وإعادة الإدماج، في سياق وطني مثقل بالأسئلة والانتظارات.

ويرى متابعون أن توقيت القرار لم يكن معزولًا عن رمزية 17 ديسمبر، باعتباره تاريخًا ارتبط أساسًا بفكرة رفع المظالم وفتح صفحة جديدة، فيما يعتبر آخرون أن العبرة تبقى في السياسات الشاملة القادرة على معالجة جذور الأزمات لا مظاهرها فقط.

ذاكرة لا تُطوى

اليوم، وبعد خمسة عشر عامًا، لا تزال الثورة حاضرة في النقاش العام، في الشارع، وفي الوعي الجمعي، إما كأمل مؤجل أو كجرح مفتوح. اختلفت التقييمات، لكن الثابت أن 17 ديسمبر غيّر تونس إلى الأبد، وأن ما بعده لم يعد يشبه ما قبله.

هي ذكرى لا تُختزل في احتفالات رسمية ولا في خطابات عابرة، بل محطة للتفكير العميق في المسار، ومراجعة الخيارات، وطرح السؤال الأصعب:

كيف يمكن أن تتحول الثورة من ذكرى إلى مستقبل؟

آخر الأخبار

حين تتحوّل المدرسة إلى فضاء للفرح… الثقافة كرافعة صامتة للإصلاح التربوي

حين تتحوّل المدرسة إلى فضاء للفرح… الثقافة كرافعة صامتة للإصلاح التربوي

حريق الإسكندرية يفتح باب الشبهات: روايات متضاربة حول وفاة نيفين مندور وتحقيقات مرتقبة

حريق الإسكندرية يفتح باب الشبهات: روايات متضاربة حول وفاة نيفين مندور وتحقيقات مرتقبة

رحيل عبد الرؤوف شبشوب… النادي الإفريقي يودّع أحد رجاله وذاكرة كرة اليد التونسية

رحيل عبد الرؤوف شبشوب… النادي الإفريقي يودّع أحد رجاله وذاكرة كرة اليد التونسية

17 ديسمبر… التاريخ الذي لم يهدأ: خمسة عشر عامًا على ثورة ما تزال تبحث عن اكتمالها

17 ديسمبر… التاريخ الذي لم يهدأ: خمسة عشر عامًا على ثورة ما تزال تبحث عن اكتمالها

نهاية صامتة خلف الأبواب المغلقة… حريق يخطف فنانة غابت طويلًا عن الأضواء

نهاية صامتة خلف الأبواب المغلقة… حريق يخطف فنانة غابت طويلًا عن الأضواء

Please publish modules in offcanvas position.