شؤون عربية

في موقف تصعيدي لافت يعكس حجم التوتر الإقليمي والدولي حول الأزمة السودانية، خرج رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان بتصريحات حادّة، نسف فيها الانتقادات الأمريكية وفتح النار على أطراف إقليمية، مؤكدًا أن الجيش السوداني يخوض "معركة كرامة" لا تقبل المساومة.

"فزاعة الإخوان"... رواية أمريكية مرفوضة

البرهان رفض بشكل قاطع تصريحات مسعد بولس، مستشار الرئيس الأمريكي، الذي تحدث عن "سيطرة لتنظيم الإخوان داخل الجيش".

وصف البرهان هذه السردية بأنها "فزاعة سياسية" تُستخدم لاستمالة واشنطن والرياض والقاهرة، مؤكّدًا أنها "ادعاءات كاذبة ولا أساس لها".

وشدد على أن المؤسسة العسكرية قادرة على إصلاح نفسها دون وصاية أو إملاءات، في رسالة مباشرة إلى البيت الأبيض والعواصم الإقليمية.

اتهامات ثقيلة للدعم السريع: "إبادة وتطهير عرقي"

وفي أقوى تصريحاته خلال الاجتماع الذي ضم كبار ضباط القوات المسلحة والشرطة والمخابرات، اتهم البرهان قوات الدعم السريع بارتكاب "جرائم إبادة جماعية وتطهير عرقي"، مشيرًا في الوقت نفسه إلى دعم دول وجهات سياسية لهذه القوات، دون أن يسميها.

وأكد البرهان أن هذا الدعم "غير مقبول"، وأن الجيش لن يسمح بتغيير موازين القوى عبر التدخلات الخارجية.

رفض قاطع لدور الإمارات: "لا يمكن أن تكون وسيطًا"

في إشارة صريحة، اعتبر البرهان أن انضمام الإمارات إلى "الرباعية الدولية" ينزع عنها صفة الحياد، قائلاً:

"لا يمكن القبول بالإمارات كوسيط في الأزمة."

هذا الموقف يأتي بعد أشهر من إعلان السودان قطع العلاقات مع أبوظبي بدعوى "تسليح الدعم السريع"، وهو ما رفضته الإمارات معتبرة أن السلطة الحالية "غير شرعية".

الجيش يستعد لاستعادة الأراضي… و"المعركة للجميع"

مع ارتفاع منسوب الاتهامات، شدّد البرهان على أن الجيش "عازم" على استعادة المناطق التي سيطرت عليها قوات الدعم السريع في كردفان ودارفور، مؤكدًا:

"سنطردهم من السودان… والنصر سيكون حليفنا ما دمنا على حق."

وأضاف أن معركتهم ليست ضد القبائل أو السكان، بل ضد "المتمردين"، داعيًا زعماء القبائل إلى عدم الزج بأبنائهم في "المحرقة".

بلد يشتعل… وشعب يعيش أسوأ كارثة إنسانية

تستمر الحرب الضارية منذ أفريل 2023، لتترك خلفها عشرات آلاف القتلى ونحو 13 مليون نازح، بينما تتوزع السيطرة بين الجيش الذي يمسك بمعظم الولايات الـ13، وقوات الدعم السريع التي تبسط نفوذها على دارفور باستثناء أجزاء من الشمال.

ومع غياب أي أفق سياسي واضح، وتصاعد الاتهامات بين اللاعبين المحليين والإقليميين، يبدو السودان اليوم أمام مفترق خطير…

حيث الكلّ يرفع سقفه، ولا أحد يملك جوابًا عن سؤال النهاية.