في إطار جهودها المتواصلة لتعزيز الحوكمة البيئية والمناخية، نظمت وزارة البيئة التونسية يوما إعلاميا حول دعوة تقديم مشاريع التحسيس البيئي ضمن برنامج PAGECTE بالتنسيق مع مركز إفادة وبالشراكة مع الوكالة الألمانية للتعاون الدولي GIZ وذلك بهدف توضيح شروط وآليات المشاركة للجمعيات والمجتمع المدني إلى جانب إبراز الأهداف الاستراتيجية للبرنامج وأهميته في رفع مستوى الوعي البيئي لدى مختلف الفئات العمرية والاجتماعية لاسيما في المناطق الريفية التي تشكل محورا أساسيًا للجهود التحسيسية إذ تعد هذه المناطق الأكثر تأثرا بالتحديات البيئية الحالية.
وخلال اليوم الإعلامي، تم عرض الآليات والبرامج الداعمة بشكل مفصل كما تم التركيز على دور الشراكات الدولية في إنجاح المشاريع المحلية مؤكدين في الوقت نفسه أن التنسيق بين مختلف المؤسسات العمومية والمجتمع المدني يشكل حجر الزاوية في تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز أثر المبادرات البيئية على الصعيد الوطني مما يجعل التعاون والتكامل بين الأطراف المختلفة ضرورة لا غنى عنها.
ومن جهة أخرى، انطلق برنامج PAGECTE في فيفري 2024 ويستمر حتى جانفي 2028 كمشروع مشترك ممول من الاتحاد الأوروبي والحكومة الألمانية ويهدف إلى تعزيز مشاركة المجتمع المدني والجامعات والمؤسسات البحثية في القضايا البيئية والمناخية مع تقديم دعم مالي وفني للمبادرات المحلية المبتكرة في مجال التحسيس والتوعية وبذلك يسهم البرنامج بشكل مباشر في بناء قدرات مجتمعية قوية، ويعرف الانتقال الإيكولوجي بأنه عملية تحول شامل في أنماط الإنتاج والاستهلاك للحفاظ على البيئة ومكافحة الاحترار العالمي بينما يقصد بالتحسيس البيئي رفع الوعي العام بالتحديات البيئية وتشجيع السلوكيات المستدامة عبر حملات تعليمية وإعلامية الأمر الذي يؤدي بدوره إلى تعزيز المسؤولية الفردية والجماعية تجاه البيئة.
وتعتمد جهود حماية البيئة في تونس على ترسانة قانونية متينة، حيث يكفل الدستور التونسي لسنة 2022 الحق في بيئة سليمة ومتوازنة ويعزز الالتزام بحماية المناخ والتنمية المستدامة في حين ينظم قانون المياه لسنة 1975 إدارة الموارد المائية وحمايتها من التلوث ويحدد قانون الغابات لسنة 1988 آليات حماية الموارد الطبيعية ويضع عقوبات على التعديات كما يفرض مرسوم تقييم التأثير البيئي لسنة 2005 إجراء دراسات تقييمية على المشاريع الكبرى، علاوة على الالتزام بالاتفاقيات الدولية مثل اتفاقية باريس للمناخ وبروتوكول مونتريال واتفاقية بازل للنفايات الخطرة مما يعكس التزام تونس بالتشريعات الوطنية والدولية لحماية البيئة ويؤكد على تضافر الجهود القانونية والتنظيمية لتحقيق أهداف الاستدامة.
وفي الوقت نفسه، تشير أحدث الإحصائيات إلى تحديات بيئية كبيرة تواجه البلاد إذ تحتل المرتبة 93 في مؤشر الأداء البيئي لعام 2024 في مجال التغير المناخي بمعدل 41.4 نقطة مع ارتفاع انبعاثات CO₂ بنسبة 43.6% كما تراكمت ديون مناخية بقيمة نحو 2 مليار دولار منذ عام 2000 أي ما يعادل 162 دولارا للفرد فيما يلتزم البرنامج الوطني بخفض شدة الكربون بنسبة 45% بحلول عام 2030 مقارنة بعام 2010، وفي الوقت ذاته تتفاقم أزمة المياه والجفاف وتتصاعد الاحتجاجات ضد التلوث الصناعي في مناطق مختلفة الأمر الذي يستدعي تضافر الجهود على المستويين المحلي والدولي لمواجهة هذه التحديات بشكل عاجل وفعال.
وقد أكد المشاركون أن دعم المشاريع التحسيسية يشكل ركيزة أساسية في غرس ثقافة بيئية مستدامة كما يعزز قدرة المجتمع المدني على مواجهة التحديات البيئية الراهنة ومن ثم فإن التكامل بين القطاع العام والمجتمع المدني والشراكات الدولية يمثل السبيل الأمثل لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وبناء عليه من المتوقع أن يشكل برنامج PAGECTE منصة فعالة لتعزيز قدرات المجتمع المدني ودعم جهود تونس نحو مستقبل أخضر مستدام يحافظ على الموارد الطبيعية ويضمن بيئة سليمة للأجيال القادمة.
