"قناة سلوى"، يعني الاسم الكثير، فهو من ناحية اقتصادية، يعد واحدا من أكبر المشروعات الاستثمارية السعودية، ومن الناحية السياسية، تعتبره المملكة -ودول أخرى- ورقة ضغط شديدة القوة على قطر، لأنها ستحولها من شبه جزيرة، ذات حد بري، إلى جزيرة محاطة بالبحر من كل الجهات.
أمس، بدأت السعودية أولى الخطوات العملية في اتجاه مشروع "قناة سلوى"، عندما قامت قوات حرس الحدود التابعة للمملكة بتسلم المنافذ الحدودية مع قطر، في خطوة وصفها البعض بأنها البداية لإقامة المشروع الضخم متعدد الأهداف.
الأكاديمي والمحلل السياسي القطري د. علي الهيل، اعتبر أن المشروع السعودي الجديد له عدة أهداف، أولها هو صرف أنظار السعوديين عن مئات المليارات، التي نهبتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب برضا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في وقت رواتب 60% من الموظفين السعوديين أقل من 1000 دولار، حسب قوله.
وأضاف الهيل، في تصريحات خاصة لـ"سبوتنيك"، اليوم الأربعاء 11 أبريل/ نيسان، أن الهدف الثاني من قناة "سلوى"، هو وضع مزيد من الضغوط على دولة قطر، أي أنها عملية استفزاز، هم يقولون للقطريين: نحن قادرون على أن ننال منكم، على الرغم من أنهم طوال الـ10 أشهر الماضية لم ينالوا من قطر رغم كل وسائلهم وضغوطهم التي مارسوها.
وتابع "النظام القطري ثابت والشعب يلتف حول قيادته، ولو أن أحاديثهم وادعاءاتهم صحيحة بشأن الأموال القطرية المنهوبة، لما كانت الحكومة القطرية ما زالت قادرة على منح الكهرباء والماء مجانا للمواطنين دون أي مقابل، ولما كان دخل المواطن القطري يزيد عن 15 ألف دولار شهريا، أي أن أحوال القطريين الاقتصادية جيدة جدا".
وأوضح المحلل السياسي القطري، أن هذا المشروع ما زال في طور المقترح، ولم يتقدم خطوة، كما أن القانون الدولي له رأي، لأن قطر لها منفذ بري واحد على العالم، وهو الحدود السعودية، فكيف تقوم دولة بخنق جارتها بإغلاق منفذها الوحيد على العالم، وهنا القانون الدولي سوف يتدخل، ولن يترك السعودية تفعل ما يحلو لها.
ولفت الدكتور علي الهيل، إلى أن قطر تخبئ وراء صمتها أمور كثيرة، منها أنها أقامت دعوى أمام الجهات المعنية في الأمم المتحدة، فالعالم ليس غابة، وليس كله ترامب وإيفانكا وميلانيا، مضيفا: "نحن في قطر لسنا معنيين بما تفعله السعودية في أراضيهأ، وهي قالت إنها ستحول قطر إلى جزيرة، ونحن منذ 5 حزيران نتعامل باعتبارنا جزيرة".
في المقابل، اعتبر المحلل السياسي السعودي ومدير مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية الدكتور أنور عشقي، أن قناة سلوى الجديدة، لا تعد وسيلة للضغط على قطر، وإنما هي وسيلة ترابط بين دول مجلس التعاون الخليجي، لأن هذه القناة تسهل عملية التواصل بين دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية والبحرين، وأيضا الكويت وعمان.
وأضاف المحلل السياسي والاستراتيجي السعودي الدكتور أنور عشقي، في تصريحات خاصة لـ"سبوتنيك"، اليوم الأربعاء، أن مشروع قناة سلوى ليس مشروعا عابرا، فهي قناة سياحية، تعتمد على السياحة والنقل، وهي ليست على الحدود القطرية، وإنما تبعد عن الحدود القطرية بنحو كيلو متر داخل الأراضي السعودية.
وأوضح عشقي أن هذه القناة، من شأنها أن تسيِّر التجارة بين هذه الدول الثلاث "السعودية والإمارات والبحرين"، بشكل مباشر، دون الحاجة إلى الالتفاف حول شبه جزيرة قطر، لأن ذلك يعتبر أمر مكلف جدا لمبالغ كبير، وهذه العملية أو القناة دائمة، بينما الخلاف بين الدول الثلاث ورابعها مصر مع قطر هو أمر مؤقت سوف ينتهي.
ولفت المحلل السياسي السعودي إلى أن قطر اختارت أن تكون خارج السرب، وبالتالي عليها أن تتقبل أن تكون جغرافيا وجيوسياسيا أيضا خارجة عن السرب، موضحا أن قطر تتضرر من عدم مرور السفن من بعض المدن لديها، ولكن غير ذلك لا يقع عليها ضرر.
وشدد عشقي على أن فكرة اجتماع الدول الثلاث في مشروع واحد قرب الحدود مع قطر هي التي أثارت مخاوفها، ولكن الحقيقة أن هذا المشروع يمكن اعتباره "إغراء" لدولة قطر لتعود لأشقائها مرة أخرى، بدلا من اعتبارها وسيلة للضغط عليها، من خلال القبول بمطالب دول المقاطعة.
الخلاف بين الطرفين، السعودي والقطري، بشأن أحقية السعودية في حفر قناة سلوى، رد عليه المحامي والمحكم الدولي، أسامة حسين، قائلا إن القانون الدولي يكفل لكل دولة تأمين حدودها الداخلية بالشكل الذي تراه مناسبا، طالما أنه لا يشكل عدوانا على حدود أو سيادة أي دولة أخرى.
وأضاف حسين، في تصريحات لـ"سبوتنيك"، اليوم الأربعاء، أن في حالتنا هذه، يحق للسعودية أن تشق قناة سلوى، دون أدنى محاسبة، وذلك لعدة أمور، أولا أنها تحقق مصالحها التجارية دون الإضرار بحدود أو سيادة دولة أخرى، وهي تقيمها — حسب تصريحات مسؤوليها- داخل حدودها، ولم تمس الخط الدولي.
والسبب الثاني لعدم محاسبة السعودية، حسب المحامي الدولي، هو أن المشروع إقليمي، يحقق التماس مع دول أخرى، دون أن يتعدى على حقوق أي منها، إلا بالتراضي، وبالنسبة لقطر لا توجد أي أعمال حفر أو تداخلات أو تجاوزات لحدودها، وطالما تحافظ السعودية على ذلك فلا خطأ هناك.
أما السبب الثالث والأهم، هو أن السعودية تتصرف داخل حدودها، بما يسمح لها بالحفاظ وتحقيق الأمن القومي للدولة والمواطن، وهو أمر ينص عليه القانون الدولي صراحة، فما دامت الدولة تتصرف داخل حدودها بشكل يكفل أمان المواطنين فلا شيء يدينها، سواء كان ما تقوم به هو حفر قناة أو بناء سور داخل الحدود يعزلها عن العالم.
وعن إمكانية مقاضاة قطر للسعودية، قال حسين إن دولة قطر لا يحق لها الاعتراض أو الشكوى دوليا، إلا في حالة واحدة، وهي تهديد السعودية للحدود أو تجاوزها، أو إخلالها بمبادئ وأعراف القانون الدولي، والتي من بينها علاقات حسن الجوار ونبذ المساواة في السيادة بين الدول كبيرها وصغيرها، وعدم التهديد باستخدام القوة المسلحة أو اللجوء إليها عند تسوية النزاعات الدولية.
وعن التهديدات الجيولوجية التي قد تواجهها قطر، قال حسين، إن المملكة العربية السعودية أعلنت أن المشروع سيكون داخل حدودها بما يبعد كيلو متر واحد عن الحدود مع قطر، وهناك اقتراحات لجعلها 5 كيلومترات، وفي هذه الحالة لن تشكل تهديدا، أما إن كان هناك خطر يهدد قطر جراء المشروع، لن تكون المملكة مطالبة بإلغائه، وإنما ستكون مطالبة بضمانات لعدم حدوث أضرار.