عماد الحمامي: الغنوشي تحول إلى دكتاتور كامل الأوصاف وانتهى سياسيا
يتعاظم الشرخ السياسي في حزب حركة النهضة التونسية، في ظل توسع دائرة المعارضين لسياسة رئيس الحركة راشد الغنوشي وانفراده بالقرار داخل الهياكل، حيث بات مصدر قلق لبقية القيادات وعبئا على الحركة، وسط تأكيدات بتحويله الحزب إلى ملكية خاصة، ما ينذر بقرب خروجه من الباب الصغير للمشهد.
تونس- انتقدت قيادات في حركة النهضة، واجهة الإسلامين في تونس، اعتماد رئيسها راشد الغنوشي سياسة الانفراد بالحكم والتسيير الشخصي لهياكل الحركة، كما يرى مراقبون أن الرجل أصبح يؤسس لحكم فردي بممارسة دكتاتورية ستعجّل بنهايته السياسية.
وقال القيادي المجمدة عضويته بحركة النهضة عماد الحمامي، إن “رئيس الحركة راشد الغنوشي تحوّل إلى دكتاتور كامل الأوصاف”.
واعتبر الحمامي في حوار له نشرته جريدة الشروق المحلية، الثلاثاء، أن “الغنوشي انتهى سياسيا”، مشددا على “ضرورة أن تقطع النهضة مع الإسلام السياسي وتتحول إلى حزب مدني يخدم التونسيين”.
وترى قيادات في الحركة أن النهضة تحتاج إلى ضخّ دماء سياسية جديدة قادرة على إيجاد تصورات وأفكار يمكن أن تغير الحزب، محمّلة الغنوشي وفريقه مسؤولية الإخفاق السياسي.
وأفاد القيادي في الحركة والمستقيل مؤخرا من المكتب التنفيذي محمد خليل البرعومي، بأن “النهضة الآن تطرح على نفسها جملة من الأسئلة، وهناك أخطاء مرتكبة في علاقة بالتسيير والبرامج والتخطيط في إدارة النهضة”.
وأضاف أن “كل من تحمّل مسؤولية قيادية في الحركة يتحمّل أيضا المسؤولية الجماعية”، قائلا “بعد الخامس والعشرين من جويلية، استقلت من المكتب التنفيذي وحمّلت المسؤولية للقيادة، لكنها لم تنصت إلى مشاغل الشارع، وهناك جزء تمسك بالقيادة، وهذا غير أخلاقي”.
وتابع البرعومي “الغنوشي يتحمّل مسؤولية الإخفاق مع كامل الفريق، وخطأه أنه عوّل على أشخاص لا تتوفر فيهم الكفاءة، وهو الآن لا يرغب في تجديد بقائه ومستعد للتنازل”.
وأردف “على الغنوشي الآن أن يخرج من الضغوطات الداخلية، ويتوجه نحو التغيير والإصلاح بقيادات شبابية، وإذا أرادت النهضة أن تجدد نفسها فعليها أن تضع جيلا شبابيا سياسيا جديدا، والمعركة الآن لا بد أن تخاض بسواعد جديدة”.
وأكدت قيادات في الحركة أن توجهات الغنوشي اتسمت بقدر كبير من الدكتاتورية والتفرد باتخاذ القرار، ما تسبب في تصعيد حالة الاستقطاب السياسي في البلاد.
ولا تزال تلك القيادات تطالب الغنوشي بالاستقالة للحفاظ على ما تبقى من هيكل الحركة، والإعلان عن عقد المؤتمر العام في أقرب وقت، لاختيار قيادات جديدة تكريسا لمبدأ التداول السلمي على القيادة.
وترى أوساط سياسية أن الغنوشي حوّل النهضة إلى ملكية خاصة يتصرف فيها كما يريد ووفقا للتوجهات التي يراها مناسبة، فضلا عن كونه يؤسس لحكم فردي سيفضي إلى نهايته سياسيا.
وأفاد عبيد البريكي، أمين عام حركة تونس إلى الأمام، بأن “الدكتاتورية لا تتم عبر مسار تشاركي، والمسار العام في النهضة مبني على حكم الفرد، والغنوشي على رأس الحركة منذ أربعين سنة”.
وأضاف أن “الغنوشي يسعى لإقصاء كل من يخالفه الرأي، وأكبر دليل على ذلك حلّ المكتب التنفيذي للحركة منذ أيام، وكان يزور تركيا وليبيا والجزائر وهو رئيس للبرلمان، وهذا مظهر من مظاهر الدكتاتورية”.
وتابع البريكي “الغنوشي لن يتراجع عن هذا التمشي، وهناك جزء كبير من القيادات داخل النهضة أصبح يرفض توجهاته، لكن بعض القيادات الأخرى تساند الغنوشي خدمة لمصالحها الضيقة، وهي مجموعة صغيرة تتمسك به على رأس الحركة”.
واستطرد “الغنوشي انتهى سياسيا، لأنه عندما وجه دعوة لأنصاره للنزول إلى الشارع بعد قرارات الرئيس التونسي، لم يستجب الأنصار لندائه، ولم يلبّ الدعوة إلاّ القليل منهم”.
ويرى متابعون للشأن التونسي أن إقالة الغنوشي مسألة وقت ليس أكثر. كما أشارت مصادر مقربة من الحركة إلى رغبة عدد من القيادات في الإعلان عن إقالته في الفترة الأخيرة، لكن تم التراجع عن ذلك بعد تدخل قيادات بارزة من التنظيم الدولي للإخوان، طالبت بمهلة لإقناع الغنوشي بالأمر، حفاظا على مكانته داخل التنظيم.
وتجري نقاشات حادة خارج مؤسسات الحركة، تضم قياديين، تتفق حول حقيقة أن الغنوشي انتهى سياسيا، وعليه أن يستقيل في أقرب وقت. وفي وقت سابق، قرر الغنوشي حل المكتب التنفيذي للحركة.
وقال بيان للحركة إنه “تفاعلا مع ما استقر من توجّه عام لإعادة هيكلة المكتب التنفيذي، فقد قرر رئيس الحركة إعفاء كل أعضاء المكتب التنفيذي، وإعادة تشكيله بما يستجيب لمقتضيات المرحلة ويحقق النجاعة المطلوبة”.
وشهدت الحركة موجات متلاحقة من الغضب الداخلي من قبل الكثير من قياداتها، وخصوصا من مجلس شبابها الذي يحمّلها مسؤولية عدم الإنصات إلى الناس، وارتكاب الأخطاء المتتالية التي أوصلتها إلى الوضع الراهن، خصوصا بعدما أضاعت العديد من الفرص التي كان يمكن أن توظفها لصالحها تحت وطأة معارك الهيمنة والإقصاء داخلها.
وأكد وزير الصحة السابق والقيادي في النهضة عبداللطيف المكي أن “أخطاء الحركة تراكمت في السنوات الأخيرة وأدت إلى ابتعادها عن المطالب الشعبية للفئة المتوسطة”.
وقال في تصريح لإذاعة محلية “إن مسألة إدارة الوفاق مع نداء تونس والرئيس الراحل الباجي قائد السبسي كانت من الأخطاء الكبيرة للنهضة، لأنها أدارت الوفاق دون أجندة اقتصادية وتنموية واجتماعية ودون حوكمة لمقاومة الفساد”، مضيفا أن “الحركة كان عليها أن توقف الوفاق وتعيد الأمان للتونسيين”.