لم تكن سهرة عادية في قاعة الأفراح بمدينة سليمان… بل كانت لحظة مفصلية في مسيرة المسرح المدرسي، حين فجّر المبدع سليم السبيعي طاقات التلاميذ فوق الركح، وقدّم عرضين مسرحيين خلّفا الصدمة والدهشة، وسط تصفيقٍ لم ينقطع ودموع امتزجت بالإعجاب.
🎭 "غزة الصامدة الأبية": الأطفال يُحاكمون العالم
بسيناريو ناري يفضح الاحتلال ويُنطِق الحجر، قدّم سليم السبيعي ملحمة "غزة الصامدة الأبية"، حيث تحوّلت الخشبة إلى ساحة مقاومة، وأدى الأطفال أدوارهم بجرأة تحاكي الألم الفلسطيني. العرض أعاد الاعتبار للقضية، وبعث برسائل قوية: "الطفولة في فلسطين لا تُكسر".
بطولة شبابية لامعة شارك فيها:
عبد الرحمان السعداوي، يقين الدباشي، يوسف التليلي، شهد النصايبي وآخرون، رفعوا سقف التوقعات وأثبتوا أن مدرسة الكرامة بسليمان تُنجب نجوما لا تُصنع صدفة.
🚨 "العنف... إلى أين؟": طلقات فنية في قلب الواقع المدرسي
العمل الثاني كان صادمًا بكل المقاييس: "العنف... إلى أين؟"، مسرحية اختزلت التناقضات داخل المدرسة، وطرحت أسئلة مؤلمة: من المسؤول عن الفوضى؟ كيف نُوقِف النزيف؟ من المعلم إلى الأمني، من التلميذة إلى الطبيبة، الجميع على الركح... والجميع في قفص الاتهام!
بقيادة ممثلين موهوبين أمثال مؤمن برهومي، غرام جطلاوي، مرام نصايبي، أنس بوعجينة وغيرهم، استطاعت المسرحية أن تحوّل قضية اجتماعية حارقة إلى لحظة درامية مؤثرة.
ما زاد العرض بريقًا هو المفاجأة المدوّية: الفنان الكبير لطفي بوشناق، بصوته الملتزم وأصالته، أهدى أغنية حصرية للمسرحية، خصّ بها العمل وفكرته النبيلة، رغم تغيّبه عن العرض بسبب ارتباطه بحفل فني في مدينة سوسة. ورغم ذلك، أرسل تحيّاته الحارّة لفريق العمل وأكّد دعمه للمسرح التربوي الراقي.
🎧 إذاعة الشباب تدخل على الخط!
ما إن انتهى العرض، حتى بادرت إذاعة الشباب إلى تسجيل العملين في استوديو 8، لا لعرضهما فحسب، بل لتحويلهما إلى تمثيليتين إذاعيتين موجهتين للأطفال فاقدي البصر… في سابقة تُحسب للمبدع سليم السبيعي، الذي أكد أن المسرح يمكن أن يُرى أيضًا بالقلب، لا فقط بالعين.
🏅 السبيعي... حين يصبح المعلم مخرجًا وصاحب رسالة
هو ليس مجرد مؤلف ومخرج… إنه مربٍّ يحمل همّ الطفولة وقضايا الأمة، ويحوّل خشبة المدرسة إلى بركان فني. ونجاحه الأخير هو شهادة من جمهورٍ صفق واقفًا، وإعلامٍ سارَع إلى التوثيق.
باختصار: ما حدث في سليمان ليس عرضًا فنيًا فقط... بل ولادة موجة جديدة من المسرح المدرسي الجاد، وميلاد جيلٍ يُتقن التمثيل... والرسالة.