اختر لغتك

هل يعاني التونسيـون من أزمة سكن؟

هل يعاني التونسيـون من أزمة سكن؟

كشف الحقيقة واسترداد الكرامة المهدورة طيلة عقود من الاستبداد والقهر الاجتماعي -خاصة خلال فترة حكم الرئيس الأسبق بن علي-أحد الأهداف والمساعي التي جرى العمل عليها منذ 14 جانفي 2011، وتأسست بمقتضاها هيئة مستقلة للنظر في ملفات من يعتبرون ضحايا العهد السابق هي هيئة الحقيقة والكرامة.

لا يزال حلم امتلاك مسكن خاص يراود العديد من التونسيين ويعتبرونه صمام الأمان  وعلامة على الاستقرار لهم ولعائلاتهم، لكن امام الارتفاع المشط والناري لأسعار العقارات والأراضي الصالحة للبناء، يبقى هذا الحلم مؤجلا او مستحيل التحقيق للعديد من الناس خاصة من الطبقات المتوسطة وذوي الدخل المحدود، ليكتوي هؤلاء من جهة أخرى بنار الايجار الذي شهد هو الاخر ارتفاعا كبيرا مقارنة مع انهيار القدرة الاقتصادية للمواطن التونسي وعدم قدرته على مجاراة الغلاء الفاحش في الأسعار بصفة عامة.

 

33 بالمائة من التونسيين لا يملكون مسكنا خاصا

رغم أهمية القطاع العقاري في العالم خاصة وانه وراء الأزمة الاقتصادية الأخيرة التي ضربت الاقتصاد العالمي منذ سنة 2008 الا ان السلطات التونسية والخبراء التونسيين لم يولوا لهذا المجال كبير اهتمام.

هذا وتشير الإحصائيات الرسمية في تونس إلى أن نحو 33 بالمائة من التونسيين لا يملكون مساكن مما  جعل عددا من المراقبين  يعتبرون أن هذا الرقم يتطلب من سلطات الإشراف إطلاق صيحة فزع في مجال العقارات و البناء و بالقيام بإصلاحات فورية في هذا المجال.

دراسة ميدانية كانت أعلنت عن نتائجها وزارة التجهيز وبعض الهياكل الناشطة في مجال بيع وشراء العقارات، بينت  أن سعر المتر المربع الواحد الجاهز لا يقل عن ألفي دينار تونسي بعد الثورة وقد تضاعف خمس مرات إذ كان قبل سنة 2011 في حدود 400 دينار تونسي فحسب.

وحسب الدليل العقاري التونسي لسنة 2014، فإن سعر المتر المربع من الأراضي في تونس بات يتراوح على وجه العموم، بين 1200 و3000 دينار تونسي وتختلف هذه الأسعار من مدينة سكنية إلى أخرى، ففي الأحياء السكنية الراقية بكل من المنزه والنصر وحدائق قرطاج، يرتفع سعر المتر المربع من الأراضي إلى حدود 1900 دينار تونسي، أما وسط العاصمة التونسية وفي شارع محمد الخامس القريب من شارع بورقيبة، فإن السعر يتراوح بين 1800 و2500 دينار تونسي على الأقل.

أكدت وزارة التجهيز استفحال أزمة السكن و العقارات في تونس حيث شدد الوزارة في مذكرة نشرها موقع “افريكان مانجر” أن أسباب غلاء السكن والعقارات هو نتيجة  قلة الأراضي المهيأة للبناء وارتفاع كلفتها  بالإضافة إلى ارتفاع تكلفة مواد البناء و اليد عاملة وربط بالشبكات ومصاريف عامة.

وأكدت الوزارة في نفس المذكرة ان منظومة توفير السكن  تتركز على ثلاثة متدخلين بمعدل 50000مسكن سنويا، 77 بالمائة من  هذه المساكن يتم انجازها في إطار البناء الذاتي عن طريق العائلات أنفسهم و 20 بالمائة يتم انجازها عن طريق الباعثين العقاريين الخواص المرخص لهم و1.7 بالمائة من بقية  المساكن يتم انجازها عن طريق الباعثين العقاريين العموميين.

و رغم إدراك الوزارة للأزمة الكبيرة في هذا القطاع الحساس إلا أن الإجراءات التي قررت ان تتخذها سواء على المدى القصير او البعيد تبقى حلول نظرية صعبة التطبيق على عين المكان لتقوم بحل الأزمة بشكل جذري.

حيث عمدت الوزارة في نفس المذكرة  إلى اقتراح حل على المدى القصير يتمثل في تدخل البرنامج الخصوصي للسكن الاجتماعي والذي سيشمل إزالة وتعويض حوالي10000 مسكن بدائي و توفير السكن الاجتماعي حسب التمويلات المتوفرة ( تمكن من بناء حوالي 7000مسكن ) اما على المدى المتوسط والبعيد فقد اكتفت الوزارة بإعداد دراسة إستراتجية جديدة للسكن لا تحل هذه المشكلة التي أصبحت تمس كل شرائح المجتمع التونسي خاصة وأن 23 بالمائة على الأقل من التونسيين لا يملكون مسكنا قارا.

 

زيادة بـ30 بالمائة في سعر العقارات

وقدر عدد  من الخبراء  الناشطين في سوق العقارات التونسية حجم الزيادة في أسعار كافة العقارات خلال الثلاث سنوات الأخيرة بنحو 30 في المائة، مشيرين إلى أن هذه الزيادة هي نتيجة ارتفاع أسعار مواد البناء وأسعار الأراضي المعدة للبناء ولارتفاع فوائض القروض الخاصة بالسكن.

وكشف خبراء أن أسباب الارتفاع المسجل بعد الثورة على مستوى أسعار مختلف العقارات تعود الى ارتفاع تكلفة اليد العاملة المختصة التي باتت تتجاوز 80 دينارا في اليوم وإلى ارتفاع أسعار مواد البناء بصفة عامة، بالإضافة إلى خضوع سوق العقارات  التونسية للمضاربات بين “السماسرة “والى الفوائض المتنامية في القطاع البنكي على القروض الخاصة بالسكن.

 

تراجع الطلب على شراء المساكن الخاصة

تشير الإحصائيات الرسميّة إلى تراجع إقبال التونسيّين على شراء المساكن بنسبة 8 بالمائة في خلال السنوات الأخيرة، نتيجة تراجع قدرة المواطن الشرائيّة وارتفاع أسعار العقارات الذي يرتبط بدوره بغلاء أسعار مواد البناء.

إلى ذلك، باتت بدلات الإيجار أيضاً مرتفعة لدرجة يعجز المواطن عن تحمّلها. فقد يصل إيجار بعض الشقق إلى ألف دينار شهرياً.

تجدر الإشارة إلى أن العائلات التونسيّة تتسابق منذ أربع سنوات مع العائلات الأجنبيّة خصوصاً الليبية والإيطالية والفرنسية على الشقق المعروضة للإيجار، وذلك على الرغم من وجود ما لا يقل عن 426 ألفاً و200 شقة شاغرة لا يستغلها أصحابها. يُذكر أن نحو ألفي مواطن ليبيّ يستقرون على الأراضي التونسيّة منذ الثورة، وقد تخطّى بدل إيجار غرفتَين 300 دينار في الأحياء الشعبيّة.

وقد باع عدد من التونسيّين مساكنهم لليبيّين بأسعار مرتفعة، في حين استأجروا منازل أخرى. وهو ما تسبب في ارتفاع أسعار العقارات المخصصة للبيع أو الإيجار وخصوصاً في المدن الكبرى مثل العاصمة التونسيّة ومحافظة سوسة الساحليّة ومحافظة صفاقس في الجنوب.

من جهة أخرى، أدّت أزمة المساكن إلى أزمة ماليّة كبيرة للعاملين في القطاع العقاري. فهدّدت شركات عقاريّة عديدة بالإفلاس، الأمر الذي يزيد من تفاقم أزمة بطالة اليد العاملة في البناء والكهرباء، ويقدر عدد هؤلاء العاملين في القطاع العقاري بنحو ثلاثة آلاف، أكثر من ألف ومائتَين منهم ينشطون بشكل منتظم.

وكان العجز المالي قد تسبّب في انقطاع العديد منهم عن النشاط، بسبب عدم قدرة المواطن على شراء المساكن الجاهزة. فهؤلاء وجدوا أنفسهم عاجزين عن الوفاء بالتزاماتهم الماليّة، بعد تجمّد المشاريع السكنيّة.

 

آخر الأخبار

تونس في مواجهة التحديات الرقمية: حماية الأطفال أولوية في عصر الإنترنت

تونس في مواجهة التحديات الرقمية: حماية الأطفال أولوية في عصر الإنترنت

العنف المدرسي: أزمة متفاقمة تتطلب حلولًا شاملة ومستدامة

العنف المدرسي: أزمة متفاقمة تتطلب حلولًا شاملة ومستدامة

أحمد سمير سليمان يواصل القيادة: مجلس إدارة قوي لدورة جديدة في الاتحاد المصري للميني فوتبول

أحمد سمير سليمان يواصل القيادة: مجلس إدارة قوي لدورة جديدة في الاتحاد المصري للميني فوتبول

فضيحة رياضية تهزّ الملاعب: لاعبات كرة يد ينافسن في كرة السلة بنتيجة صادمة!

فضيحة رياضية تهزّ الملاعب: لاعبات كرة يد ينافسن في كرة السلة بنتيجة صادمة!

أحمد سمير سليمان يواصل قيادة الميني فوتبول المصري: تزكية بالإجماع لدورة جديدة

أحمد سمير سليمان يواصل قيادة الميني فوتبول المصري: تزكية بالإجماع لدورة جديدة

Please publish modules in offcanvas position.