توجه العقيد لطفي القلمامي الى سيادة رئيس الجمهورية محمد الباجي قائد السبسي لشرح وضعيته والبعض من خيرة الاطارات الأمنية السامية الذين تمت اقالتهم وجوبيا في فترة اشراف السيد فرحات الراجحي على دواليب ادارة المؤسسة الأمنية في تونس، تحصلت توانسة على نسخة من الرسالة، ولكم تفاصيلها:
أما بعد
بتاريخ 01 فيفري 2011 صدرت عن وزارة الداخلية والتنمية المحلية برقية أقل ما يمكن وصفها به هو أنها “غريبة” و”مشبوهة” أقيل بمقتضاها وجوبيا عدد من الإطارات الأمنية السامية هم واقعا وعمليا من خيرة إطارات الوزارة ومن أكثرهم معرفة بدواليبها ومن أقدرهم تنظيما للعمل وأتقنهم قيادة وتأطيرا ميدانيين.
العائلة الأمنية دون استثناء قد تختلف بشأنهم من حيث أسلوب العمل أو المزاج أو السلوك غير أنها لم تختلف بشأن كفاءتهم المهنية.
في نفس الفترة طلع السيد فرحات الراجحي وزير الداخلية آنذاك على الرأي العام التونسي عبر إحدى الفضائيات التونسية لينعت الإطارات السامية المذكورة بأنهم فاسدين ومتآمرين وبأنهم عصابة أمنية تتآمر على أمن البلاد وجب التخلص منهم وإبعادهم مصرحا وأنهم تحت المراقبة اللصيقة وداعيا إلى إخضاعهم إلى رقابة شعبية. الصدمة كانت كبيرة والتهم الموجهة للقيادات الأمنية المقالة وجوبا على درجة عالية من الخطورة والدعوة إلى إخضاعهم إلى رقابة شعبية تستبطن تحريضا حقيقيا لاستهدافهم بالتصفية الجسدية مع تعريض محيطهم العائلي إلى خطر الاعتداء والتنكيل في واقع أمني شديد الانفلات والتأزم آنذاك.
وأمام ما تعرضت له من تشهير منظم وممنهج وطرد مقنّع دون وجه حق أي دون دراسة لملفاتهم الشخصية ومقابلتهم من طرف فرحات الراجحي بصفة مباشرة قصد التأكد مما نسبه إليهم من تهم، رأت القيادات الأمنية المعنية التي تمرّست في سلك أمن وطني هو صرح ومدرسة للثبات والصبر والانضباط والتضحية والعطاء والتعود على تحمل الصعاب أن أولوياتها تكمن في النقطتين التاليتين:
تأمين المحيط العائلي والذاتي.
الالتزام بواجب التحفظ والصمت والتريث إلى حين تتضح الوقائع والرؤى.
ان الاتهامات التي كالها فرحات الراجحي للقيادات الأمنية التي أحالها على التقاعد الوجوبي كانت تستوجب بطبيعتها فتح تحقيق قضائي ضدهم. فكان الانتظار. غير أن شيئا من هذا لم يحصل. لماذا؟ لأنه وبكل بساطة لا وجود ل”فاسدين” و”متآمرين” بين القيادات الأمنية المعنية.
هل أخطأ فرحات الراجحي “قائمته”؟ لأنها ستظل “قائمته” فهو وليس شخصا آخر من أمضى أسفلها وحوّلها إلى فعل دنئ. وما لحق العباد الذين تضمنتهم “قائمته” وعائلاتهم من ظلم وضرر مادي ومعنوي سيتحمل فرحات الراجحي مسؤوليته فيه عاجلا وآجلا. على المستوى العاجل سيكون القضاء هو الفيصل عندما تتوفر الظروف والأرضية الملائمة لذلك وأما على المستوى الآجل فلن ننسى ولن نسامح استخفاف فرحات الراجحي واستهانته بحقوق الناس وبأرواحهم وأعراضهم ومصائرهم. إحالة عدد غير قليل من خيرة رجال القيادة الأمنية على التقاعد الوجوبي وحل وتفكيك وتشتيت وإرباك إدارات أمنية مختصة، يعلم العارفون، أن من أهم مهامها ومسؤولياتها أمن الوطن والحدود بطريقة ارتجالية متشنجة ومتسرعة غابت فيها كل رؤية أو تخطيط إصلاحي مدروس الأهداف ومطلوب من كل الأمنيين، يرقى إلى مستوى العبث الإداري الذي يجرّمه القانون. الهدم سهل وقد أبدع فيه الساذج المتطفل، أما البناء فيتطلب طينة أخرى من الرجال. وقد يدفع جهاز الأمن وكل المجتمع التونسي ثمن عبث فرحات الراجحي لسنوات قادمة.
ثمانية عشرة سنة من العمل الأمني اليومي والمضني هي أقل فترة قضاها أفراد القيادة الأمنية المقالة وجوبا في أداء واجبهم، جميعهم متحصلون على أفضل الدرجات والشهائد العلمية والأكاديمية من الجامعات التونسية والأجنبية، اختاروا أنبل وأصعب المهن وتدرجوا وتميّزا في مختلف مواقع المسؤولية التي أسندت إليهم، أغلبهم من المختصين في الأمن العام وفي مهام حفظ النظام ومقاومة الجريمة وفي شرطة الجوار وأمن وسلامة الطرقات وبعضهم من المختصين في مجالات الاستعلام والتكوين المهني الأمني والتنظيم الاداري والأمني. طيلة سنوات عملهم حرصوا ونجحوا في أن يتكون آدائهم المهني محترفا وناجعا ومحققا لمردودية أمنية مواكبة لديناميكية المجتمع ومتفاعلة مع تطلعاته، رغم الواقع السياسي والإداري الضاغط ورغم محدودية الإمكانيات البشرية والمادية الموضوعة تحت قيادتهم. عدد هام من الإطارات والأعوان الذين يجتهدون يوميا الآن بكثير من التضحية وبروح وطنية ونضالية عالية لإعادة الاستقرار والأمن للبلاد والعباد تدربوا وتكونوا وخبروا مهامهم لدى القيادات الأمنية المقالة وجوبيا. شعار القيادات المذكورة هو شعار سلك الأمن الوطني الصدق في القول والإخلاص في العمل خدمة للصالح العام. التجربة الميدانية علّمتهم الكثير ولعل أهم ما علّمتهم هي المعرفة والصبر والإيمان بأن الحق لا يضيع ما دام وراءه همم وعزائهم تعمل على استرداده.
السيد رئيس الجمهورية
مراسالتنا إليكم هي رسالة رجال يعلمون علم اليقين أنهم ظلموا وأنهم أصحاب حق وعليه فهم يطالبونكم بالعمل على ردّ الحق إلى أصحابه فهذا هو واجبكم وهذه هي مسؤولياتكم. نطالبكم بالإذن قصد فتح تحقيق بشأن:
– اولا: الملابسات والظروف التي أفضت على صدور البرقية التي بموجبها تم إحالة الإطارات الأمنية على التقاعد الوجوبي بتعلّة الفساد والتآمر وهي تهم جنائية تستوجب بحثا وتحقيقا لم يفتح بالمرّة مما يجعل برقية ” فرحات الراجحي” برقية تصفية حسابات خسيسية وعملية سطو تبدو مسيّسة على وزارة الداخلية وجب توضيح أطرافها وخلفياتها وأهدافها.
– ثانيا: إصدار بيان يوضح نتائج هذا التحقيق للرأي العام التونسي.
– ثالثا: ردّ الاعتبار إلى الذين تثبت براءتهم من أفراد القائمة المقالة وجوبيا والسماح لمن قد يرغب في العودة إلى عمله في ذلك مع تمكينهم جميعا من التعويض المعنوي المستوجب.
– رابعا: إحالة كل من يثبت تورطه بأي شكل من الأشكال في الفساد أو التآمر على القضاء.
هذه رسالتنا نبلّغها إلي رئيس الجمهورية بشكل مفتوح وهي حجّتنا في طلب حقنا لديكم في الدارين: الدنيا والآخرة. رسالة تهدف إلى أن يرتقي ملف الإطارات الأمنية المقالة وجوبيا في سلم اهتماماتكم عسى أن تكونوا من رفع مظلمة وعمل على تهدئة نفوس غاضبة من ظلم لن يسكت عنه.
أعانكم الله على ردّ الحقوق إلى أصحابها.
العقيد لطفي القلمامي