الأمين العام للاتحاد يمارس ضغوطه قبل أيام من بدء الحوار لثني الرئيس سعيد عن قرار استبعاد الأحزاب والمنظمات منه.
تونس- يحاول الاتحاد العام التونسي للشغل الإيحاء بأنه طرف في الحوار الذي يجهّز الرئيس قيس سعيد لإطلاقه خلال الفترة الماضية، لكن الغموض مازال يحيط به حيث لم يكشف الرئيس الأطراف التي ستشارك في هذا الحوار باستثناء الشباب و”الشعب التونسي”، في حين تتواتر الأنباء بشأن توجه لاستبعاد الأحزاب والمنظمات الوطنية التي شاركت في حوار 2014.
وتقلق هذه الأنباء تلك المنظمات والأحزاب على حد السواء. لكن الاتحاد يستشعر خطورة أن يتم الحوار دون مشاركته، وهو ما يعني إنهاء دوره السياسي الذي تضخم بعد الإطاحة بنظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي.
وأدلى الأمين العام للاتحاد نورالدين الطبوبي بتصريحات تعكس حدة التوتر الذي تعيشه المنظمة؛ حيث عبر في البداية عن أن هذه المنظمة تنوي المشاركة في الحوار، ما أوحى بأنه قد يكون تلقى دعوة من الرئاسة لم يتم الإعلان عنها، لكنه سرعان ما عاد لرفض ما أعلن عنه قيس سعيد مؤكدا أن الاتحاد لن يكون طرفا في حوار على شكل “لجان شعبية”.
وقال الطبوبي إنه “لا مفر من الحوار لتأمين المسار الانتقالي، وإنه لا حوار دون مشاركة الاتحاد”. وأضاف أن “الحوار من ثوابت الاتحاد وتقاليده، والاتحاد منحاز إلى الحوار بشرط وضوح الأهداف والآليات المرتقب اعتمادها ضمن مقاربة توافقية وتشاركية”.
وأردف أن “الحوار الوطني مع الشباب على غاية من الأهمية كآلية لرصد انتظارات هذه الشريحة وأحلامها المؤجلة، على ألا تُستثنى فئات من المجتمع من هذا الحوار وأن يكون الاتحاد شريكا فاعلا فيه”.
وتابع “يجب ألّا يحيلنا الحوار إلى بعض التجارب على غرار اللجان الشعبية (تجربة اشتراكية كان معمولا بها في ليبيا سابقا)، وأنه لا مفر من الحوار لتأمين المسار الانتقالي وتشريك جميع الأطراف فيه”. ولفت إلى أنه “ليس في مواجهة مع رئيس البلاد”، لكنه يختلف معه في “بعض التوجهات والأفكار”.
وينظر مراقبون لهذه التصريحات على أنها نوع من الضغط من قبل الاتحاد قبل أيام من بدء الحوار لثني الرئيس سعيد عن قرار استبعاد الأحزاب والمنظمات منه. ويبدو الاتحاد كما لو أنه يقود حملة الضغط السياسية ضد الرئيس معولا على وزنه وقدرته على حشد النقابات ضد الحكومة الجديدة بقيادة نجلاء بودن.
ودعا الطبوبي إلى وجوب أن يكون للأحزاب دور في العملية الديمقراطية، وتساءل في تجمع عمالي ونقابي للمنظمة “ما هو الخيار السياسي الذي سنسلكه؟ وما هو دور الأحزاب؟ كثيرون بدأوا بجلد الأحزاب. لا توجد ديمقراطية في العالم تبنى دون أحزاب”. وتابع الأمين العام للاتحاد قائلا “محاسبة الأحزاب تكون عبر صناديق الاقتراع في الانتخابات. إرادة الشعب هي من ستسقط هذا الطرف وتعطي الثقة للطرف الآخر”.
وفي محاولة للظهور في صورة مختلفة عن المعارضين لقيس سعيد، وخاصة حركة النهضة والأحزاب التي تدور في فلكها منذ 2011، ذكّر الطبوبي بموقف الاتحاد العام التونسي للشغل الرافض للعودة إلى منظومة ما قبل الخامس والعشرين من يوليو، لافتا إلى أن العودة إلى التجربة النيابية تفرض إجراء إصلاحات تشريعية تشمل تنقيح قانون الأحزاب والجمعيات وتغيير القانون الانتخابي.
وكان الرئيس سعيد أعلن قبل يومين عن خططه لإطلاق حوار وطني حول الإصلاحات السياسية، لطالما نادى به شركاء تونس في الخارج، ملمحا إلى أنه لن يشمل الأحزاب والمنظمات الوطنية.
وقال قيس سعيد سيتم “إطلاق حوار وطني صادق ونزيه، يشارك فيه الشباب في كامل التراب التونسي ومختلف تماما عن التجارب السابقة ويتطرّق إلى عدّة مواضيع، من بينها النظامان السياسي والانتخابي في تونس”، مبينا أن هذا الحوار “لن يشمل كلّ من استولى على أموال الشعب أو من باع ذمّته إلى الخارج”. وأوضح أن هذا الحوار “سيتم في إطار سقف زمني متفق عليه وضمن آليات وصيغ وتصورات جديدة تُفضي إلى بلورة مقترحات تأليفية في إطار مؤتمر وطني”.
ويدور الحديث بشأن حوار وطني على منصات رقمية يستهدف “الشعب والشباب” أو حملات تفسيرية يشبهها معارضوه بـ”اللجان الشعبية” المستوحاة من نظام حكم العقيد الراحل معمر القذافي في ليبيا، ويقودها متطوعون لشرح أفكار الرئيس سعيد.