في مثل هذا اليوم، 1 جانفي 1894، ولد خميس ترنان، الذي سيصبح لاحقًا أحد أعمدة الموسيقى التونسية المعاصرة، في مدينة بنزرت. ينتمي ترنان إلى عائلة أندلسية مهاجرة استقرت في تونس قادمة من الجزائر، وكانت تُعرف بلقب "الزاوي" قبل أن تشتهر بلقب "ترنان" الذي أصبح علامة فارقة في عالم الموسيقى.
مقالات ذات صلة:
نور شاشية: الموسيقى غيّرت قناعاتي وصقلت شخصيتي
افتتاح مهرجان الموسيقى العربية: لطفي بوشناق ولينا شاماميان يوجهان تحية للشعوب المقهورة
وائل جسار يعتذر عن مهرجان الموسيقى العربية تضامنًا مع لبنان في ظل الهجوم الإسرائيلي
البدايات: صوت الهمزية وألحان الكتّاب
بدأ ترنان رحلته الفنية من الكتّاب، حيث حفظ القرآن الكريم وبرزت موهبته الصوتية في إنشاد القصائد الصوفية مثل "الهمزية" و**"البردة"** للإمام البصيري. جذب صوته العذب انتباه المؤدبين وجمعيات الإنشاد الصوفي مثل "السلامية" و**"المولدية"** و**"القادرية"**، مما دفعه للمشاركة في حفلاتهم بمقام سيدي المسطاري.
من بنزرت إلى العاصمة: ميلاد نجم
في عام 1917، انتقل ترنان إلى العاصمة لأداء الخدمة العسكرية خلال الحرب العالمية الأولى. لكن موهبته الموسيقية كانت جواز عبوره للشهرة، حيث أحيا أولى حفلاته بمقهى باب الجزيرة، ما لفت أنظار الناصر باي الذي تدخّل لإعفائه من الخدمة العسكرية.
استقر ترنان في العاصمة وتعلم عزف العود على يد الشيخ أحمد الطويلي، حتى أصبح أحد أبرز العازفين. أسس فرقته الموسيقية الخاصة وساهم في إثراء الحفلات في مقهى "المرابط" وسوق الترك، حيث زادت شعبيته.
الرحلات والعالمية
لم تقتصر شهرة ترنان على تونس فقط، فقد أحيا حفلات في فرنسا وألمانيا والجزائر، وكان عضوًا بارزًا في الوفد التونسي المشارك في المؤتمر الأول للموسيقى العربية بالقاهرة.
الرشيدية وبصمة خالدة
عام 1934، كان خميس ترنان من مؤسسي جمعية الرشيدية، التي لعبت دورًا محوريًا في الحفاظ على التراث الموسيقي التونسي. برزت أعماله التي جمعت بين الموشحات والقصائد، وأنتجت أغاني خالدة مثل:
"يا لايمي يزيني" (كلمات علي الدوعاجي).
"من رنة العيدان".
"يا زهرة غضت وضاع أريجها".
أغاني عاطفية مثل: "شرع الحب" و**"يا اللي بعدك ضيع فكري"**.
النهاية ورثاء فنان عظيم
في 31 أكتوبر 1964، رحل الشيخ خميس ترنان عن عمر يناهز 70 عامًا، تاركًا خلفه إرثًا موسيقيًا خالداً يمثّل جزءًا من الهوية الثقافية التونسية.
خميس ترنان لم يكن مجرد فنان، بل كان أيقونة حملت أصوات بنزرت إلى آفاق العالمية، وكتب تاريخًا موسيقيًا سيظل نابضًا في وجدان كل تونسي.