قرار الإحالة على المجلس الجناحي للتحقيق يأتي بعد ثبوت ضلوع الحركة الإسلامية في إبرام عقد استشهار لتمويل حملتها الانتخابية التشريعية في 2019.
تونس - أعلن القضاء التونسي، مساء الجمعة، إحالة حركة النهضة الإسلامية في شخص ممثلها القانوني (لم يسمه)، للتحقيق في القضية المعروفة إعلاميا بـ"اللوبيينغ"، وهي جريمة يعاقب عليها القانون.
وأفاد بيان صادر عن مكتب الاتصال بالمحكمة الابتدائية في العاصمة تونس، بأن ممثل الحركة "وأحد من ثبت ضلوعه في إبرام عقد الاستشهار من قياداتها"، أحيل على مجلسها الجناحي للتحقيق.
وأضاف البيان "ختمت الأبحاث في القضية التحقيقية المنشورة بالقطب القضائي الاقتصادي والمالي والمتعلقة بتمويل الحملة الانتخابية التشريعية لسنة 2019، والمعروفة بقضية (اللوبيينغ)".
ولم يذكر البيان تفاصيل أكثر حول التحقيق أو الممثل القانوني للحركة، التي لم يصدر عنها أي تعليق فوري حوله.
وفي هذا السياق، أشار المحامي منير بن صالحة، ممثل عدد من الجمعيات المتابعة لقضية التمويل الأجنبي التي أثارتها النيابة العمومية في حقّ حركة النهضة، عبر حسابه على فيسبوك إلى أنّه "تمّ وفق قرار ختم البحث الصادر عن قاضي التحقيق، إحالة الحركة في شخص ممثلها القانوني راشد بن محمد بن ناس خريجي المعروف براشد الغنوشي وصهره القيادي بالحركة رفيق عبدالسلام بوشلاكة، إلى المجلس الجناحي بالقطب القضائي الاقتصادي والمالي، بتهمة ارتكاب الحركة جريمة قبول تمويل سياسي مباشر من جهة أجنبية".
ويرى مراقبون أن إحالة حركة النهضة على القضاء بقدر ما لها من آثار سلبية على مستقبلها السياسي في البلاد، بقدر ما لها من بعد قضائي وقانوني، خاصة بعد إرساء المجلس الأعلى للقضاء المؤقت، وإبعاد القضاة الفاسدين الذين كانوا يتحكمون في القضاء التونسي ويغيرون الأحكام ويتلاعبون بالقضاء ويخفون الملفات والوثائق وفق مصالحهم.
وبدأت التحقيقات القضائية مع حركة النهضة الإسلامية بشبهة الحصول على تمويل أجنبي خلال الانتخابات، منذ أشهر، بعدما تم الكشف عن عقود "اللوبيينغ" أو جماعات الضغط، أبرمتها الحركة مع شركات أجنبية، للقيام بحملات لصالحها بغرض تحسين صورتها والتلاعب بالرأي العام، وذلك اعتمادا على ما كشفه التقرير الختامي لدائرة المحاسبات حول نتائج مراقبة تمويل الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها والانتخابات التشريعية لسنة 2019.
وكشف الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية في تونس والقطب القضائي الاقتصادي والمالي محسن الدالي في 14 جويلية الماضي أنه تم توجيه هذه التهم بعد استيفاء الأبحاث الأولية.
وأضاف الدالي آنذاك، أن التحقيق يشمل كلا من حزبي النهضة و"قلب تونس" وجمعية "عيش تونسي".
وكان أحد قضاة التحقيق تحول في 25 أكتوبر الماضي إلى المقر المركزي لحركة النهضة وتولى مصادرة "الخادم" (قاعدة بيانات)، لنقل محتواه وإجراء الاختبارات الفنية اللازمة، وذلك في إطار التحقيق في هذه القضية التي رفعها ضدها السياسي والوزير الأسبق محمد عبو.
وكشفت هذه الأبحاث وجود شبهة اتصال بين حركة النهضة وشركة "اللوبيينغ" باستعمال بريد إلكتروني تابع للحركة، كما اتضح أن الحساب الإلكتروني المذكور تابع لمشغل تونسي.
وفي تقريرها العام حول نتائج مراقبة تمويل الحملات الدعائية للانتخابات الرئاسية السابقة والتشريعية لسنة 2019، رصدت محكمة المحاسبات أن حركة النّهضة "تعاقدت في 2014 مع شركة الدعاية والضغط BCW الأميركية لمدّة 4 سنوات بمبلغ قدره 285 ألف دولار".
وتمّ تجديد هذا العقد من السادس عشر من جويلية 2019 إلى السابع عشر من ديسمبر من نفس العام، بمبلغ قدره 187 ألف دولار، وهو ما اعتبرته المحكمة "شبهة تمويل أجنبي" بنص الفصل 163 من القانون الانتخابي.
وفي أوت الماضي، نفت حركة النهضة صحة تقارير إعلامية، تفيد بتوقيعها عقدا بقيمة 30 ألف دولار مع شركة دعاية أميركية لـ"تجميل" صورتها في الخارج.
وركزت النهضة في دفاعها أمام الاتهامات على أنها "تخضع لإجراءات القانون التونسي وحساباتها وعقودها تتم مراقبتها من قبل محكمة المحاسبات" وأن "النهضة لم تقم بأي تحويلات مالية إلى الخارج، ولم تتلق أي تحويلات أو تمويلات مالية من الخارج".
لكن بيانات الحركة الرسمية لم توضح طبيعة علاقة الحركة كحزب تونسي بالشركة البريطانية المسجلة باسمها والتي أبرمت عقد العلاقات العامة مع الشركة الأميركية.
ويحظر القانون التونسي على الأحزاب السياسية قبول تمويل مباشر أو غير مباشر صادر عن أي جهة أجنبية ويمنع حيازة أموال بالخارج، ويعتبر أن البحث عن دعم أجنبي جريمة.