يعتبر المهرجان الوطني للمسرح التونسي في دورته التأسيسية فعالية فنية بارزة، حيث يظهر نجاحه على مستويات متعددة ويفتح الباب أمام التفاؤل بإمكانية تكرار هذا النجاح في الدورات القادمة. يبرز أحد أبرز علامات نجاح هذه الدورة في استقطاب الشباب لمشاهدة مجموعة متنوعة من العروض والمسرحيات، حيث شهدت المشاركة الفعّالة للشباب في عرض أعمالهم، متجاوزين الأسماء التقليدية والمألوفة. يتسلل جيل جديد بقوة إلى المشهد المسرحي، ملوحاً بإمكانية تحول كبير في الساحة الفنية التونسية.
من المهم أن نلاحظ تراجع المسرح التونسي في الفترة الأخيرة، وتدهور الدورات السابقة لأيام قرطاج المسرحية إلى حد يستدعي إعادة النظر في تكرارها. يتطلب الأمر تقديم نقد ذاتي حاد، خاصةً مع توفر موارد جديدة للمسرح والمسرحيين في السنوات الأخيرة، مثل مراكز الفنون الدرامية والركحية، وقطب المسرح، وفعاليات أيام قرطاج المسرحية التي تنعقد مرة في السنة.
تأتي بروز الشباب كأحد أبرز جوانب النجاح في الدورة التأسيسية، حيث أظهروا استعدادهم لتحمل المسؤولية وابتكار أفكار جديدة. كما شهدنا تراجع الأسماء السائدة في المجال، التي كانت تسيطر على المشهد لسنوات طويلة. هذا النقلة الجديدة أضفت روحًا جديدة للمسرح، مع تدفق دماء جديدة تجدد حيوية هذا الفن الذي كاد يفقد بصيص حياة.
من الجوانب الأخرى، يبرز التعاون مع القطاع الخاص، وتحديداً مع مؤسسات عبد الوهاب بن عياد، كمحفز إيجابي للمهرجان. يسهم هذا التعاون في تخفيف عبء الدولة في تمويل وتوزيع المسرحيات وتكريم الأعمال الفائزة. يعتبر دخول القطاع الخاص خطوة هامة، حيث يمكن أن يقلل من الاعتماد على الدعم الحكومي، ويشجع على تنويع مصادر التمويل. ومع ذلك، يجب أيضًا أن يتصالح الجمهور مع المسرح، وأن يستمر في دعم الفعاليات الفنية، حيث يلعب دوراً حاسماً في استمرار نجاح المسرح التونسي.
في الختام، يمثل مهرجان المسرح التونسي فرصة ذهبية لتحفيز الابتكار وتجديد المشهد الفني، مع الحاجة الملحة للتفاعل الإيجابي مع هذه الفعاليات وتعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص.